فنانون بين ضغوط الاعتزال وشائعات السوشيال.. ونقاد: ليست مهنة تقاعد
اعتزال الفن والسوشيال ميديا.. قرار شخصي تصحبه ضجة ونقاد: لا يتقاعدون
"وكأن المواهب تتقاعد كالوظائف"، فتنتشر شائعات اعتزال الفن سريعا عبر مواقع التواصل الاجتماعي، فما إن يختفي فنان لبعض الوقت من أمام الكاميرات أو يعبر عن استيائه عن شيء ما في المجال أو يتحدث عن مرضه، حتى تبدأ مواقع التواصل الاجتماعي في الترويج لاعتزاله الفن.
عبدالرحمن أبو زهرة
"مقدرش أعيش من غير دراما".. كان تصريح الفنان عبدالرحمن أبو زهرة لتوضيح حقيقة تصريحاته الأخيرة التي حوّرها البعض على أنّها "اعتزال"، موضحًا أنّه يمر بظروف قاسية وضغوط غير قادر على تحملها دفعته للقول إنّه يفكر في اعتزال العمل الفني.
وأوضح الفنان خلال لقاء عبر "سكايب"، ببرنامج "التاسعة"، الذي يقدمه الإعلامي وائل الإبراشى، عبر القناة الأولى المصرية، أنّ تفكيره في الاعتزال كان بسبب الضغوط التي مر بها، وتابع: "أنا مقدرش أعيش من غير دراما وتمثيل.. كانت لحظة حزينة ومعرفش أنا قلتها ازاي".
لطفي لبيب
وجّه الفنان لطفي لبيب، الأحد الماضي، رسالة مقتضبة لجمهوره الذي ينتظر أعماله، قال فيها: "أنا في حالة مرض، مقدرش اشتغل، اعتبروه شبه اعتزال أو اعتزال، وادعولي ربنا يشفيني"، التصريح الذي يعلن فيه اعتزاله الفني لكنه يترك الباب مواربا راهنا عودته للتمثيل بتحسن حالته الصحية أو عرض أدوراه مناسبة لحالته.
اعتزال عبلة كامل
خبر اعتزال الفنانة عبلة كامل أثار جدلا كبيرا في مواقع التواصل الاجتماعي، وحسم الأمر الدكتور أشرف زكي، نقيب المهن التمثيلية، الذي قال خلال اتصال هاتفي ببرنامج "حضرة المواطن"، المذاع قناة "الحدث اليوم"، ويقدمه الإعلامي سيد علي، إنّ الفنانة عبلة كامل، تحدّثت معه منذ عامين عن نيتها الاعتزال: "طلبت منها وقولتلها يا حاجة فكري وادرسي الموضوع كويس، وابقي ردي عليا، ومن ساعتها محصلش أي اتصال بينا، لأن هي صعبة شوية في التليفونات، ومحصلش حاجة".
ناقدة فنية: الاعتزال قرار شخصي والسوشيال ميديا لازم تحشر مناخرها في كل حاجة
الناقدة الفنية ماجدة خيرالله، تجد أنّ قرار الاعتزال أو التراجع عنه، من الأمور الخاصة جدا، فالفنان إنسان له ظروفه وكل فنان يختلف عن الآخر في أسبابه بل حتى من الممكن أن يكون دون أسباب، موضحة أنّ هناك فنانين ينسحبون لأسباب خاصة فالفن ليس وظيفة إنّما يعمل بحالة مزاجية معينة.
وتشير خيرالله، في حديثها لـ"الوطن"، إلى أمثلة عالمية لفنانين اعتزلوا في أوج مجدهم دون أسباب مثل دانيال دي لويس الممثل الإنجليزي الحائز على الأوسكار لـ3 مرات، والممثلة السويدية جريتا جاربو، التي اعتزلت في الثلاثينيات من عمرها وهي في أوج مجدها وظل الإعلام يبحث اسباب اعتزلها لنحو 20 عاما، رغم كونه قرار شخصي.
وتتابع الناقدة الفنية، أنّه رغم تعلق الجماهير بنجومهم إلا أن يعد قرار الاعتزال أو التراجع عنه من الأمور الشخصية: "في مصر لازم نحشر مناخيرنا في كل حاجة، مثلا لو عبلة كامل قررت تعتزل هيكون شيء محزن لكن الفنان من حقه زي أي إنسان يقرر يوقف عمل من غير أسباب، دي مهنة حرة، هو مش رئيس وله أوراق لإنهاء الخدمة".
وتضيف خيرالله، أنّ الفن مجال واسع يقبل الأعمار والقطاعات، والفنانين ليسوا موظفين تنتهي مسيرتهم بالتقاعد، فالفن حالة مزاجية ترتبط بالشغف، وتوجد أدوار كثيرة في السينما والدراما تحتاج لأمهات وجدات وآباء.
وشهد العام الحالي اعتزال بعض الوجود الشابة، إذ أعلنت الفنانة الشابة إنجي خطاب اعتزالها النهائي لعالم التمثيل، مؤكدة أنّ الموهبة وحدها لا تكفي، كما أعلنت الفنانة داليا إبراهيم عبر صفحتها على فيس بوك، اعتزالها الفن وقالت: "قررت الاعتزال بعد 40 مسلسلاً و7 مسرحيات 5 أفلام قصيرة 3 أفلام طويلة شكرا، لكن الأمر لم يأخذ نفس المساحة على السوشيال الميديا.
أستاذة علم اجتماع: صراع بشري متوقع نتيجة قلة النشاط الفني
قالت الدكتور إنشاد عزالدين أستاذ علم الاجتماع، إنّه غالبا ما يتعامل المجتمع المصري مع الكوادر الكبار في السن بأنّ عليهم التقاعد سواء فنانين أو يعملون بأي مجال آخر، حتى لو كان الشخص لا يزال قادرا على العطاء، ما يجعل الشائعات تكثر حول قرارات اعتزال الكبار، مشددة على ضرورة عدم استقاء المعلومات من "السوشيال ميديا".
وتابعت في حديثها لـ"الوطن" أنّ الأوضاع الحالية تزيد وطأة هذه الأخبار حيث ما يعيشه العالم من أجواء جراء تفشي فيروس كورونا وغياب الفنانين من أمام الكاميرات والضغوط التي يمر بها المجتمع ككل تدعم من حجانب شعور الفنانين بالمضايقة ومن الجانب الآخر تحوير التصريحات من جانب التواصل الاجتماعي، ما يتم استغلاله لصالح أطراف أخرى من مصلحتها ترويج شائعة مثل اعتزال الفنان القدير عبدالرحمن أبو زهرة الذي خرج لينفيها.
وأشارت أستاذ علم الاجتماع، أنّ شائعات الاعتزال أحيانا تكون جزء من صراع أو ضريبة نجاح فالأسماء التي اهتم الجمهور بأخبار اعتزالها كبيرة بالفعل مثل لطفي لبيب وعبدالرحمن أبو زهرة وعبلة كامل، لكن الممثلين الصغار ليس لهم قاعدة جماهيرية كهؤلاء الذي وصلوا لقمم في مجالاتهم.
وأوضحت أنّ المشكلة الأساسية هي غياب السينما في الوقت الحالي، ما جعل الجمهور في حيرة من أمره حول الوسط الفني الذي يلقى اهتماما بالغا من المصريين سواء متابعة الأعمال أو متابعة فنانيهم وحياتهم، وعند فراغ الأمور من مضمونها يتحول الحديث عن الاعتزال أو الأوضاع السيئة في الوسط.