الأبيدي: من داوم على شكر الله كان له مثل أجر الصائم الصابر
وزارة الأوقاف
قال الشيخ محمود الأبيدي إمام وخطيب بوزارة الأوقاف، إن فضيلة الشكر من أسمى الفضائل وأعظمها قدرا، ومن عظيم منن الله تعالى على الصفوة من عباده، ما اختصهم به من كريم السجايا وجميل الصفات، التي عظمت بها أقدارهم، وسمت بها منازلهم، وارتفعت بها درجاتهم عند ربهم، وإن من أجل هذه الصفات قدرا وأعظمها أثرا صفة الشكر، الذي هو ظهور أثر نعمة الله على لسان عبده ثناء واعترافا، وعلى قلبه محبة وشهودا، وعلى جوارحه طاعة وانقيادا.
وأشار في كلمته بملتقى الفكر الاسلامي، إلى أن شكر الله تعالى لا يكون باللسان فحسب، بل شكره باللسان، والقلب، والجوارح، والعمل، فشكر اللسان: يكون بذكر نعم الله تعالى وفضائله، وكثرة حمده عليها، والوفاء بحقها، قال تعالى: {وأما بنعمة ربك فحدث}، وقال سبحانه: {اعملوا آل داوود شكرا وقليل من عبادي الشكور}، وشكر القلب: يكون باعتقاد العبد أنه منعم عليه من الله (عز وجل)، وورد أن سيدنا موسى (عليه السلام) قال: (إلهي كيف أشكرك وأصغر نعمة وضعتها عندي من نعمك لا يجازي بها عملي كله).
قال: فأوحى الله تعالى إليه (يا موسى الآن شكرتني)، وشكر الجوارح: يكون بترك المعاصي والذنوب، موضحا أن للشكر ثمرات كثيرة، منها:
حفظ النعم من الزوال، ولقد ضرب لنا الحق سبحانه وتعالى مثلا بقرية زالت نعمها، لعدم الشكر عليها، فقال سبحانه: {وضرب الله مثلا قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون* ولقد جاءهم رسول منهم فكذبوه فأخذهم العذاب وهم ظالمون* فكلوا مما رزقكم الله حلالا طيبا واشكروا نعمت الله إن كنتم إياه تعبدون}.
والشكر سبب بقاء النعمة والحفاظ عليها، ومنها: أن الشكر يعود بالخير على الشاكر نفسه، فلا يقع نفع الشكر، ولا ضرر الكفران على الله تعالى، وإنما النفع يقع على الشاكر نفسه، وضرر الكفران يقع على الجاحد نفسه، قال سبحانه: (ولقد آتينا لقمان الحكمة أن اشكر لله ومن يشكر فإنما يشكر لنفسه ومن كفر فإن الله غني حميد).
وفي ختام كلمته، أكد أن من داوم على شكر الله (عز وجل) كان له مثل أجر الصائم الصابر، كما أخبرنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، ومعلوم أن أجرهما لا يعلمه إلا الله، قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): (إن للطاعم الشاكر من الأجر مثل ما للصائم الصابر )، وصدق الله العظيم حيث قال: {وسيجزي الله الشاكرين}، مشيرا إلى أن من كمال شكر الله تعالى، الشكر لكل من أسدى إلينا معروفا، فهو من باب شكر الله تعالى، حيث يقول (صلى الله عليه وسلم): (لا يشكر الله من لا يشكر الناس)، والحق سبحانه وتعالى يقول: {هل جزاء الإحسان إلا الإحسان}، فينبغي للعبد أن يكون شاكرا لله (عز وجل) على نعمه، ويتحدث بها، ويستعملها في مرضاته سبحانه، وخدمة وطنه وأمته.