فى النصف الثانى من عام ٢٠٢٠ يبدو النظام العالمى الضخم مترنحاً بأبعاده السياسية والاقتصادية والثقافية وآلياته المنظمة عالمياً وقوانينه واتفاقياته بعد أقل من ٢٠ عاماً من ترسخه مع بداية القرن الـ٢١.. استطاع من لعبوا بفيروس كورونا وضخموه ونشروه وضربوا به كل قطاعات الحياة طوال ستة أشهر مضت أن ينشروا الأنانية والانتهازية وكراهية الآخر والإنسانية كلها والبحث عن طريق للنجاة ولو على حساب الأهل والأصدقاء وكبار السن والقيم الإنسانية الراقية.. وربما يستمر التلاعب بالفيروس لشهور طويلة قادمة فى إطار جنون بعض قادة العالم الذين تحولوا إلى آلهة يريدون السيطرة على الأرض وأعداد البشر والموارد لصالح رفاهيتهم وأحلامهم المجنونة. نرى الأمم المتحدة عاجزة تماماً ومنظمة الصحة العالمية مخترقة بالمصالح المدمرة للبشر ومؤسسات حقوق الإنسان ماتت ومحكمة العدل الدولية مسجونة.. والاتحاد الأوروبى يشتعل بالصراعات والاتحاد الآسيوى فى مرمى نيران الغرب والناتو مفتت والاتحاد الأفريقى صامت والجامعة العربية مشلولة.. وقد أضحت كل المؤسسات الدولية الحامية للأمن والسلم العالمى طوال الـ٧٠ عاماً الماضية فى مهب الريح مجرد هياكل وظيفية دون فعل يذكر.. ويبدو أن مآسى كورونا قد ضربت بقوة نظام العولمة الذى قام على مبادئ المصير الواحد للإنسانية والذى يتطلب حرص البشر على استقرار السلام والأمن للإنسانية وفق تعميم الديمقراطية والتعاون وحماية حقوق الإنسان والبيئة والصحة والتنمية البشرية المستدامة.. ومع ضرب العولمة التى لم تثبت قدرتها فى التعامل مع الصراع المتنامى بقوة فى عالم ما بعد كورونا ستنمو بقوة مقومات العودة لسيطرة مصالح الدولة القومية والأفكار الديكتاتورية وجشع رأس المال وخرق القانون الدولى واستباحة خصوصية وحياة البشر الأضعف لصالح القلة من البشر الأقوى تسليحاً مع اشتعال حروب داخلية وخارجية بالجملة.. إن أمام شعوب وحكومات الدول الأضعف فى العالم طريقاً واحداً لمواجهة هذا التحول الحاد فى مسيرة النظام العالمى، يتمثل فى تقييم سريع للموقف الدولى ووضع خطط وسيناريوهات بديلة تحافظ على مصالح الدولة والمواطن، وتعتمد بصفة أساسية على قدرات وإمكانيات الدولة وتعالج كل أسباب الصراع الداخلى فيها بحسم لخلق تماسك اجتماعى صلب وموحد ويشارك فى قوته كل فئات المجتمع.. كما نتوقع أن تصطدم قوى الشر الساعية للسيطرة على العالم بحالات مقاومة ضخمة ومتعددة من البشر، وبخاصة المواطنون فى الدول الكبرى فى العالم ضد قوى الشر الذين تلاعبوا بكورونا على خلفية الثأر ممن تلاعب بمستقبل وحياة المواطنين.
ندعو الله للبشرية بالخير.. والله غالب.