إذا توقف الكائن الحى عن النمو وممارسة الأنشطة الوظيفية الحيوية، كالتنفس والحركة والتفكير وغيرها، مع فقدان القدرة على العودة لمزاولة تلك النشاطات، فيُقال وقتها إن هذا الكائن الحى لم يعد حياً، لأنه ببساطة قد مات.
فى حياتنا العادية، كثيرًا ما نُغالى فى استخدام كلمة الموت، حتى إننا حين نعشق شخصاً ما نقول له «بحبك موت»! بينما الحب هو «القوة السحرية التى تُمكن الإنسان من التعامل مع قضايا الحياة دون الاستعانة بخدمات الموت، كما قال الأديب والسياسى السعودى «غازى القصيبى».. وحين نَصِفُ شغفنا بشىء ما نقول: «هاموت عليه»! ولعل القائل يقصد بذلك: «دونها الموت».
عموماً «كل نفس ذائقة الموت»، «وكل من عليها فان»، فالموت الجسدى هو الحقيقة الوحيدة المطلقة التى لا تقبل الدحض أو المجادلة. ومكان الموت غير معروف «وما تدرى نفس بأى أرض تموت». أما موعده فلا يعلمه إلا الله «فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون»، ومع ذلك قد يضرب الإنسان موعداً مع الموت، حين يقوم بعمل محفوف بالمخاطر. ووسائل الموت عديدة فـ «من لم يمت بالسيف مات بغيره، تعددت الأسباب والموت واحد».
بعض الناس يعيشون حياتهم خائفين من الموت، وهو خوف فى غير محله، فلا داعى للقلق لأنه ضيف سيزورك فى لحظة ما، عليك فقط من التأكد أن بيتك مرتب ونظيف لتستقبله بترحاب متى جاء. وكما قال الإمام على، رضى الله عنه: «لا دار للمرء بعد الموت يسكنها، إلا التى هو قبل الموت بانيها». الموت مرحلة من مراحل الوجود ودورته الدائرة. ورغم غموض وجلال الموت، فإنه أمر قد لا يخلو من غرابة وطرافة فى بعض الأحيان، يحدث ذلك مثلًا فى حالات الموت ضحكاً، وقد سجل التاريخ عدداً منها، مثل تلك الحادثة التى وقعت فى الربع الأول من القرن الثامن عشر، حين توفيت السيدة الإنجليزية «فيتزهربرت» حين كانت تتابع أوبرا «المتسول»، ولم تتمكن من إيقاف ضحكاتها. (يُقال إن العرض كان يوم الأربعاء، واستمرت فى الضحك إلى أن ماتت صباح يوم الجمعة!).
وقد تكرر الأمر مع إنجليزى آخر بعد حوالى قرنين، ففى منتصف سبعينات القرن الماضى، مات عامل البناء «أليكس ميتشل» من كثرة الضحك وهو يشاهد عرضاً كوميدياً لفرقة «ذى جوديز» البريطانية (فرقة كوميدية تشبه ثلاثى أضواء المسرح فى مصر) وقد أرسلت لهم أرملته رسالة شكر، لأنهم جعلوه يموت سعيداً. (وقد أشارت بعض الدراسات التى أجريت عقب وفاته بثلاثين عاماً أنه كان مصاباً بخلل فى القلب يسمى متلازمة «كيو تى الطويلة»، وقد استنتجوا ذلك من إصابة حفيدته «ليزا» ذات الثلاثة والعشرين ربيعاً بأزمة قلبية نتيجة الخلل ذاته.
سجلت العصور القديمة حوادث مشابهة، فى القرن الخامس قبل الميلاد، حيث مات الرسام الإغريقى «زيوكسس» من الضحك حين تأمل أحد أعماله التى كان قد انتهى منها للتو! وتكرر الأمر مع إغريقى آخر، وبعد قرنين من الزمن أيضاً، فقد مات الفيلسوف «كريسيبوس» ضحكاً عندما شاهد حماراً يترنح من السكر بفعل الخمر.
رغم كل ما سبق، فإن الضحك شىء رائع بكل تأكيد، ولكن علينا أيضاً الاهتمام بنوع مهم منه، وهو ما ذكره الشاعر حين قال: «أنت الذى ولدتك أمك باكياً، والناس حولك يضحكون سروراً، فاعمل ليوم تكون إذا بكوا، فى يوم موتك ضاحكاً مسروراً».