ألن يأتى هذا الغد أبداً!!. أن تشرق شمس الحرية، حريتنا التى اختطفها كوفيد19 «فيروس كورونا» لستة أشهر متواصلة ولا يزال، ولا أحد يعلم متى ينتهى هذا الكابوس المخيف.
منظمة الصحة العالمية التى من أهم واجباتها بث الطمأنينة المدعومة بالعلم للشعوب، هى أكثر مصدر يتخبط فى المعلومات هذه الأيام حول جائحة كورونا، تضارب المعلومات والأخبار الواردة بشأنها تزيد من حدة التوتر والمخاوف والقلق من المجهول، ورغم كثرة المصادر والمعلومات التى تتحدث عن اللقاح (vaccine) بحماس منقطع النظير، فإنها حتى الآن مجرد أخبار متداولة وتجارب فى مراحلها التجريبية الأولى، تظهر بحماس وسرعان ما تختفى، ونحن لا نملك سوى الانتظار، وفى رحلة الانتظار تتماهى الهواجس مع الأفكار والتصرفات التى أصبحت غير مألوفة ولا مسئولة، بدأنا نسمع عن حوادث وحكايات غريبة، ربما لو كنا فى زمن آخر لما كنا تصورنا أنها تحدث فى كوكبنا!.
كثيرة هى المواقع والقنوات التليفزيونية التى تناولت الحالة النفسية للإنسان فى ظل جائحة كورونا، وكيف يمكن التكيف مع هذه الأزمة الممتدة؟ فى ظل الظروف الصحية الضاغطة، والأخبار المتضاربة حول فيروس كورونا التى تفتقد للمحتوى الذى يطمئن له الناس، بل بالعكس يزيد من حدة التوتر والشكوك والمخاوف. لذا فإن التكيف مع مرض بات يهدد البشرية لهو أمر شديد التعقيد، ويحتاج إلى مجهود كبير لتدريب الحالة النفسية على التوازن، فلكل إنسان طاقة ودرجة من التحمل والتكيف، لا يتمتع بها البشر بنفس القدر، ومن هنا تتفاوت ردود الأفعال وتختلف من شخص لآخر. وقد تناول موقع «ناشونال جيوغرافيك» فى هذا الشأن طريقة تعاملنا مع الخوف والقلق فى وجود تهديد يطغى على باقى التهديدات أو المخاطر حولنا. وشبه الموقع هذا التهديد بوجود أسد فى الجوار، حيث يقول علماء النفس إن المراكز المسئولة عن المشاعر فى المخ تهتم بالخروج من هذه المأزق وتجنب الخطر بأى شكل، حتى ولو كان عن طريق مواجهة الأسد. وفى المقابل تعمل المراكز المسئولة عن السلوك وردود الفعل على دراسة الموقف، وتقييم المخاطر الحالية والمحتملة، وليس فقط الهروب من الأسد، وحالة التخبط هذه بين مراكز المشاعر ومراكز السلوك هى التى تؤدى إلى الشعور بالذعر والقلق، لذلك تتحدد ردود الفعل وفق الجزء الذى تكون له الغلبة من المخ، بحيث إذا تمكن الذعر والخوف منا، تسيطر مراكز المشاعر على المخ، ونتصرف بشكل غير عقلانى -وعدوانى أحياناً- حتى فى وجود الحقائق.
إن هذا ما يحدث لنا بالفعل! لقد غيرت الجائحة فينا الكثير نتج عنها تصرفات غير العقلانية أحياناً كثيرة، وعدوانية ساهمت فى ارتباك المشهد أكثر من بداية الإعلان عن الوباء، أما الإحساس بالذعر من المرض (الأسد) فما زال مسيطراً، حتى وإن تجاهلنا مخاوفنا وقررنا السيطرة على القلق بمجابهة الأسد! وعدنا لممارسة الحدود الدنيا من الحياة الطبيعية المسموح بها مع الأخذ فى الاعتبار كل تدابير الوقاية، فإن الخوف من المرض أو انتقال العدوى سيظل الهاجس المسيطر على مركز الإحساس والمشاعر، فما بالنا والإعلام الذى نتلقاه بخصوص الجائحة هو بحد ذاته عامل مساعد فى الضغط النفسى الذى نعايشه، والأرق الذى أصبح يشكل جزءاً رئيسياً من حياتنا، لكثرة ما نتلقاه من معلومات متناقضة، ودراسات وأبحاث كل واحدة منها تنسف سابقتها! والأهم من كل ذلك تصدير الإحباط، وفقدان اليقين، خاصة ما يصدر عن منظمة الصحة العالمية التى يبدو فى تصريحاتها عدم التفاؤل، فأعلنت مراراً وتكراراً أن الفيروس أصبح أكثر شراسة وأن حتى نهايته لم تأت بعد، وأن القادم أسوأ إذا لم تؤخذ التدابير الاحترازية الصارمة، فى الوقت الذى يتم فيه الإعلان عبر وسائل الإعلام من حين لآخر وبكل تفاؤل عن العلاج المنقذ، واقتراب خروج اللقاح إلى النور! لكن حتى الآن لا شىء مؤكد وكل تلك الأدوية لا تزال قيد التجارب والاختبار. فإلى متى سيظل هذا الكابوس محلقاً فوق الرؤوس؟ ومتى تظهر التجارب الجازمة التى تبشر باكتشاف علاج فعال، سواء كان دواء خاصاً بهذا المرض، أو اللقاح الذى سيخلص البشرية من كابوس كورونا؟ وحتى ذلك الحين فنحن ما زلنا أسرى الخوف والذعر الذى يشل التفكير ويقيد الحركة، ويقوض الإنتاج، ويجعل من إمكانية التكيف مع هذا الوضع المأزوم ضرباً من الخيال مهما حاولنا التظاهر بعكس ذلك، خاصة إذا ما استمرت الجائحة إلى أجل غير معلوم لا سمح الله.