- رغم كل الظروف الصعبة التى مرت ببلادنا والعالم مضى رمضان كما جاء رفيقاً رقيقاً طيباً حنوناً ودوداً رحيماً بالناس شفوقاً عليهم.
- لقد كان شهر رمضان مختلفاً هذا العام تغيرت فيه بسبب كورونا كل نواميسه وقوانينه التى عرفناها.
- أُغلقت المساجد وتوقفت أهم ظاهرة إيمانية رمضانية وهى التراويح، التى كان يشق الدعاء الحار عنان السماء، توقف الاعتكاف وموائد الرحمن، ورغم ذلك لم تتوقف عبادة الله ولا طاعته ولا قيام الليل، فأهل القيام لا يطيقون فراق محبوبهم الأعظم، فصاروا أكثر خلوة بربهم، وكلهم ختموا القرآن مرات وبعض الأسر اجتمعوا على قيام الليل، وبعضهم سجل صلاته مع زوجته وأولاده على مواقع التواصل بصوته العذب، وبعضهم جمع أسرته يومياً على درس تربوى قصير.
- كلهم عاش مع مراد الله، أراد منهم ربهم أن يعبدوه ويصلوا له فى البيت ففعلوا ذلك محبين، الله قدر إغلاق المساجد، وإغلاق الحرم، وإغلاق المسجد النبوى، ووقف الطواف حول الكعبة والاعتكاف فى الحرم وغيره، لا اعتراض على حكمه.
- لله فى ذلك حكم لعلها أكبر من تفكيرنا أو سنعلم بعضها بعد حين، هذا بلاء حقاً، ولكن لا بد له من حكمة عالية، ولابد أن ندور مع مراد الله إن أردنا أن نعبده فى البيت عبدناه، ونقوم الليل مع أسرنا فقط أطعناه.
- توقفت رحلات العمرة ولها حكم ربانية يعلمها الله ولكن عليك أن تعيش مع مراد الله فلا تتوقف عن الطاعة، فنبذل هذا المال للفقراء والمساكين الذين ازدادوا فقراً مع جائحة كورونا، توقفت موائد الرحمن ولكن خلق الإحسان لن يتوقف، فكل أصحاب الموائد وزعوا الطعام فى كراتين للفقراء والمساكين.
- علة العبادة ليست فى شكلها ولا فى مكانها ولا فى طريقتها، ولكن فى تقوى القلوب، ومراقبة الخالق سبحانه «لَن يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِن يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنكُمْ»، توقفت المقاهى والخيم الرمضانية وكان هذا خيراً على الكثيرين، الذين استغلوا أوقاتهم فى تواصل أعمق وأقوى مع أسرهم وأهليهم، أعرف أسراً زادها هذا الشهر تواصلاً وتراحماً وصلاة، لم يصلوا معاً قبل ذلك ولكنهم صلوا الشهر كله معاً، وعاشوا أوقاتاً جميلة من الدفء الأسرى الذى افتقدوه طويلاً، رغم الحر الشديد فى آخر الأيام إلا أن جميع المرضى وكبار السن رفضوا الإفطار.
- انطلقت الدعوات الحارة تدعو للشهيد المنسى فى ليلة القدر بعد أن شاهدوا استبساله واستشهاده وكأنه يحدث حقيقة أمامهم، وكأن الله أراد تخليد ذكراه وأن يدعو الملايين له فى أعظم الليالى أكثر مما دعوا له يوم استشهاده الحقيقى، ما أغلى الشهادة، إنها تختار أهلها، إنه الاصطفاء الأعظم من الله وهى الدرجة التى تتلو النبيين والصديقين.
- ما أجمل لحظات هذا البطل الأسطورى الذى عشنا معه أياماً جميلة كالحلم فعشقته قلوبنا وأحببنا سيرته وزملاءه، ولعل سيرته هى التى غطت على المسلسلات الهابطة والتافهة الأخرى.
- رغم كثرة الفقراء والمحتاجين الذين زادتهم كورونا فقراً وعوزاً إلا أن أنهار الخير فى مصر غمرت الجميع، فكل رجال الأعمال وزعوا آلاف الكراتين على الفقراء، ومؤسسة العربى الخيرية تكفلت بحاجات العيد ورمضان لآلاف الأيتام، ومصر الخير وحدها وزعت 4٫8 مليون وجبة طعام، والأورمان تكفلت بـ500 قرية فقيرة كفالة كاملة، وجمعية رسالة فعلت مثلها وسدت حاجات آلاف المحتاجين، أما الجيش فوزع عشرات الآلاف من كراتين الطعام فى المناطق الفقيرة، ولم يبت أحد فى مصر جائعاً.
- الله الكريم وشهر رمضان كريم وعباد الله الكرماء لا حصر لهم ولا يمكن مع هذه الثلاثية الكريمة أن يبقى جائع أو عريان فى مصر.
- إنه نهر الحب الذى ينبض فى مصر، ولن يجف أبداً، ولولا الحب ما صفت الحياة، ولولا الحب والرحمة ما تعاطف الناس وتكاتفوا، الصيام حب للمحبوب الأعظم، والقيام هيام وقرب من الإله الأعظم، وبهذا الحب النابض للمحبوب الأعظم تستيقظ وتنشط كل المحاب، حتى يحب العبد الكون كله، وحتى يتمنى أن يكون ثمرة تؤكل لتسعد الآخرين أو دواء يشفى المرضى، أو مالاً يغنى به البشرية كلها من فقرها وحاجتها، أو كلمة طيبة تشفى جراحات القلوب وتصلح بين الناس.
- رمضان مضى بنا رغم وباء الكورونا بالحب والرحمة والتعاطف، والعيد كان وسيكون أبداً سعيداً بالحب الكبير الذى يملأ قلوبنا فيرحم بعضنا بعضاً ويهفو بعضنا لبعض.
- الحب إحسان وفضل، والكراهية ظلم وجور، لولا الحب والرحمة لهلك الكثيرون فى شهر رمضان وجاعوا وافتضحوا، ولكن هيهات أن يحدث ذلك، فمصر فى أمان إلى يوم القيامة، كل عام وأنتم بخير، وتقبل الله منا ومنكم.