ذكرنا فى المقال السابق أن المعتقد الأشعرى (معتقد أهل السنة والجماعة) هو الذى عليه الأزهر الشريف وأئمته وشيوخه، وآخرهم الإمام الطيب، الذى يقول: «إن المذهب الأشعرى هو انعكاس صادقٌ أمينٌ لما كان عليه النبى الكريم والصحابة والتابعون»، ومن المذاهب المقابلة والرافضة للأشاعرة مذهب ابن تيمية أو الوهابية.
إلا أن خطيب الأزهر ومشرف أروقته وأستاذ العقيدة، الدكتور عبدالمنعم فؤاد، انقلب على المنهج الأزهرى فى كتابه: (قضية التأويل بين الشيعة وأهل السنة)، صادر عن مكتبة الجامعة الأزهرية ومكتبة الإيمان، حيث ذهب فيه إلى المنهج الصحيح الموافق للكتاب والسنة، هو منهج ابن تيمية والتيار السلفى، وليس مذهب الأشاعرة الذى عليه الأزهر وإمامه الأكبر.
وهو بهذا يضرب منهج الأزهر الشريف ومنهج إمامه الأكبر، وقد يكون الأمر هيِّناً لو كان نقض المذهب الأشعرى والانتصار لابن تيمية من شخص لا يتولى الإشراف على أهم المرتكزات الأشعرية فى الأزهر الشريف، لكن فاجعة الفواجع أن:
1- المؤلف يشرف على الأروقة الأشعرية، وخطيب منبر الجامع الأزهر. 2- أنه المدافع فى الإعلام عن الإمام الأكبر (هنا دفاع عن الشيخ وهناك رفض لمنهجه واعتقاده)!!. 3-أنه يروِّج لمذهب ابن تيمية المرفوض من الأزهر الشريف، وينشر كتابه بين طلاب كلية العلوم الإسلامية للوافدين، وهم الطلاب الذين أتوا الأزهر اقتناعاً بمنهجه المنضبط، ولو كان الشأن لهم شهادة فقط، لذهبوا إلى جامعات الإمارات والسعودية بل ألمانيا وفرنسا وبريطانيا (ملحوظة: هذه كلية خاصة داخل الأزهر بمصروفات خاصة، ولا يدخلها إلا نجباء الطلاب غير المصريين ذوى المستوى المادى المرتفع، وأكثرهم من ماليزيا وسنغافورة ويسكنون فى مدينة نصر) ومن هنا تظهر فاجعة الأمر!!
اليوم نحلل نصاً جديداً من كلامه، حيث يقول فى صفحتى 365/366: «ويرى الباحثون أن هناك قسماً آخر للسلف، وهو المتمثل فى السلف باعتبار الأتْباع، وهم الذين اتَّبعوا السلف ونهجوا نهجهم إلى وقتنا هذا، ولعل هذا القسم تمثل فى الإطار العام لمدرسة الشيخ ابن تيمية، إذ خرَّجتْ آراء السلف فى صورة منهجية واضحة، ووضعت لها قواعد تتفق وما كان عليه الصحابة والتابعون..». إلى أن يقول: «وقبل الوقوف على هذا المنهج (يقصد منهج ابن تيمية) نستطيع أن نقول إن السلف السابقين ومن سار على نهجهم من التابعين لم يرفضوا التأويل بمعناه المطلق، وإنما الذى رُفض وحُورب هو المعنى الحادث المتأخر الذى وُلد بعد عصر الصحابة، واستغله الشيعة والمعتزلة والصوفية فى بناء مذاهبهم وعقائدهم»، ثم يقول فى صفحة 366: «أصحاب المنهج السلفى بقيادة الشيخ ابن تيمية وضعوا قواعد واضحة لمن يريد أن يُقبل على تأويل الآيات».. وبعد أن ذكر القواعد فى ثلاث صفحات عقَّبَ فى صفحة 369 قائلاً: «تلكم هى القواعد والشروط التى وُضعت عند أصحاب المنهج (يقصد منهج ابن تيمية والوهابية) وهى لا تخرج مجملة عما كان عليه جماعة الصحابة والتابعين فى العصور الأولى».
إذاً انتهى الدكتور من خلال النصوص السابقة إلى:
1- أن ابن تيمية والسلفيين اتَّبعوا السلف الصالح ونهجوا نهجهم، وكوّنوا مدرسة تتفق ولا تخرج عما كان عليه الصحابة والتابعون!!!.
2- أن الصوفية استغلوا المعنى الحادث فى بناء مذاهبهم وعقائدهم (لاحظ أن الإمام الأكبر من كبار الصوفية)!!!
والحاصل أن هذا الفكر المنحرف (أقول الفكر ولا علاقة لنا بالأشخاص) فكر جديد على الأزهر، يستورد سمات وهويات غريبة عن تاريخ الأزهر وفكر إمامه، ويحاول أن يؤسس لها من داخل عمله كمسئول عن الأنشطة الأشعرية!!، وسيأتيك -أيها القارئ العزيز- فى مقالات قادمة أن ما يقول به خطيب الأزهر ومشرف أروقته وأستاذ العقيدة (أقصد الفكر لا الشخص) سبق أن قال به أحد الوعاظ سنة 1920م فكان جزاؤه أن انتفض الأزهر وحوله لتحقيق أشرف عليه المجلس الأعلى للأزهر ومفتى الديار المصرية بنفسه.