يتفاقم التحدى يومياً أمام وسائل الإعلام -المقروء والمرئى- فى جذب الرأى العام للالتفاف حول قضايا تمس اهتماماته.. تستفزه للمشاركة فى قضايا اجتماعية، اقتصادية، سياسية على الصعيدين الداخلى والخارجى. فى المقابل، يقتضى الإنصاف الإشارة إلى تطورات ملموسة أسفرت عنها جهود مؤسسات الهيئة الوطنية للإعلام، والهيئة الوطنية للصحافة. كما حققت الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية الأشهر الماضية نقلة مهنية مع تصدّرها لمواجهة محاولات خائبة من جهات مشبوهة لم تعد تملك سوى شراء حفنة أفاقين ومزورين لبث سمومها. إذ لم يعد نهج رد الفعل مقبولاً حتى تجاه «دكاكين» لا ترتقى إلى أى مسمى إعلامى تمتهن التلفيق والتزييف لمجرد التشكيك فى أى إنجاز وربط كل شهادة حق عن هذه الإنجازات باتهامات تقليدية خائبة لا تخرج عن الدوران فى فلك السلطة! من منطلق اعتبار الإشادة بأى إنجاز ملموس وحقيقى للحكومة جريمة لا تُغتفر!.
أبرز مظاهر قوة النقلة التى تبنتها «المتحدة للخدمات الإعلامية» أنها اعتمدت أساسيات القواعد المهنية للإعلام.. أولاً، تبنى صيغة الحقائق الموثقة بالأدلة مما يدعم كسب ثقة المشاهد بعيداً عن الخطاب المباشر والمفردات الإنشائية التى أثبتت عدم قدرتها على منافسة كل التطور التكنولوجى فى المواقع الإعلامية والخبرية، استلهمت فى إنتاجها قاعدة بالغة التأثير -رغم بساطتها- لفتح جسور ثقة بين الإعلام والمتلقى.. لغة الحقائق والأدلة، وهو ما تحقق إلى درجة كبيرة فى مواجهة أكاذيب وشتائم تبثها «مكاتب» مشبوهة. ثانياً الاعتماد على القوة الناعمة وتأثيرها الطاغى فى مخاطبة الرأى العام عند استلهام لقطات مضيئة من التاريخ القريب لعرضها فى إطار مشوق وحيادى، بعيداً عن أى صيغ مبالغة. إعلان تعاقدات شركات الإنتاج الدرامى، على رأسها شركة سينرجى، تشير إلى الاتجاه نحو التوظيف المطلوب للقوة الناعمة.
وعلى صعيد آخر، فإن التوقف عند الخطوات الإيجابية ليس كافياً.. المؤسسات المعنية بالإعلام المقروء والمرئى أمامها مساحات أخرى لحرية العمل. التحديات الكثيرة، سواء مصرياً أو عربياً تستحق العرض للرأى العام، خلال موائد نقاش أو ندوات تكشف بالحقائق حجم التزييف الممارس ضد المنطقة العربية.. فإذا كانت «دكاكين» جماعة البنا لم تعد تملك سوى أرخص الأوراق، هناك للأسف منابر إعلامية فى أمريكا ودول الغرب ما زالت تعانى من أعراض «فيروس» التحفّز والالتواء عند طرح قضايا مصر والمنطقة العربية بأسلوب لا يرتقى حتى إلى مستوى ما يُطلق عليه الصحافة الصفراء. على الجانب الآخر، الشق الإيجابى فى حالة الجدل التى لا تنقطع حول الإعلام المصرى أنها تطرح بشفافية علناً العلل ومقترحات العلاج بعيداً عن أى حساسية من الاعتراف بمواطن الضعف، بينما الإعلام الغربى لا يخلو من نبرة غطرسة تصل إلى اعتبار ما يبثه أو يكتبه لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه! والواقع أن قائمة تاريخ وحاضر سقطاته الإعلامية لا حصر لها، بل تكاد تتجاوز كل المآخذ المتداولة على الإعلام المصرى.
مساحة توعية الوعى العام أيضاً تمتد إلى هدف عودة تلقى المشاهد الأحداث -سواء فى مصر أو المنطقة العربية- من الإعلام المصرى كمصدر موثوق للمعلومة فى ظل دعوات متكررة إلى إنشاء قناة إخبارية عربية تنطلق من مصر قادرة على جذب متابعة المواطن العربى فى العالم وكسر احتكار فرضته «دكاكين» مشبوهة. لعل أقرب الأمثلة التطوير المهنى الذى شهدته قناة «إكسترا نيوز»، إذا ما اكتملت ملامحه مستقبلاً مع منح مساحة أكبر للقضايا العربية والعالمية عبر التوسّع فى توفير مراسلين عربياً ودولياً مع تطوير وسائل التواصل معهم.. ستصبح فرصة القناة كبيرة لملء الفراغ.
النموذج الذى حققته مصر للاستقرار الأمنى والسياسى والاقتصادى يعكس العنوان الرئيسى لمطالب الحراك الشعبى الدائر فى دول عربية، نتيجة تعرض سيادتها وأمنها لتدخلات إقليمية.. ورفض الشعوب سيطرة جماعات أو ميليشيات تابعة لهذه الدول الإقليمية -أياً كان انتماؤها الطائفى- على سيادة دول عربية. ما يضاعف أهمية مواكبة الإعلام للحراك الدبلوماسى المصرى - العربى تحديداً أن الأرضية الوطنية التى انطلقت يوم 30 يونيو 2013 تحمل سمات مشتركة مع مطالب شعوب عربية تسعى إلى إنقاذ بلادها من براثن جماعات أو قوى إقليمية.