يحتل المركز السادس بقائمة المحسنين العشرة الكبار على مستوى العالم حسب قائمة «ويلت أكس».
أوقف ثلثى ثورته لله سبحانه وتعالى ووزع الثلث الباقى على أسرته، وعاش بقية حياته لا يملك إلا الثوب الذى يلبسه، فعاد فقيراً كما بدأ.
جعل الوقف على الفقراء وأعمال الخير فى شكل مؤسسى رائع، حيث نقل 3.7 مليار دولار قيمة أسهمه فى مصرف الراجحى، فضلاً عن مزرعة كبيرة للنخيل، فيها قرابة 200 ألف نخلة ومشاريع زراعية وداجنة وصناعية أخرى ضمن مؤسسة وقفية مستقلة تماماً عنه، وهى مؤسسة «وقف سليمان الراجحى»، التى تمتلك شركة وقف سليمان الراجحى»، وهى التى قامت بآلاف الأعمال الخيرية فى العالم كله، ومنها مستشفى الراجحى الجامعى بأسيوط التابع لكلية الطب، وهو أول ملياردير يتبرّع بثروته كلها تقريباً فى حياته، وكان يحتل المركز 169 فى قائمة أثرياء العالم.
نشأ سليمان الراجحى فى أسرة فقيرة، لكنه كان أميناً مجتهداً صاحب عزيمة لا تلين، يحب العمل ولا يستنكف منه ويفخر حتى اليوم أنه كان حمالاً (شيالاً) فى بداية حياته، فقد كان يعمل شيالاً وهو فى الابتدائية يومى الخميس والجمعة بقروش معدودة فيشترى اللحم بها لأسرته التى لم تكن تذوقه إلا فى عيد الأضحى. وكان يعمل حارساً للبضائع من الفجر وحتى المغرب دون كلل ولا ملل، وفى إحدى المرات حمل بعض الخضراوات واللحوم فنزل الدم على رأسه وثوبه وكان غلاماً صغيراً فأشفق عليه صاحب الحمل وعرض عليه أن يعطيه ثوباً أو هللة «عدة قروش»، فرضى بالأخيرة، وغسل ثوبه سريعاً وعاد للعمل ولم يكن لديه غيره. أعلنت مدرسته عن رحلة قيمة اشتراكها ريال واحد، ولم تكن أسرته تملكه وقتها فحزن وبكى بشدة، وقبل الرحلة بيوم سأله مدرسه الفلسطينى عدة أسئلة أجاب عنها، فصفق له زملاؤه وأعطاه المدرس ريالاً، فرح به كثيراً، حيث مكنه من الاشتراك فى الرحلة.
بعد أن أصبح من كبار الأثرياء بحث عن هذا المدرس فى كل مكان حتى وجده فى حالة سيئة يكاد يغادر السعودية من العوز، فعرّفه بنفسه، قائلاً: أستاذى الفاضل، لك دين علىّ وقصّ عليه قصة الريال، فرد المدرس: تبحث عنى لترد لى ريالاً، فقال: هذه الفيلا والسيارة لك ومعها مرتب شهرى كبير، لم يصدّق المدرس: كل هذا مقابل الريال، فقال «الراجحى»: إن فرحتى بالريال وقتها أكبر من فرحتى بالمليار اليوم، وكان يردّد «أسعدوا الآخرين وفرّجوا كرباتهم، انتظاراً للأجر من الله».
افتتح وهو فى الخامسة عشرة من عمره دكاناً ربح منه، وباعه بعد عامين، ليتزوج بثمنه، فقد كان يرى فى الزواج عصمة وعفة، يرى نفسه محظوظاً فى كل زوجاته وأولاده الذين أعانوه على الخير وساعدوه فيه ولم يعترضوا على توزيع معظم ثروته على أعمال الخير. بدأ مع شقيقه الأكبر صالح فى أعمال الصرافة فى جدة، كان يحمل الطرود بنفسه فى بداية حياته على ظهره إلى مطار جدة (أى مسافة 10 كيلومترات) ليوفر أجرة النقل.
تطورت أعمالهم فى الصرافة حتى غمرت شركاتهم للصرافة أرجاء المملكة، تاجر فى كل شىء، من الأقفال والأقمشة ومواد البناء.
شرع مع شقيقه صالح فى إنشاء بنك لا يُبنى على الربا، لكن على المرابحة، ويوافق أصول الشريعة، نجح البنك وتوسّع حتى صارت أفرعه فى السعودية وحدها 500 فرع وآلاف الأفرع خارجها، أنشأ عشرات المصانع ومئات المزارع، فضلاً عن إنتاج الدواجن، تبرّع بمعظمها للفقراء فى كل مكان، ومنها أكبر مزرعة نخيل فى العالم تقريباً، وهى التى يخصّص منها جزء لإطعام المعتمرين والحجاج فى الحرمين الشريفين.
من أبرز الحاصلين على جائزة الملك فيصل العالمية لخدمة الإسلام، وجائزة الملك عبدالعزيز المؤسس الأول. عاش طوال حياته متواضعاً للناس، منكسراً لربه، يرى أن المال مال الله وأن الله جعله فقط خازناً عليه.
أوصى بألا يُقام عزاء له بعد وفاته، لا فى منزله ولا فى منزل أولاده وأقاربه، ولا يتم العزاء عبر الصحف، ومن أراد ذلك فليتصدق بمبلغ التعزية على الجمعيات الخيرية، بلغ ما تبرّع به من ثروته أكثر من خمسة مليارات دولار، فعلها فى صمت ودون ضجيج وكأنه لم يفعل شيئاً.
رحم الله سليمان الراجحى، ولا عزاء للبخلاء، فويل لهم فى الدنيا والآخرة.