للعطاء أهله يتميزون به ويعتبر من أهم سماتهم التى تجذب إليهم الآخرين وتحببهم فى الاقتراب منهم والتعامل معهم وصداقتهم وربما حبهم والارتباط بهم والذوبان والاندماج والاختلاط داخلهم، حيث يجدون الأمان والسند والصحبة والصداقة والونس واليد التى تمسك بهم وتساعدهم على تجاوز الأزمات والحياة والصعود والوصول للهدف وتحقيق الأحلام والأمنيات.
وقد أثبتت التجارب الحياتية والأيام والسنون أن الإنسان المعطاء يظل حياته كلها حاملاً تلك الصفة الجميلة التى تضعه فى مصاف الملائكة وترفعه درجات عالية فى تصنيفنا للبشر.
وعادة ما تتركز هذه القدرات الإنسانية العالية الذهبية المبهرة المتألقة فى قلوب أصحابها، وهو ما دفع العلماء وأطباء القلب وجراحته للبحث وراء كل الظواهر التى تحيط بقلوبنا وتقسمنا إلى فئات ونماذج بشرية، خاصة بعد أن وصلوا فى ثمانينات القرن الماضى إلى إمكانية زرع قلب سليم معافى لمن تلف قلبه وبات من الصعب عليه أن ينبض ويمارس حياته المعتادة، فقد كانت المفاجأة التى أذهلتهم أن من يحصل على هذه الفرصة تتغير صفاته وتصرفاته ومشاعره ونفسيته ويقترب بكل شىء من صاحب القلب الممنوح له حتى فى علاقاته الإنسانية.
وإذا كانت الحياة تبدأ عادة بالحب لأنه شىء غريزى فطرى يولد معنا ويكبر فى جميع مراحل السن المختلفة وقد يكون فى الأطفال والحيوانات حباً غريزياً للمطالب الأساسية للطفل، أما عندما يكبر الإنسان فإنه يتحول إلى كائن عاقل يتسامى عن الغرائز ويبقى الحب قوياً.
ويقول علماء النفس إن الحب مجموعة من التصرفات ذات الطابع الجميل مع بعض الانفعالات الوجدانية مثل زيادة عدد ضربات القلب، أو احمرار الوجه عند رؤية المحبوب، ويؤكد تلك النظرية (د. أندرو آرمور)، حيث خرج من عدة أبحاث فى هذا المجال بأن هناك دماغاً شديد التعقيد موجوداً داخل القلب، وبمعنى أدق داخل كل خلية من خلايا القلب، ففى القلب أكثر من أربعين ألف خلية عصبية تعمل بدقة فائقة على تنظيم معدل ضربات القلب وإفراز الهرمونات وتخزين المعلومات ثم إرسالها إلى الدماغ، وهذه المعلومات تلعب دوراً مهماً فى الفهم والإدراك.
وهو ما يؤكد أن المعلومات تتدفق من القلب إلى ساق الدماغ ثم تدخل إلى الدماغ عبر ممرات خاصة وتقوم بتوجيه خلايا الدماغ لتتمكن من الفهم والاستيعاب واتخاذ القرارات وممارسة الحياة. ولذلك فإن بعض العلماء يقومون بإنشاء مراكز تهتم بدراسة العلاقة بين القلب والدماغ وعلاقة القلب بالعمليات النفسية والإدراكية بعد ما أدركوا الدور الكبير للقلب فى التفكير والإبداع.
ويتساءل بعض الباحثين هل من الممكن أن تسكن الذاكرة عميقاً فى قلوبنا من خلال تحكم القلب بإيقاع الجسد لأنه وسيلة الربط بين خلاياه من حيث عمله كمضخة للدم فتعبر كل خلية هذا القلب وتحمل المعلومات وتذهب بها إلى بقية خلايا الجسم وهو ما يعنى أن القلب يغذى الجسم بالمعلومات. ومن الأبحاث الغريبة التى أجريت فى معهد رياضيات القلب الأمريكى أنهم وجدوا أن المجال الكهربائى للقلب قوى للغاية ويؤثر على من حولنا من الناس، أى إن الإنسان يمكنه أن يتصل مع غيره من خلال قلبه دون أن يتكلم.
ولأننى عمرى وأنا أتعامل مع خصوصياتى وكل ما أملك بحب ورعاية واهتمام وإحساس دافئ بضرورة الفخر والفرحة والسمو والاعتزاز لا أفرق بين ما أملك من ماديات أو معنويات، ولذلك فإن فكرة التنازل عن أى من ممتلكاتى لا تروقنى بالمرة حتى إن كانت ستحيى شخصاً على وشك الرحيل ألماً وبسبب توقف قلبه، لذلك أقول وأؤكد أننى لا أوافق على التبرع بقلبى الذى يردد أربعين ألف مرة (أحبك) بأربعين ألف خلية هى كل ما يملك حتى لا ينتقل حبى لك لامرأة أخرى من بعدى.