قصة مدرسة الإسكندرية المسيحية من منظور الروم الأرثوذكس
المدرسة مرت بمرحلتين المدرسة القديمة والحديثة
الأنبا نيقولا
تعد مدرسة الإسكندرية اللاهوتية أشهر منارة للعلم والثقافة، في بداية ظهور المسيحية، وكانت بمثابة أول جامعة لاهوتية يعرفها العالم المسيحي في العالم، إلا أن المدرسة بحسب بطريركية الروم الأرثوذكس مرت بمرحلتين "المدرسة القديمة"، و"المدرسة الجديدة".
فيقول الأنبا نيقولا، مطران الروم الأرثوذكس بطنطا والمتحدث باسم الكنيسة في مصر، إن المدرسة القديمة كانت مدرسة لاهوتية فلسفية، ومع الزمن أصبحت معهدًا لاهوتيًا علميًا وثقافيًا تقوده جماعة مسيحية متميزة من المصريين المُتَهَلِّنين (أي ذوي الثقافة اليونانية) وقد عُرف (المعهد) بالاسم اليوناني «Διδασκαλείον» (الذيذاسقاليون).
وأضاف نيقولا: "تبنت مدرسة الإسكندرية مبادئ التفسير الرمزي للكتاب المقدس والتأويل، ومما ساعد في هذا النهج أن التفسير الرمزي للأساطير القديمة كان شائعًا في العالم اليوناني. واعتمدت المدرسة على الأسلوب الرمزي للفيلسوف فيلون الاسكندري الذي لُقب بـ(أفلاطون اليهود)".
وتابع المطران: "أكسب مدرسة الإسكندرية هذه الصفة اللاهوتية والعلمية والثقافية أحد مرشديها الأعلام بنتيتوس (Pantaenus)، الذي ولد في أثينا، وتولى رئاستها عام 180م، وكان بنتيتوس في بادئ الأمر وثنيًا ثم اعتمد وتتلمذ على يد أثيناغوراس.
ويقول يوسابيوس أسقف قيصرية: (اشتهرت مدرسة الإسكندرية منذ عهد قديم بمدرسة للعلوم المقدسة، كان يتولى أمرها رجال عُرفوا بقوة المعارضة وتميزوا بالاجتهاد في الصلاح والحث على التقوى، وكان أطولهم بيعًا بنتيتوس النابغة في الأدب الحكمة)".
وأوضح مطران الروم الأرثوذكس، أن هذه المدرسة نالت شهرة واسعة في القرن الثالث بتفسيرها اللاهوتي العميق النظري والتفسير السرائري (الصوفي)- السري- الرمزي للكتاب المقدس الذي مكن فيها الطريقة التأملية.
أما مدرسة الإسكندرية الجديدة، فيقول عنها الأنبا نيقولا: "في بدء القرن الرابع بدأ اتجاه مدرسة الإسكندرية اللاهوتية الفلسفية في طريقة التفسير الرمزي للكتاب المقدس والتأويل يتزعزع، برفض ممثلو مدرسة الإسكندرية مبدئيًا لهذه الطريقة. ففي بحثهم عقائد الإيمان والنظريات الفلسفية صاروا يوجهون انتباههم إلى التقليد الكنسي مقابلين ومُصلحين به ما أنجزوه من آراء بمساعدة العقل بشأن العقائد. ونتيجة لهذا الاتجاه، المتغير نوعًا ما، الذي قبلته هذه المدرسة سُميّت (مدرسة الإسكندرية الجديدة). وكانت الصفة المميزة لها جَعْل الآراء في عقائد الإيمان مطابقة للتقليد الكنسي".
وأضاف نيقولا: "بث هذا الاتجاه الجديد في مدرسة الإسكندرية القديس البابا الكسندروس الأول أسقف الإسكندرية (313-328م) أول مدافع عن الأرثوذكسية ضد الأريوسية. ثم مدافع آخر عن الأرثوذكسية وأكثر شهرة وهو القديس البابا أثناسيوس الأول الكبير (328-373م) أفضل ممثل لمدرسة الإسكندرية الجديدة، وله نظريات عميقة في حقل العقائد متفقة تمامًا مع التقليد الكنسي. بالنسبة إلى المسيح، ركزت مدرسة الإسكندرية بالأكثر في لاهوت المسيح. وبعد وفاة البابا أثناسيوس تولى المدرسة ديديموس الضرير (الأعمى) (+398م) الذي من بعده تضعضعت مدرسة الإسكندرية، ثم انقرضت حوالي عام 410م نتيجة لما حدث في مصر من تبني الأكثرية لقول أبوليناريوس بالطبيعة الواحدة، الذي أنكر أخْذ يسوع طبيعة إنسانية كاملة".
وتابع المتحدث باسم الروم الأرثوذكس: "في القرن الخامس كان القديس البابا كيرلس الإسكندري (412-444م) ممثلاً المدرسة الإسكندرية الجديدة، وآخر كُتّاب هذه المدرسة الأكثر شهرة. ويَنتسب أيضًا إلى هذه المدرسة من الكُتَّاب القديس باسيليوس الكبير (+371م) والقديس غريغوريوس النزينزي (اللاهوتي) (+390م) والقديس غريغوريوس النسي (النصيصي) (+395م)".