لماذا قبل إقرار الغرامات لا ترتدى فئات كثيرة من شعبنا الكمامات الطبية رغم التنبيهات التى لا تتوقف فى وسائل الإعلام؟ هل هو عدم المقدرة؟ إذاً لماذا لا يرتديها القادرون؟ ولماذا ينفق غير القادرين ما معهم من أموال على كروت شحن المحمول، التى تذهب فى الأول والأخير فى الثرثرة غير المفيدة مع الأصدقاء والأهل وخلافه؟ أو حتى فى الثرثرة المفيدة، لكن تبقى الصحة هى الأهم والأولى بالإنفاق عليها!
وتبقى الأسئلة: لماذا يتجمّع الكثيرون عقب الحظر اليومى فى مجموعات بشرية فى الشوارع والحوارى الجانبية، خلافاً لكل التنبيهات عن التباعد الاجتماعى بلا كمامات وبلا مطهرات؟! ولماذا يلقون بأيديهم إلى التهلكة فى بعض وسائل المواصلات، لتوفير دقائق معدودات، فيحشرون أنفسهم فى زحام لا يُطاق من غير وجود الـ«كورونا»، دون أيضاً أى احتياطات كافية أو غير كافية، إذ تبدو الأمور بالعين المباشرة مؤسفة، والأجساد تتلاصق بلا كمامات ولا أى إجراءات احترازية أخرى؟!
وتبقى الأسئلة: لماذا لا يلتزم الكثيرون بالتعليمات حتى العادية منها عند السعال فى الشارع أو المنزل أو العطس فى الشارع أو المنزل أو فى العمل وغيرها؟ ولا يكلف الأمر إلا منديلاً ورقياً بسيطاً أو أى طريقة أخرى؟ وهى التزامات من المفترض أنها طبيعية بوجود «كورونا» أو من دون؟!
وتبقى الأسئلة: ما الذى يدفع البعض للاستعجال فى إنهاء مطالبه من وفى بعض المؤسسات كالبريد والبنوك ومصالح أخرى بل وفى الحصول على الأدوية من الصيدليات، أو عند دفع الحساب فى المحال التجارية، أو عند سحب أموال من الماكينات الآلية، رغم أن النظام هو الإجراء الأسرع والأهم، لأنه الإجراء الآمن، ولا يحتاج الأمر فى كل الأمثلة السابقة إلا إلى النظام والالتزام بالدور وترك مساحة المتر بين المواطن وأخيه المواطن؟!
وتبقى الأسئلة: لماذا لا نرى صالون حلاقة واحداً يرتدى العاملون به كمامات أو على واجهته إعلان يقول «هنا نؤدى خدماتنا بالضمانات الصحية الكاملة»، بما يطمئن الناس، وبما يجعل عمل هذه المحال مستمراً؟!
الأمثلة كثيرة والإجابة عن الأسئلة طويلة.. بعضها تاريخى مرتبط بما جرى من تدهور شامل خلال السنوات الأربعين السابقة، والتعليم فى القلب.. والثقة بين المواطن وإعلامه الوطنى أثرت به وعليه أمور كثيرة.. مع موجات معادية تستهدف التسطيح والاتكال والابتعاد عن المنهج العلمى فى تناول الأمور والاعتماد عليه.. باختصار هى أزمة وعى.. تتكامل بكل أسف مع أزمة الوعى السياسى الذى يسمح بتأثير الإشاعة والإعلام الإلكترونى المعادى بجميع ألاعيبه التى تتطور كل يوم!
لسنا هنا فى مجال بحث ما سبق ولا طرح حلول له.. تحدّثنا عن ذلك مرات سابقة قبل ظهور «كورونا»، وإنما نحن بصدد مناقشة سُبل النجاة من تحدى الفيروس الخطير.. إذ لفت النظر بدء تراجع وانحسار المرض والسيطرة عليه فى أغلب دول العالم حتى التى شهدت انفلاتاً كبيراً فى انفجاره بلغ فيها حداً خطيراً جداً.. بينما عندنا وقد كان محدوداً فى البداية، فإننا نسير فى اتجاه عكسى!
الآن ماذا نفعل؟ ارتفاع وتيرة انتشار المرض بات لافتاً.. حتى للفئات المستهترة.. الانضباط بالإلزام بارتداء الكمامة، وإلا التعرّض للغرامة صدر.. وهذا إجراء مهم جداً يتطلب معه رقابة شديدة على مصانع ومنافذ بيع الكمامات وإلزامها بالسعر ودخول الدولة نفسها بمؤسساتها على خط الإنتاج والتوزيع.. لكن يبقى القول وبكل صراحة أن ذلك ليس كافياً.. ارتداء الكمامات لن يكون مع حالة الوعى السابق الإشارة إليها محل انضباط فى الأماكن الشعبية، ولا فى الشوارع الجانبية، فى الأحياء الراقية، ولا فى الريف كله، ولا بين الأسر الواحدة والعائلات، بل ولن يكون محل انضباط فى كثير من الأماكن التى ستشهد تساهلاً فى التطبيق، مثله مثل المرور وعقوباته!
الحل أن يتم ذلك جبراً.. الحل أن يستمر الحظر الشامل فترة أطول من فترة العيد.. الحل أن يشعر الناس بالخطر ويتعاملوا مع الأمور بجدية، خصوصاً فى أوقات غير أوقات العيد ينتظرون فيها قضاء مصالحهم.. أسبوع إضافى قد يكون حلاً ضرورياً يحد من الانتشار المتزايد للمرض ويسمح بالتقاط الأنفاس فى القطاع الطبى الذى سيوفر له الأسبوع الإضافى المطلوب لترتيب صفوفه وإنجاز ما لا يستطيعون إنجازه فى ظل زيادات يومية، كما سيسهم ذلك فى تقليل الأعداد المصابة يومياً وعلى مدار أسبوعين أو على الأقل ستسهم فى تقليلها بعد انتهاء الأسبوعين.. وهذا كله مطلوب وبقوة قبل فتح المجال واسعاً للتعايش مع كورونا وعودة الحياة إلى طبيعتها.. بل نراه الحل الأسرع الذى سيسهم فى ضبط حركة المرض، وبالتالى القدرة الأكبر على فتح أبواب العمل والإنتاج.. أمامنا مهام كبيرة يجب إنجازها، حيث كنا فى سباق مع الزمن قبل كورونا لتعويض مصر عما فاتها.. كما أننا أمام فرصة تاريخية لا ينبغى التفريط فيها فى الاعتماد على المنتج المحلى بديلاً للمنتج الأجنبى.. وتوفير فرص الاعتماد عليه وتسويقه فى ظل مصاعب وجود السلع المستوردة الآن.. وهى فرصة كبيرة لإيجاد بدائل للمواد الخام التى تدخل فى تصنيع بعض المنتجات.. وهى فرصة لمزيد من زراعات الحبوب والزراعات المهمة المفيدة، التى يتم اللجوء إليها فى حال إغلاق العالم أمام العالم، كما حدث مع أزمة كورونا، بحيث يمكننا الاستغناء عن العالم كله إذا حدثت ظروف مشابهة، أو تطور الفيروس لا قدر الله إلى ما هو أخطر.. تماماً كما هى الفرصة لإحداث تطور كبير فى سلوكيات الكثيرين ونقل الوعى الطبى والصحى إلى مستويات أكبر.. بحيث نخرج من الأزمة أفضل مما كنا..
أسبوع إضافى يريح الكل.. وسيمر وسيتحمله الناس لإدراكهم أو لاقتناعهم بأنه أسهل طريق لفتح البلد وعودة الحياة إلى طبيعتها!