رداً على مقالاتى الأسبوعية يُصر خطيب الأزهر ومشرف أروقته على شخصنة الأمور، مرة بالكلام عن شخصى، ومرة بالكلام عن جريدة «الوطن»، ومرة باستدعاء القضاء، ومرة يذكر أن الكتاب الذى أنقل منه كان فى الأصل رسالة علمية أقرتها لجنة علمية موقرة، ومرة يزعم أننى نصّبت نفسى قاضياً على الكتاب، وأننى أحاول أن أكون حارساً للمذهب الأشعرى.. وهكذا تبحث فى ردوده (حوالى 1100 كلمة) فى منشورين ليس فيها رد علمى واحد، إنما إصرار غريب على شخصنة الأمور، وهو يعلم أنه لم يجمعنى به لقاء واحد، ولسنا مشتركين فى أى شىء، ولم يحدث أى احتكاك يوجب مصلحة من أى نوع كانت.
لقد عرضتُ بكل وضوح كلاماً علمياً قاله فى كتابه (قضية التأويل)، فادَّعى أننى اختزلت النصوص واقتطعتها من سياقها، وأنا أسأله: هذا هو النص الموجود فى كتابك ص388: (إنَّ وجهتى فى هذا الشأن أننا لو سلمنا للأشاعرة بسيادة العقل لأُبطلت وظيفة الرسل، وهذا نوع من العبث، ولقد شنَّع الشيخ ابن تيمية على هذا القانون الأشعرى فى التأويل)، إذا كان النص مقتطعاً فتفضل واعرض علينا النص غير المقتطع!!. هل تنكر أنك قلتَ فى ص389: (ولو سرنا مع الأشاعرة إلى ساحة التطبيق العملى لاختيار معنى يتناسب مع رؤيتهم العقلية لآيات الصفات لرأينا اضطراباً وعدم دقة فى اختيار الشواهد). هل تنكر أنك قلتَ فى صفحة 365: (ويرى الباحثون أن هناك قسماً آخر للسلف، وهو المتمثل فى السلف باعتبار الأتْباع، وهم الذين اتَّبعوا السلف ونهجوا نهجهم إلى وقتنا هذا، ولعل هذا القسم تمثل فى الإطار العام لمدرسة الشيخ ابن تيمية، إذ خرَّجتْ آراء السلف فى صورة منهجية واضحة، ووضعت لها قواعد تتفق وما كان عليه الصحابة والتابعون). بعد كل هذا يزعم فضيلته أن القضية متعلقة بثنائه على ابن تيمية؟! القضية ليست متعلقة بمدح ابن تيمية، ولا متعلقةً بمسألة تؤيد فيها ابن تيمية، بل متعلقة بهدمك للمنهج الأزهرى الأشعرى وانتصارك لابن تيمية (انتصار لمنهجه لا لمسائله). والأمر طبيعى لو أن قائل هذا الكلام أستاذ عقيدة وكفى، فكم من أساتذةٍ أزهريين ينتصرون لتيارات غريبة عن الأزهر وتاريخه ومنهجه، لكن المشكل هنا أن فضيلته: 1- عضو تحرير مجلة الأزهر الناطقة باسم الأزهر الشريف. 2- خطيب منبر الأزهر منبر الأشاعرة الأول. 3- مشرف الأروقة الأشعرية، ودورها أهم من دور الجامعة، لأنها غير مقيدة بقوانين الجامعة، فأى حرٍ يأبى أن يكون مشرفاً على نشاطات هو يقول ببطلانها واضطرابها!!. ثم ما علاقة المقال بأن الكتاب كان رسالة علمية أو لم يكن؟!، ونُوقش من سنة أو من مائة سنة؟!، وحصل على مرتبة الشرف أو غير مرتبة الشرف!!؟، وأشرف عليها فلان أو علان؟! كل ذلك إغراق فى الشخصنة، لأن المنهج الأزهرى هو الحكم على اللجنة العلمية، وليست اللجنة العلمية هى الحكم على المنهج، والمنهج الأزهرى أشمل وأعم وأعلى من اللجنة العلمية ومن الجامعة نفسها، والأزهر رفض بإجماع المناقشين رسالة كانت تتبنى آراء ابن تيمية فى العقيدة.
وأخيراً فإن المطلوب من الدكتور عبدالمنعم أمران: الأول: إذا كانت نقولى من كتابك خاطئة فتفضل وانشر النصوص الصحيحة من كتابك التى تنتصر فيها للمنهج الأزهرى. ثانياًً: بينى وبينك هيئة كبار العلماء، وعلى رأسها فضيلة الإمام الأكبر: هل يرضيهم القول إن السلفية اليوم امتداد لفكر الصحابة وليست امتداداً لفكر ابن تيمية؟؟! وهل يرضيهم القول إن: (مدرسة ابن تيمية خرَّجتْ آراء السلف فى صورة منهجية تتفق مع ما عليه الصحابة والتابعون)؟! وهل يرضيهم القول: (إننا لو سلمنا للأشاعرة بسيادة العقل لأبطلت وظيفة الرسل)؟! هات لى أستاذاً فى الأزهر أو مدرساً فى الأروقة يقول إن كتابك لا يناقض المنهج الأزهرى.. إن فعلت سوف أعتذر لك عما كتبته.