مع الشروع فى التخفف من الإجراءات الاحترازية وانطلاق رحلة عودة الحياة إلى طبيعتها بشكل تدريجى فى العديد من دول العالم سيصبح كل إنسان «طبيب نفسه»، خصوصاً داخل وسائل النقل العام. ففى إطار سيل الدراسات التى صدرت أخيراً حول كيفية انتشار فيروس كورونا نشر موقع «المصرى اليوم» -نقلاً عن سكاى نيوز- نتائج دراسة أجرتها جامعة أوريجون الأمريكية تقول إن جزيئات الفيروس تنتشر بقوة بمجرد التحدث أو التنفس، لكنها لا تصل إلى درجة العطس (تنتشر لمسافة 7 أمتار)، وتشير هذه النتيجة إلى احتمالات انتشار الفيروس عبر وسائل النقل العام، إذا تصادف ووجد بين الركاب من يحمل كورونا. ليست تلك هى الدراسة الأولى فى هذا السياق، فقد سبقتها دراسات أخرى أكدت أن جزيئات الفيروس تنتشر فى الهواء داخل غرف المرضى وفى الممرات وتعلق فى الهواء وفوق الأسطح.
ركاب المترو ومركبات النقل العام داخل العديد من الدول يقدرون بالملايين يومياً. على سبيل المثال تنقل خطوط المترو الثلاثة فى مصر ما يقرب من 2.5 مليون راكب يومياً فى الأيام العادية، ناهيك عمن يستخدمون أوتوبيسات النقل العام والميكروباص والتكاتك وغير ذلك. ارتداء الكمامة فى مثل هذه الأحوال يقلل من مخاطر الإصابة بالمرض، كما أن التباعد الاجتماعى والاحتفاظ بمسافة معقولة بين الركاب (عدة أمتار) يساهم أيضاً فى الوقاية. عملياً من الممكن أن يفرض على كل راكب ارتداء كمامة، لكن الالتزام بقواعد التباعد يبدو خارج السيطرة. وليس هناك خلاف على أن عودة الحياة إلى طبيعتها داخل العديد من دول العالم قد يترافق معها نوع من الالتزام من جانب المواطنين فى البداية، لكن المسألة ليست مضمونة بحال بمرور الوقت. فالغربال الجديد له «شدة»، لكن ما أسهل ما يرتخى ويتراخى مع الوقت. العالم سينزل إلى العمل ويعيد الحياة إلى طبيعتها، رغم عدم انحسار الفيروس، ما يدعم احتمالات اتساع دائرته.
ويعنى ذلك ببساطة أن دول العالم قررت التعامل مع كورونا بأحد طريقين: الطريق الأول يتمثل فى إلزام كل مواطن بأن يكون طبيب نفسه وأن عليه أن يتخذ من الإجراءات الاحترازية ما يقيه خطر الإصابة بالفيروس. الطريق الثانى يتمثل فى العودة إلى نظرية «مناعة القطيع»، انطلاقاً من تجربة الأشهر الماضية مع الفيروس، التى أثبتت أن احتمالات انتشاره عالية، بغض النظر عن كم الإجراءات الاحترازية، وليس أدل على ذلك من إصابة مسئولين كبار فى دول أوروبية بالفيروس، على رأسهم بوريس جونسون رئيس وزراء بريطانيا، والأمير تشارلز ولى عهدها. ولا يستطيع أحد أن يقول إن مثل هذه الشخصيات لا تراعى الإجراءات الاحترازية، لكنها قدرة الفيروس على الانتشار وضرب من قدر له الله تعالى الإصابة به. يدعم هذا التوجه أن نسب الشفاء من الفيروس تقدر فى بعض البلاد بنسبة 80%. كما أن هناك مصابين كثراً لا تظهر عليهم أى أعراض أو تعتريهم أعراض طفيفة للفيروس وتمر. وظنى أن علاج كورونا الذى تتسابق عدة دول نحو الوصول إليه من الممكن الدفع به إلى الأسواق فى ظل هذه الأجواء.