6 مواقف للإمام الأكبر تدعم المرأة وتنحاز لحقوقها
شيخ الأزهر
سجَّلت جريدة "صوت الأزهر"، الصادرة عن مشيخة الأزهر في طبعتها اليوم، عشرات المواقف للإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب الداعمة للمرأة والمنحازة لحقوقها، والتي تؤكد أن الموقف المناهض للتحرش، الذى بدأ عام 2018 لم يكن موقفاً طارئاً أو مستجداً، وهناك بعض هذه المواقف وشملت:
1 – التحرش
التحرش - إشارةً أو لفظاً أو فعلاً- هو تصرف محرَّم، وسلوك منحرف، يأثم فاعله شرعاً، كما أنه فعلٌ تأنف منه النفوس السويَّة وتترفَّع عنه، وتنبذ فاعله، وتُجرِّمه كل القوانين والشرائع، يقول تعالى: «وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً» (الأحزاب: 58).
تجريم التحرش والمتحرِّش يجب أن يكون مطلقاً ومجرداً من أى شرط أو سياق؛ فتبرير التحرش بسلوك الفتاة أو ملابسها يعبر عن فهم مغلوط؛ لما فى التحرش من اعتداء على خصوصية المرأة وحريتها وكرامتها، فضلاً عما يؤدى إليه انتشار هذه الظاهرة المنكرة من فقدان الإحساس بالأمن، والاعتداء على الأعراض والحرمات.
(بيان الأزهر الشريف - أغسطس 2018)
2- الختان
تبيَّن للأزهر الشريف، من خلال ما قرَّره أهل الفقه والطب الموثوق بهم وبعلمهم، أن للختان أضراراً كبيرة تلحق شخصية الفتاة بشكل عام وتؤثر على حياتها الأسرية بعد الزواج بشكل خاص، بما ينعكس سلباً على المجتمع بأسره.
وبناءً عليه قرَّر مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف بعد أن تدارس موضوع الختان من جميع جوانبه الفقهية الصحيحة وبإجماع أعضائه بجلسة 28 فبرير 2008 أن الختان لم ترد فيه أوامر شرعية صحيحة وثابتة لا بالقرآن ولا فى السنة، وأنه مجرد عادة انتشرت فى إطار فَهْم غير صحيح للدين.
واستقرَّ الرأى الشرعى والطبى على أن ختان الأنثى من العادات الضارة التى لا يدلُّ على مشروعيتها سند صحيح أو دليل، وبذلك يكون محظوراً، ويكون إيقاع العقاب على من يزواله أمراً جائزاً شرعاً».
(خطاب الإمام الأكبر شيخ الأزهر إلى النائب العام)
3- زواج القاصرات
الأزهر مع تقنين سن الزواج، وألا تقل عن 18 عاماً، ومقاصد الشريعة تؤيد منع زواج الصغيرة؛ لأن الإسلام لا يبيح الزواج الذى يترتب عليه ضرر، ولايوجد نص صريح أو قاطع يبيح هذا الموضوع، كما أنه لا يوجد نص يمنعه، لكن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يقل لنا: زوِّجوا بناتكم وأطفالكم قبل البلوغ؛ فلا يوجد إطلاقاً هذا الكلام.
ومسألة تحديد السن تخضع لظروف العصر؛ فهناك كانت مجتمعات هادئة يكون لها حكم مختلف عن مجتمعات التعليم فيها مهم، ولابد من الوصول لمرحلة معينة فى التعليم، فكون السن الآن 18 عاماً فلا مانع من ذلك، البنت فى سن 15 لا تزال تحتاج إلى رعاية كبيرة من أجل أن تستوعب ماذا تعنى الأسرة من أجل انتقالها من بيت أسرتها إلى بيت تنفرد بإدارته، وكيف تتعامل مع شخص جديد، فبداية الإدراك من سن 18 عاماً، والإسلام لا يبيح الزواج الذى يترتب عليه ضرر نفسى أو ضرر اجتماعى أو ضرر أخلاقى، بالعكس فالمقصد الشرعى من الزواج هو السكن بمعنى السكن النفسى، فإذا كان زواج الصغيرات فى أيامنا هذه يترتب عليه هذه الأمور حتى ولو بغلبة الظن لا يباح هذا النوع من الزواج.
(البرنامج الأسبوعى للإمام الأكبر بالتليفزيون المصرى)
4- الطلاق المتعسِّف
هناك فوضى يُقْدِم عليها كثير من المسلمين فى أمور الطلاق بشكل استباحوا به ممارسته فى كل الأحوال؛ إذ إن الطلاق صار يحدث فيه فوضى فى فهم النصوص الشرعية، فحتى لو الزوجة مسالمة ومحترمة لزوجها فإنه حين يميل قلبه لأخرى يطلقها لأتفه الأسباب.
والطلاق الذى يقع بغير ضرورة يكون نكران نعمة وسوء أدب وإلحاق ضرر بالزوجة وأهلها وأولادها؛ لذا يقول «ابن الهمام»: «والأصح فى الإجابة على سؤال: ما حكم الطلاق؟ هو: حظره إلا لحاجة»، والمحظور فى الأحكام الشرعية هو الذى إذا وقع يكون فيه إثم، ودائماً الحكم بالحظر أو الإباحة يدور مع علة الظلم وجوداً وعدماً، وليس صحيحاً حرية الإنسان فى أن يُطلق زوجته لأى سبب، فـ«الكمال بن الهمام» فيلسوف الفقه الحنفى قال إن الأسباب التى تبيح شرعاً الطلاق هى:«الحاجة إلى الخلاص، وعند تباين الأخلاق»، كأن تحتقره أو تتعالى عليه،وهناك نوعان من الكُرْه بين الزوجين، فهناك نوع لا يؤدى إلى الانحراف، وقد شجع القرآن على تحمل هذا النوع وأغرى بالصبر عليه، كأن تكرهها لكنها مؤدبة ولا تُسىء لك، فيقول تعالى:«فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَن تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلُ اللهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً»، والنوع الثانى من الكراهية هو الكره الذى يتسبب فى «البغضاء الموجبة عدم إقامة حدود الله تعالى»، يقول تعالى: «إِلَّا أَن يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللهِ»، وهذا النوع مبيح للطلاق، فالإسلام دائماً يعطى ميزاناً للأضرار.
(البرنامج الأسبوعى للإمام الأكبر بالتليفزيون المصرى)
5- تعدد الزوجات: الحق المقيَّد
تعدُّد الزوجات يظلم النساء، ومن يقولون إن الأصل فى الزواج هو التعدد مخطئون، وعلى مسئوليتى الكاملة فإن الأصل فى القرآن الكريم هو أن «زوجة واحدة تكفى»، والآية القرآنية:«فَإِنْ خِفْتُمْ أَلا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً» هى الدليل.
مسألة تعدد الزوجات تشهد ظلماً للمرأة وللأبناء، ويجب إعادة قراءة الآية التى وردت فيها مسألة تعدد الزوجات بشكل كامل، فالبعض يقرأ:«مثنى وثلاث ورباع»، وهذا جزء من الآية، وليس الآية كاملة، فهناك ما قبلها وما بعدها.
التعدد حق للزوج، لكنه «حق مقيد»، هو رخصة، والرخصة تحتاج إلى سبب، فمثلاً الذى يقصر الصلاة رخصته مشروطة بالسفر، وإذا انتفى السبب بطلت الرخصة. والتعدد مشروط بالعدل، وإذا لم يوجد العدل يحرم التعدد، والعدل ليس متروكاً للتجربة، بمعنى أن الشخص يتزوج بثانية فإذا عدل يستمر، وإذا لم يعدل يطلق، إنما بمجرد الخوف من عدم العدل أو الظلم أو الضرر يحرم التعدد، فالقرآن يقول: «فَإِنْ خِفْتُمْ أَلا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً».
(البرنامج الأسبوعى للإمام الأكبر بالتليفزيون المصرى)
6- المرأة ورئاسة الدولة
وجود المرأة فى سدة الرئاسة يشكل تطبيقاً عملياً لفكر الأزهر الشريف الذى يدعو المسلمين رجالاً ونساءًإلى الاندماج الإيجابى فى المجتمعات التى يعيشون بها، والإسهام بقوة فى تقدمها ورقيها.
نجاح الرئيسة حليمة يعقوب،بوصفها رئيسة مسلمة لدولة سنغافورة،يعد نجاحاً لكل النساء المسلمات، وشهادة حية على أن المرأة تستطيع أن تسهم بقوة فى نهضة المجتمع وبنائه، وتأكيد على الإسهام القوى لمسلمى سنغافورة فى النهضة التى تعيشها بلادهم، وحرصهم على التعايش الإيجابى مع باقى مكونات المجتمع، والتمسك بقيم التسامح والعيش المشترك وقبول الآخر، لأنها تشكل قيماً إسلامية أصيلة.
(زيارة الإمام الأكبر لسنغافورة - مايو 2018)