الرأسمالية الاجتماعية: باعتبارها نظرية أو موقفاً سياسياً أو فلسفياً، تتحدى فكرة أن النظام الرأسمالى هو بطبيعته مُعادٍ لأهداف الاشتراكية، ويكمن جوهر الرأسمالية الاجتماعية فى أن الأسواق تعمل بشكل أفضل والإنتاج يكبر من خلال إدارة الدولة للاقتصاد الكلى إدارة سليمة، وتفترض الرأسمالية الاجتماعية أن وجود شبكة دعم اجتماعى قوية تعزز إنتاج رأس المال، ومن خلال خفض نسبة الفقر، تزيد نسبة المشاركة فى سوق رأس المال، وتفترض الرأسمالية الاجتماعية أيضاً أن التنظيم الحكومى، وحتى رعاية الأسواق، يمكن أن يؤديا إلى نتائج اقتصادية أفضل، كما يتضح فى رعاية الحكومة للإنترنت أو تنظيم سندات الضمان الأساسية.
تميز الرأسمالية الاجتماعية عن النماذج الاقتصادية الأخرى: تشكك معظم تعاريف الديمقراطية الاجتماعية فى التطبيق الكامل للرأسمالية التقليدية، فالرأسمالية الاجتماعية تشمل بالفعل مبادئ نظرية الرأسمالية التقليدية. وتؤيد الرأسمالية الاجتماعية الرأسمالية التقليدية كما جسدها آدم سميث باسم «اليد الخفية» للسوق، إن مصطلح «اليد الخفية» ينبغى أن يكون خالياً إلى أقصى حد ممكن لإنتاج كفاءات السوق لجميع المشاركين فى السوق «الاقتصاد الأساسى»، ومع ذلك، يلتزم النظام الحكومى، فى ظل الرأسمالية الاجتماعية، بحماية السوق من التلاعب. ويجب حماية السوق بحيث تتمكن اليد الخفية من العمل لتحقيق أقصى درجات النمو، ومن أحد الاختلافات مع الرأسمالية النقية أن الأفراد الفقراء/المحتاجين فى الفئة الثانية للاقتصاد لن يستجيبوا إلى متطلبات السوق لأنهم يعتمدون على الدعم الخاص أو الحكومى، وهناك اختلاف آخر وهو أن الرأسمالية الاجتماعية تتضمن وجود لوائح دقيقة للسوق باعتبارها ضرورة لتحقيق الاستقرار الاقتصادى.
فى ظل نظرية الرأسمالية الاجتماعية، لا يعد الاختلاف الأساسى بين الطبقات هو الدخل أو خط الفقر، بل يكمن الاختلاف فى استقلال الأشخاص عن ضوابط القطاع الحكومي/الخاص، وقد تأخذ هذه الضوابط شكلاً من أشكال الدعم أو التحفظ من قبل الحكومة أو المؤسسات الخيرية «أمثلة على ذلك» إذا كان الفرد يعتمد على الدعم الخاص أو الحكومى لتلبية الاحتياجات الأساسية مثل المسكن أو الطعام، فإن هذا الشخص يقع فى الفئة الثانية، وإذا كان الفرد يعتمد على السيطرة الحكومية من خلال نظام العدالة الجنائية أو نظام الصحة النفسية، فإن هذا الشخص يقع أيضاً فى الفئة الثانية، ويتم تعريف جميع الأفراد الذين يقعون فى الفئة الثانية من خلال علاقة نشطة ومستمرة مع الضوابط الحكومية، كما أنهم لا يعتبرون أفراداً مستقلين/منتجين من السكان، وعلى هذا النحو فهم يعدون عائقاً اقتصادياً.
إن النهج المكون من فئتين يتناقض مباشرة مع النموذج الاقتصادى التقليدى المكون من ثلاثة أجزاء والمرتبط بالاقتصادات الرأسمالية «الطبقة العليا والطبقة المتوسطة والطبقة الدنيا»، وتتمثل أهمية الاختلاف فى أن نظرية الرأسمالية الاجتماعية ترى أن البرامج الاجتماعية لا حاجة لها وليست إيجابية للطبقتين العليا والمتوسطة، بينما ترى الرأسمالية الاجتماعية أن البرامج الاجتماعية الشاملة تضر الاقتصادات لأن هذه البرامج الكبيرة تقلص أسواق رأس المال، وقد بنيت العديد من الاقتصادات الأوروبية على نموذج الاشتراكية العالمية التى تعانى من تدخل السوق فى مختلف قطاعات الاقتصاد، كما تقلص الضرائب المرتفعة المفروضة على البرامج الاجتماعية الشاملة سوق رأس المال كله وبالتالى تقلص الاقتصاد الوظيفى.
ترى الرأسمالية الاجتماعية أن اقتصاد الطبقة الأولى يعمل بشكل مستقل عن اقتصاد الطبقة الثانية فى نواحٍ متعددة، فمن الممكن والمنتشر للثروة الكبيرة أن تتراكم فى الطبقة العليا بغض النظر عن حجم الطبقة الدنيا أو التغيرات التى تحدث فى الطبقة الدنيا، ومع ذلك، تهدف البرامج الاجتماعية الأقوى إلى تقليص حجم الطبقة الدنيا مما يؤدى إلى مزيد من الثروة فى الطبقة العليا. ويوضح استطلاع تم إجراؤه عن الناتج المحلى الإجمالى للبلدان فى جميع أنحاء العالم بسهولة أن تقلص الطبقة الدنيا يؤدى إلى فوائد تصاعدية فى الطبقة العليا.
فوائد النموذج الرأسمالى الاجتماعى: يعد الاستقرار المتزايد للاقتصادات والذى ينتج عن اللوائح الحكومية الدقيقة، من إحدى المميزات التى تدّعيها الرأسمالية الاجتماعية. ويجب أن تكون اللوائح محدودة قدر الإمكان بحيث يتمكن مشاركو الفئة الأولى من إنتاج أكبر قدر من الناتج المحلى، ومع ذلك، هناك حاجة إلى اللوائح لضمان أن الأفراد لا تستغل الأسواق لتحقيق مكاسب شخصية على حساب نمو السوق والاستقرار.
وهناك ميزة قوية أخرى تشملها نظرية الرأسمالية الاجتماعية وهى التميز الواضح فى العالم الحقيقى بين الأفراد الذين يقعون فى الفئتين، فأفراد الفئة الأولى لديهم دخل ثابت يسمح لهم بالعمل دون دعم خاص أو حكومى، بينما أفراد الفئة الثانية لا يمكنهم تلبية معيار المعيشة السائد ويعتمدون على الدعم الخاص أو الحكومى. ويشمل الجزء الأكبر من هذه المجموعة ما يلى:
- الأسر الفقيرة التى تعتمد على الإسكان الحكومى وبطاقات الطعام.
- الأطفال الذين يعتمدون على التعليم العام والخاص ليصبحوا مشاركين فى السوق.
- المسنون الذين لم يظلوا يكسبون الأجور اللازمة لتلبية معيار المعيشة السائد.
- المجرمون ذوو الدخل المنخفض الذين يحتاجون إلى تدخل الشرطة.
المجرمون ذوو الدخل المرتفع هم مجموعة صغيرة لا تتفق تماماً مع النموذج المكون من فئتين. ولا تمتلك مكاناً واضحاً لهؤلاء الأشخاص إلا نماذج اقتصادية قليلة، من خلال تصور الاقتصادات الحديثة فى فئتين، من الممكن أن نرى برامج دعم اجتماعى على نطاق واسع للفقراء مثل تعزيز الاستقرار الاقتصادى والنمو، وترد بعض الأمثلة أدناه للمساعدة فى تقديم شرح عملى عن كيفية عمل ذلك «هذه القائمة ليست إلا مجرد قائمة توضيحية للعديد من مسئوليات اقتصاد الفئة الثانية».
نستكمل فى مقال آخر