خرج رئيس مجلس الشعب أحمد فتحى سرور -المتهم فى موقعة الجمل- من قفص الاتهام ليسأل أحد الشهود هذا السؤال: ما مغزى أن تنشر على صفحتك على الفيس بوك صورة مصطنعة لشيخ الأزهر وهو يقبل بابا الفاتيكان فى فمه؟ أجاب الشاهد إن هذه الصورة نشرت فى إحدى الجرائد الإيطالية، لإعلان ماركة ملابس، والشركة المعلنة وضعت عنوانا لها تحت مسمى «القبلات المستحيلة». أراد سرور بخبراته الطويلة فى المحاكم أن يشكك فى أخلاقيات الشاهد، كأقصر طريق لهدِّ شهادته. فأثار حكاية «بوسة بقه». وكما يعلم الكثيرون فإن هذا الموضوع يشكل جزءاً من الثقافة المصرية الشعبية. فكثيراً ما يلاعب الأب ابنه ويقول له: سوف أعطيك «الشيكولاتة» بس تدينى «بوسة بقه».
أتصور أن «سرور» لم يستخدم الحيلة الأنجع وهو يستند إلى مسألة «بوسة بقه». فالبوس كان مذهباً من مذاهب الدولة فى عصر المخلوع الذى كان سرور ركناً من أركانه. فبكل سرور كان أى مسئول يقبل الأيادى والوجنات والله أعلم كان بيوصل لـ«بقه» ولاّ لأ. يشهد على ذلك تلك اللقطة التى سجلت لأحد الإعلاميين وهو يقبل يد «صفوت الشريف» المتهم فى موقعة الجمل، وكذلك اللقطة التى سجلت لعائشة عبدالهادى وهى تقبل يد «الهانم» مراة «المخلوع»، وعائشة من المتهمات أيضاً فى موقعة الجمل. يعنى أغلب المتهمين فى الواقعة التى يحاول فتحى سرور أن يفلت من العقوبة فيها بالتذرع بأن الشاهد انتصر لفكرة «بوسة بقه» بين الرجالة كانوا من المؤمنين بـ«البوس» عمال على بطال بين الرجالة وبين السيدات فى عصر كان يعيش أبطاله «فى جحيم من القبل»!
وتأكيداً على حقيقة أن «البوس فريضة قومية»، لا ترتبط بنظام دون نظام أو بعصر دون آخر، علينا أن نشير إلى أن الإخوان المسلمين يؤمنون هم الآخرون بمسألة «البوس»، بل ويضيفون إليها الأحضان أيضا. فيد المرشد العام تقبل لتحل بركة «المتباس» على اللى «بـيبوس»، وإذا كان عصر المخلوع هو عصر «هز الأكتاف» فإن عصر الإخوان يرفع شعار «تقبيل الأكتاف»، والسبب فى ذلك مفهوم، ويرتبط برفضهم فكرة تقبيل وجنات -يعنى خدود- الرجال لأن هذا غير جائز، وبخاصة أن أغلبهم مش حالقين دقنهم! وذلك على عكس أسلوب التقبيل فى العهد البائد، حيث كان الرجال يتبادلون تقبيل الوجنات، لأن الكل كان «حالق»، إذ كانت «الحلاقة» تعد منهجاً من مناهج الحياة. وكان شعار «علّق الفوطة» هو شعار المرحلة، ويعنى «عصر» المواطن أثناء دفع الحساب، وحلب آخر قرش فى جيبه. والمواطن الطيب لم يكن يحتاج إلى كل هذا العنت، لأنه اعتاد أن يدفع آخر جنيه فى جيبه وفوقيه «بوسة».