حريق "خط المازوت": شرارة من سيارة السبب.. والنيابة تحقق
شهود عيان: عشنا لحظات صعبة وشُفنا الجحيم على الأسفلت
تصوير:
فادى عزت وأسامة همام
09:25 م | الأربعاء 15 يوليو 2020
قوات الإطفاء والشرطة بعد السيطرة على حريق طريق الإسماعيلية
واصلت النيابة العامة تحقيقاتها فى حريق خط المازوت الذى شب أمس بطريق القاهرة الإسماعيلية. وقال النائب العام المستشار حمادة الصاوى، فى بيان أمس، إنه أمر بالتحقيق فى ملابسات الحريق، حيث انتقل فريق من أعضاء النيابة العامة لمعاينة مسرح الحادث، وفريق آخر لسؤال المصابين، وستعلن النيابة ما ستسفر عنه التحقيقات.
وقالت مصادر أمنية إنه تم حصر السيارات التى تفحمت وعددها 31 سيارة وتم تحرير محضر بالواقعة واستدعاء أصحابها تمهيداً لتعويضهم وإعداد تقرير عن خسائر الحريق، وأضافت المصادر أن تحريات الشرطة أثبتت وجود كسر فى المواسير التى تنقل البترول الخام من رأس شقير فى البحر الأحمر إلى مسطرد، وهو ما تسبب فى تجمع بركة كبيرة من المواد البترولية أدت إلى تكدس السيارات، ونتج عنها شلل مرورى بالمنطقة، موضحة أن السبب الرئيسى للحريق كان محاولة هرب أحد أصحاب السيارات والخروج بسيارته من بركة المواد البترولية، فحدث شرر أسفر عن اندلاع الحريق الذى أسفر عن احتراق 31 سيارة وإصابة 12 شخصاً، اثنان منهم حالتهما خطرة.
وقال مصدر أمنى إنه يجرى حالياً سحب الكثافات من الطرق المتجهة والمؤدية إلى موقع الحريق، من خلال الدفع بقوات لسحب الكثافات، مشيراً إلى أن الحركة ستعود إلى وضعها الطبيعى عقب الانتهاء من الإصلاحات بعد السيطرة على الحريق وإجراء عمليات التبريد، مشيرة إلى أنه تم إصلاح ماسورة البترول والتأكد من سلامة خط المواسير.
من جانبه قال اللواء إبراهيم عوض، مدير المتابعة الميدانية بمحافظة القاهرة، إن وزارة البترول مع محافظة القاهرة تقومان بتنظيف موقع الحريق. وأضاف عوض لـ«الوطن»، أن وزارة البترول تجرى أعمال الإصلاح بواسطة شركاتها، لافتاً إلى أن الإصابات بين المواطنين بلغت ١٢ حالة، وتفحم ٣٠ سيارة سيتم تعويض أصحابها من وزارة البترول.
"عوض": إعادة تشغيل الطريق بيد وزارة البترول
وأشار إلى أن معاودة تشغيل الطريق بكامل طاقته بعد الحريق وإعلان أنه آمن تماماً أمر بيد وزارة البترول. وأكد أحد العاملين بالشركة أن قوات الحماية المدنية نجحت فى سد مكان التسريب بالكامل، مشيداً بجهود الشرطة التى بذلت ما فى وسعها لإنقاذهم ومحاصرة الحريق والتقليل من أضراره، مشيراً إلى أن عدم التزام أصحاب سيارات الأجرة والملاكى، بتعليمات الشرطة بعدم العبور، أثناء الحريق، أدى لزيادة الخسائر.
وأوضح العامل أن الحريق نشب فى محيط شركته بعد انطلاق أحد أصحاب السيارات بسرعة ليهرب من المكان، حيث تسببت حركته السريعة واحتكاك العجل بالأرض فى اندلاع الحريق، مشيراً إلى أن النيران كانت قد اندلعت فى النفق المؤدى لطريق بلبيس بمدينة السلام بعد أن وصلت إليه كميات من المازوت المتسرب.
"بلال": المنطقة تحولت إلى كتلة لهب
وأكد بلال أحمد عامل بشركة المقاولون العرب، الذى كان يعمل فى مشروع كوبرى المشاة بالقرب من موقع الحادث، أنه فوجئ خلال عمله بتسرب نفطى وكميات هائلة من النفط الخام تزحف أسفل السيارات، مكتسحة عرض الطريق، فهرع ومعه عدد من زملائه لإيقاف السيارات القادمة إلى الطريق، وازدادت الأمور سوءاً بعد أن تكونت فى نفق السلام بركة من النفط الخام الذى وصل مسرعاً وسد النفق، وخلال نصف ساعة كانت بعض الأوناش قد وصلت فى محاولة لردم ماسورة النفط الذى تسرب، وأضاف: «العربيات كانت بتروح تجيب رتش ورمل من ورا الطريق، واللودر يحط على الزيت من غير فايدة وبقت العربيات متحاصرة فى المازوت ومش عارفة تخرج، لأن العربيات كل ما تتقدم علشان تعدى بقعة الزيت تتعلق فيها أكتر»، حتى فوجئ الجميع باشتعال سيارة من الخلف ما أشعل النيران فى كامل المنطقة، وهرب الجميع من سياراتهم، بينما أصيب عدد من الناس بالحروق وتم إنقاذهم بواسطة المواطنين.
"عاطف": الناس ما كانوش عارفين يهربوا
ووصف بلال المشهد بأن المنطقة بالكامل تحولت إلى كتلة لهب ودخان أسود كثيف فى لحظات: «فيه واحد كان معاه عهدة فلوس، حاول يهرب بالعربية ما عرفش ولما النار وصلت له ساب العربية وفجأة لقيناه رجع تانى علشان ينقذ صندوق الفلوس، والنار مسكت فيه فطفيناه بالرمل ورُحنا خدناه والإسعاف خدته على المستشفى».
وقال عاطف عليوة، 55 سنة، سائق ميكروباص، إن «ما جرى جحيم والأرض بقت كتلة نار، واتخرب بيوت ناس كتير»، مشيراً إلى أنه يعمل على سيارة ميكروباص على خط السيدة عائشة موقف العاشر، وبسبب الإنشاءات وعمل نفق مشاة لخط المترو على الطريق كان عليه أن يسلك نفق بلبيس ثم العودة إلى طريق الإسماعيلية، وتابع: «فجأة لقينا نفسنا دخلنا فى قلب المازوت والعجل كابس عليّا والمازوت بيتقدم وبينزل تحت العربية، ولقيت المازوت بيزيد فى النفق وفجأة النار ولعت فجريت عشان أهرب من النفق»، مشيراً إلى أن 8 مواطنين كانوا يركبون معه عندما رأوا النيران هربوا من السيارة، والمازوت تسبب فى سقوطهم على الأرض من لزوجة السائل.
سائق ميكروباص: سيارتى موديل 2020 احترقت وأتمنى تعويضى لإنقاذ أسرتى من الجوع
وأوضح أن سيارته كانت جديدة موديل 2020 قام بشرائها مع بداية العام، وثمنها 380 ألف جنيه وهى كل رأسماله، حيث ينفق منها على 4 من الأبناء، مطالباً بتعويضه ليتمكن من شراء سيارة بديلة والاستمرار فى عمله، مضيفاً: «ماليش شغلانة غيرها ودى كانت مصدر رزقى الوحيد، ربنا أنقذنا من الحريق وأتمنى الحكومة تنقذنا من الجوع».
وفى مستشفى السلام العام بمدينة السلام تجمع العشرات من أهالى مصابى الحادث قبل أن يسمح لهم بالدخول للاطمئنان على ذويهم. وقال محمد عبدالكريم، 40 عاماً، وهو يقف ممسكاً بهاتفه للاتصال بمن يعرفهم داخل المستشفى أملاً فى الاطمئنان على «محمد مصطفى» زميله فى شركة المنظفات، لأنه كان من ضمن المصابين: «رُحنا الأول عند مكان الحادثة لكن أول ما عرفنا إنه موجود هنا فى المستشفى جينا على طول، وعرفت من حد جوه المستشفى إن حالته صعبة وموجود فى الرعاية المركزة».
"أبوبكر": كنا شغالين فى مركز السيارات ولقينا النار جاية علينا
وعلى أحد الأسرة داخل قسم الاستقبال بالمستشفى، استلقى أبوبكر على، 57 عاماً، سمكرى بمركز صيانة للسيارات كان يقع على مقربة من مكان الحريق، وكان وجهه محمراً جراء آثار الأدخنة وألسنة اللهب، وغطى الدهان المخصص للحروق يديه الاثنتين، وتحدث من تحت جهاز التنفس قائلاً: «إحنا كنا شغالين فى أمان الله فى المركز وفجأة لقينا النار جاية علينا زى الموجة، وكان كل همى نطلع العربيات ونسيبها فى نص الطريق، كان قلبى جامد وقتها وكنت آخر واحد خرج من المركز لكن ألسنة اللهب حاصرتنى من الناحيتين».
والتقط «أبوبكر» أنفاسه واستكمل حديثه قائلاً: «لما لقينا الوضع بقى صعب جداً سيبنا العربيات وجرينا، وأنا كنت فوق مبنى ارتفاعه حوالى 12 متر، رُحت رامى نفسى ونطيت من فوق ونزلت على رجلى، والأرض كانت مليانة مازوت مولع، والكوتشى الجلد اللى كنت لابسه لزق فى المازوت»، مؤكداً أن النار كانت تخرج من الأرض، وأنه حاول السير على ركبتيه حتى يبتعد عن المنطقة إلى الناحية الأخرى من الطريق، وبعدها جاءت سيارة الإسعاف ونقلته إلى المستشفى.
"عزت": عربية معدية خدت مراتى والعيال وأنا النار مسكت فىّ فاترميت فى الرمل عشان أطفى نفسى
وعلى بعد أمتار قليلة من «أبوبكر»، استلقى عزت حسانين، 61 عاماً، خفير على أرض خاصة قرب مكان الحادث، على أحد الأسرة منتظراً حجزه بالمستشفى بعدما وصل بنسبة حروق 15%، وقال إنه كان برفقة زوجته و6 من أبنائه داخل الأرض التى يقوم بحراستها، وعندما شم رائحة أدخنة شديدة خرجوا على الفور ليعرفوا أسبابها ومصدرها واكتشف أن الحريق سببه انفجار ماسورة المازوت.
وتابع: «قلت لهم محدش يروح فى حتة وخلينا فى مكانا عشان مش عارفين النار هتتجه لفين، والدخان لقيته بيقرب مننا جداً، واتحول فجأة لنار، وخرجنا نجرى وكان كل همى إن مراتى وعيالى يخرجوا بالسلامة، وفعلاً خرجنا نجرى ولقيت عربية معدية بالصدفة قدامنا خدت العيال ومراتى بره المنطقة».
لم يستطع «عزت» النجاة بنفسه والهروب من ألسنة النار التى أحاطته من كل ناحية، وكانت تتحرك بشكل سريع ومخيف، وأمسكت فى جلبابه ثم قدميه، مضيفاً: «لما خرجت من مكان النار اترميت فى الرمل عشان أطفى نفسى، وقلعت الجلابية، لأن النار مسكت فيها والأسفلت نفسه كان مولع، ورُحت عند ناس جابولى بطانية ألف فيها نفسى لحد ما الإسعاف جت».
طبيب: جميع المصابين غادروا المستشفى وتبقى 3 فقط
وأكد أحد الأطباء الذين يتابعون مصابى الحادث أن جميع المصابين كانت حالتهم متوسطة باستثناء مصاب واحد يعانى من حروق بنسبة ١٠٠٪. وأشار الطبيب، الذى رفض ذكر اسمه، إلى أن «المصابين غادروا المستشفى أمس بعد تلقيهم الإسعافات الأولية والأدوية، و3 أشخاص بس اللى حالتهم ماكنتش مستقرة وكان لازم يتحجزوا فى المستشفى».