القرآن لم يذكر لفظ النبوة بإزائه.. هل كان سيدنا آدم رسول ونبي؟
دار الإفتاء المصرية
نشرت دار الإفتاء المصرية عبر موقعها الرسمي تقرير حول الشك في نبوة سيدنا آدم عليه السلام>
واكدت الدار أن الله تبارك وتعالى قال《إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين》والتفسير، إن الله اصطفى آدم؛ أي اختار للنبوة صفوة خلقه منهم، آدم أبا البشر، ونوحا شيخ المرسلين، وآل إبراهيم؛ أي عشيرته وذوي قرباه، وهم: إسماعيل وإسحق والأنبياء من أولادهما ومن جملتهم خاتم المرسلين، وآل عمران؛ أي أهل عمران، ومنهم عيسى ابن مريم خاتم أنبياء بني إسرائيل، على العالمين؛ أي عالمي زمانهم.
قال القرطبي: وخص هؤلاء بالذكر من بين الأنبياء؛ لأن الأنبياء والرسل جميعا من نسلهم، جاء في كتاب "قصص الأنبياء" للمرحوم عبد الوهاب النجار ما نصه: [هل آدم نبي ورسول؟ والجواب: إن نبوة آدم قد أخذت دورا مهما من عدة سنوات؛ إذ ظهر بمدينة دمنهور رجل أنكر أن يكون آدم نبيا، وقد رفعت عليه الدعوى بالمحكمة الشرعية وصدر الحكم عليه بالتفريق بينه وبين زوجته لردته بذلك الإنكار، ولما استأنف الحكم إلى محكمة الإسكندرية كان كلامه أمامها أنه لم ير لفظا في القرآن يذكر آدم بالنبوة، وأنه يعتقد نبوته، فصدر حكمها بإلغاء الحكم الأول وأعيدت إليه زوجته.
أقول أيضا: إن القرآن الكريم لم يذكر لفظ النبوة بإزاء آدم كما ذكر بإزاء غيره من الأنبياء كإسماعيل وإبراهيم وموسى وعيسى وغيرهم، ولكن ذكر أنه خاطبه بلا واسطة، وشرع له في ذلك الخطاب فأمره ونهاه وأحل له وحرم عليه دون أن يرسل إليه رسولا، وهذا هو كل معاني النبوة، فمن هذه الناحية نقول إنه نبي وتطمئن أنفسنا بذلك. وأما رسالته فالأمر فيها مختلف فيه، وشأننا أن نفوض علم ذلك إلى الله تعالى.
على أني رأيت في حديث أبي هريرة في الشفاعة الوارد في "صحيح مسلم" أن الناس يذهبون إلى نوح ويقولون له: أنت أول رسل الله إلى الأرض، فلو كان آدم رسولا لما ساغ هذا القول، والعلماء القائلون برسالة آدم يؤولون ذلك بأنه أول رسول بعد الطوفان، وهو تأويل متكلف] اه.
وجاء في "المختار من شرح البيجوري على الجوهرة" للإمام البيجوري:[ومنه إرسال جميع الرسل *** بلا وجوب بل بمحض الفضل. الشرح: قوله: ومنه إرسال جميع الرسل؛ أي: ومن الجائز العقلي في حقه تعالى الرسالة لجميع الرسل من سيدنا آدم إلى سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم بدخول المبدأ والغاية عليهم الصلاة والسلام] اه.
وفي "العقائد الإسلامية" للشيخ السيد سابق: أوجب الله على المسلم أن يؤمن بجميع رسل الله دون تفريق بينهم، ثم قال: وهؤلاء الرسل منهم من قصه الله علينا فذكرهم بأسمائهم ومنهم من لم يقصصه علينا؛ قال سبحانه: ﴿ورسلا قد قصصناهم عليك من قبل ورسلا لم نقصصهم عليك﴾ [النساء: 164]، أما الذين قصهم الله علينا فعددهم خمسة وعشرون وهم المذكورون في قوله تعالى: ﴿وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم على قومه نرفع درجات من نشاء إن ربك حكيم عليم • ووهبنا له إسحاق ويعقوب كلا هدينا ونوحا هدينا من قبل ومن ذريته داوود وسليمان وأيوب ويوسف وموسى وهارون وكذلك نجزي المحسنين • وزكريا ويحيى وعيسى وإلياس كل من الصالحين • وإسماعيل واليسع ويونس ولوطا وكلا فضلنا على العالمين﴾[الأنعام: 83 - 86].
وقد جمعت هذا الآيات ثمانية عشر رسولا، ويجب الإيمان بسبعة آخرين مذكورين في عدة آيات: ﴿إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين﴾ [آل عمران: 33]، ﴿وإلى عاد أخاهم هودا﴾ [الأعراف: 65]، ﴿وإلى مدين أخاهم شعيبا﴾ [الأعراف: 85]، ﴿وإسماعيل وإدريس وذا الكفل كل من الصابرين • وأدخلناهم في رحمتنا إنهم من الصالحين﴾[الأنبياء: 85، 86]، ﴿ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين﴾ [الأحزاب: 40].
من هذا البيان يتضح أن سيدنا آدم عليه السلام نبي بنص القرآن الكريم، وعلى الرجل الذي يشك في نبوته عليه السلام أن ينفي عن عقيدته هذا الشك، ويعود إلى رشده حتى لا يكون الشك سببا في الإنكار، وفي حالة الإنكار يكون كافرا والعياذ بالله تعالى؛ لأنه أنكر ما هو معلوم من الدين بالضرورة، وكذب بما جاء صراحة في القرآن الكريم، ويترتب على الكفر الحكم بردته، ومن المقرر شرعا أن المرتد هو الراجع عن دين الإسلام، وأن ارتداد أحد الزوجين فسخ تبين به الزوجة.