صرخ أحد المواطنين على قناة فضائية قائلاً: «أنا بطالب الريس «مرسى» بتوزيع أرض على شباب الصعيد يزرعوا ويعيشوا.. وبقوله انت مش بتدينا من أرض أبوك.. دى أرضنا»!. أبعد المذيع الميكروفون عن فم المواطن، والتهمه بفمه، وبلهجة غاضبة قال: «إحنا مش عايزين تجريح فى حد.. اتكلم فى الموضوع». المواطن إنسان صعيدى من محافظة أسوان كان يقف ضمن المحتشدين فى ميدان طلعت حرب يوم الجمعة الماضى، للمطالبة بالإفراج عن ضباط «8 أبريل»، والمعتقلين الثوريين فى سجون العسكر. زيّه يشهد أنه صعيدى صميم، إذ كان يرتدى جلباباً فضفاضاً ويعلو رأسه «العمّة» الصعيدية الشهيرة.
لم أجد بصراحة سبباً مقنعاً يدفع بالمذيع إلى التدخل لمقاطعة المواطن، خصوصاً أنه كان يتحدث ببساطة وإيجاز عن حقه وحقوق غيره من المواطنين فى الحياة، والحصول على عمل وسكن وكرامة. فى بداية حديثه قال الرجل الذى يبدو أنه يخطو نحو الستين من العمر، إنه لا يريد شيئاً لنفسه، لكنه يريد من الرئيس أن ينظر إلى شباب الصعيد، ويتدخل لحل مشاكلهم. تحدث الرجل بطلاقة وواقعية يعجز عنها بعض أفراد النخبة، من أصحاب البدل المستوردة ورابطات العنق الشيك. كلام الرجل كان ينطق بالصدق، ولا يرتسم على وجهه خبث ومكر هؤلاء الأشخاص الذين «يطفح» المواطن صورتهم على شاشات التليفزيون ليل نهار، ليتحدثوا له بـ«الإغ» مرة، وبـ«الدقن» مرة، وبـ«الرمش والحاجب» مرة، ويؤدون بطريقة تشبه أداء «الأراجوزات»، بهدف «لمّ» الإعلانات «النقطة» من المواطن!.
لماذا غضب المذيع وحاول أن يلعب دور محامى مرسى؟ مؤكد أنه سبق وسمع فى أحد المساجد الإخوانية أو السلفية أو الجهادية تلك القصة التى ورد فيها: أن رجلاً جاء إلى النبى صلى الله عليه وسلم وقال له: يا محمد أعطنى من مال الله لا من مال أمك وأبيك، وعندما غضب عمر بن الخطاب وهمّ بأخذ الرجل، أمره النبى صلى الله عليه وسلم بالكف عنه، ثم أعطى الرجل من مال الله. هذا هو الموقف وذاك هو النبى صلى الله عليه وسلم. فلماذا غضب المذيع حين قال ذلك الجنوبى لمرسى: «انت مش بتدينا من أرض أبوك»؟. إننى أريد أن أسأل الرئيس «مرسى»: ما موقفك الشخصى مما قاله هذا الرجل؟ لا أريد منك رداً بالطبع، لكننى أريد فقط أن تختبر إحساسك وتحدد هل أغضبك هذا القول أم لا؟ وأنت فى النهاية أدرى بنفسك!. ونصيحة أسرّ بها فى أذن الزملاء المسئولين والعاملين فى قناة «الجزيرة مباشر مصر»: احذروا التحول فى أسلوب العمل، بعد وصول الدكتور مرسى للحكم. فأنتم الآن على طريق استنساخ تجربة قنوات «دوللى» الرسمية المصرية!.