«ذهب أفريقيا ذهب» مقولة قالها لى الشيخ صالح كامل، رئيس الغرف الإسلامية للتجارة والصناعة والزراعة السابق، للإجابة عن سؤالى: ما أطماع تركيا فى دول قارة أفريقيا؟ وماذا تقصد بمقولة «ذهب أفريقيا ذهب» أجاب: «ذهب أفريقيا ذهب» ليس المقصود بها الذهب فقط، ولكن كل الثروات الأفريقية، فإذا أخذنا الذهب كمثال فأفريقيا تمثل 16% من إنتاج المعدن الأصفر فى العالم وتنتج أفريقيا نحو 544 طناً سنوياً. هذا من ناحية الذهب.
وماذا عن ثروات أفريقيا الأخرى؟
فأجاب: أطماع تركيا وقطر والصين فى أفريقيا لا حدود لها، ولكننى سأتحدث عن تركيا بالخصوص لأنها تنظر إلى أفريقيا على اعتبار أنها إرث عثمانى، وتبحث بكل ما أوتيت من قوة عن هويتها فى الداخل والخارج لإعادة إحياء الخلافة العثمانية من جديد، ولا ينبغى أبداً التقليل من شأن هذا الوجود التركى فى عدد كبير من الدول الأفريقية.. فقد رسخت تركيا وجودها فى القارة الأفريقية للحد الذى تفوقت فيه على الصين المنافس القوى لها ولغيرها فى الوجود الأفريقى.
البداية جاءت منذ عام 1998 وهو التاريخ الذى بدأت فيه تركيا تعد خطة الانفتاح الشامل على الدول الأفريقية فى كافة المجالات، وأعدت العدة لذلك حتى إنها أنشأت العديد من المدارس لتعليم الأفارقة اللغة التركية، ووفرت فرص عمل للذين يجيدون اللغة التركية، وقامت بتغيير أسماء شوارع من اللغة العربية للغة التركية وفعلت ذلك فى دولة الصومال.. لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل توغلت أكثر وأنشأت 40 سفارة و4 قنصليات مقابل 7 سفارات ما قبل عام 2008، وهو ما يوضح مدى الأهمية التى تقرها تركيا لأفريقيا، ويوضح ذلك جلياً ما قاله أحمد داود أوغلو، رئيس وزراء تركيا السابق، فى لقاءات الغرف الإسلامية وفى كتابه «العمق الاستراتيجى» الذى صدر منذ عدة سنوات وتحدث فيه عن الانفتاح على أفريقيا، ويحضرنى قوله وتأكيده أن تركيا أرادت ألا تبقى فى ذيل الركب العالمى وأن وجودها فى أفريقيا سيجعل لها ثقلاً تفاوضياً.
وإذا نظرتِ إلى الدول الأفريقية فقد اتجهت تركيا إلى دولتين هما السودان وإثيوبيا، ففى السودان حظيت جزيرة سواكن بأهمية كبيرة لدى أردوغان، حيث يعتبرونها إرثاً عثمانياً، كما يعتبرها أردوغان أيضاً جزءاً مهماً من خارطة التمدد التركى بالشرق الأوسط وسيطرة أنقرة على العواصم الإسلامية.
وفى إثيوبيا، أكبر دولة فى القارة الأفريقية، تحاول جاهدة أن تكون العلاقات التركية الإثيوبية على ما يرام لأنه وكما ذكرت هناك محاولات مستميتة من تركيا أن لا تكون فى ذيل الركب، فالسيطرة على إثيوبيا، قلب القارة الأفريقية، تضمن لها دوراً محوريا، حيث تتحكم إثيوبيا فى منابع النيل الأزرق الذى يشكل من 80 إلى 85% من إجمالى مياه نهر النيل، لذا غذت تركيا الصراع الإثيوبى الإريترى، ولولا تدخل الإمارات والسعودية لاستمر هذا الصراع للأبد.
والملاحظ من كلام الشيخ صالح كامل، رحمة الله تعالى عليه، أن مصر لا تواجه إثيوبيا وحدها فى قضية سد النهضة بل تواجه أطماع دول عديدة فى القارة الأفريقية.
لذا يجب علينا الاصطفاف الوطنى وتجاوز أى خلافات مرحلية والتوحد والدفاع عن حقنا فى شريان الحياة النيل ومساندة الدولة بكل ما أوتينا من قوة واعتبار سد النهضة قضية حياة أو موت لأنه واجب وطنى.