فى ظل هم كورونا، أراد اثنان من الموظفين بإحدى الوحدات المحلية إضحاك المصريين من غير قصد بالطبع، من خلال نكتة كورونية اشتمل عليها خطاب تحذيرى. الخطاب أرسلته إحدى الوحدات المحلية فى محافظة الفيوم إلى المؤسسات الحكومية المختلفة، يبلغ المسئول عن كل مؤسسة بضرورة ارتداء الموظفين لـ«القمامة» -بدلاً من الكمامة- تبعاً لتعليمات الدكتور مصطفى مدبولى رئيس الوزراء. الأرجح أن الكلمة لم ترد فى الخطاب على سبيل الخطأ المطبعى، بل استخدمها كاتبه ظناً منه أن الهجاء الصحيح للكلمة هو «القمامة» وليس الكمامة. اللافت أن عدة أخطاء نحوية ظهرت فى الخطاب أيضاً، لكن يبقى أن عدم الوعى بقواعد النحو مسألة شائعة، أما أن يصل الأمر لدى خريجى مدارس وجامعات، وموظفين فى المحليات، إلى الأخطاء الهجائية، فهذا ما يثير السخرية والرثاء، خصوصاً أن الكلمة حازت دور البطولة فى كل الصحف، وعلى مستوى نشرات التليفزيون على مدار الأشهر السابقة. ومؤكد أن الجميع صافحت كلمة «كمامة» عينيه بطريقة أو بأخرى.
محافظ الفيوم «أحمد الأنصارى» اتخذ قراراً بإعفاء كل من رئيس الوحدة المحلية بقرية المشرك قبلى التابعة لمركز يوسف الصديق، وسكرتير الوحدة المحلية، والموظف المختص عن إعداد الخطابات للجهات ذات الصلة، من مناصبهم، كما نشرت جريدة «الأهرام»، وأكد المعلومة موقع «سكاى نيوز».
«العقاب آلية لعلاج الخطأ»، هذه مسألة لا خلاف عليها، والقرار الذى اتخذه محافظ الفيوم فى محله، لكن علينا أن نعترف أن ما حدث هو جزء من أزمة التعليم فى مصر، التى يتناقلها الجيل تلو الجيل. وما حدث فى «خطاب القمامة» تجد ما هو أكثر منه فى أوراق امتحانات الطلاب، سواء فى المدارس أو الجامعات، وكل من عمل فى مهنة التدريس، وصحّح أوراق إجابات الطلاب يجد فيها أخطاءً لا حصر لها، يستوى فى ذلك طالب الابتدائى مع طالب الجامعة. وكثيراً ما يتم العبور على هذه الأخطاء، رغم خطورة استمرار هذه الظاهرة دون محاسبة.
المسألة فى الأول والآخر مردها إهمال مناهج تعليم اللغة العربية، وهى مسألة لا تتعلق بالمؤسسة التعليمية التى تضطلع بدور مهم فى هذا السياق، بل تتعلق بالمجتمع فى الأساس. المجتمع الذى يتفاخر أولياء الأمور فيه بأنهم يلحقون أبناءهم بمدارس اللغات والمدارس الدولية ويدفعون لهم الشىء الفلانى كل عام، ويتباهى صغاره بأنهم لا يعرفون شيئاً عن اللغة العربية، وبدأ بعضهم يستخدم الحروف اللاتينية محل الحروف العربية فى الكتابة وتبادل الرسائل والشات وخلافه.
ليس هناك خلاف على أهمية اللغات الأجنبية، وضرورتها كجزء من أدوات التعليم والعمل فى العصر الذى نعيش فيه، والاهتمام بها واجب، ليس فقط داخل مدارس اللغات، بل داخل المدارس الحكومية أيضاً، لكن يبقى أن الاهتمام باللغة العربية واجب هو الآخر. زمان كان محمد على مؤسس مصر الحديثة شديد الاهتمام باللغة العربية، وكان يرفض وجود أى أخطاء فى جريدة الوقائع المصرية، وكان ينصح القائمين عليها بوضع صاحب الخطأ فى شوال وإلقائه فى النيل!.