بعد عام من أحداث الحرس الجمهوري .. الاتهامات متبادلة والحقيقة "قيد التحقيق"
الرابعة صباحًا، موعد اتفق عليه الجميع واختلفوا حول أحداثه، اليوم، هو الذكرى السنوية الأولى للأحداث التي عُرفت بـ"أحداث الحرس الجمهوري"، نظرا لوقوعها بمحيط دار الحرس الجمهوري فجر الاثنين 8 يوليو من العام الماضي، استيقظ المصريون على أخبار غلق الشوارع المحيطة بدار الحرس، ووقوع قتلى وإصابات، وفيديوهات منتشرة على مواقع التواصل الاجتماعي، بعضها من قبل القوات المسلحة، توضح أن "الإخوان" هم الجناة، وعلى الجانب الآخر، ينشر الإخوان وأنصارهم فيديوهات توضح تورط الجيش في قتل الأبرياء، بين هذا وذاك، وقف الجميع أمام حُرمة الدم، تاركين الاتهامات تتقاذف، بعد عام من وقوع الأحداث، نرصد ردود أفعال الجهات الرسمية والإخوان والقوى السياسية، والدولية بعد هذا اليوم الدامي.
ـ الحدث:
نشبت اشتباكات بين قوات الأمن، المكلفة بتأمين دار الحرس الجمهوري، وأنصار الرئيس المعزول محمد مرسي أمام دار الحرس الجمهوري، الذين كانوا معتصمين؛ لاعتقادهم بأن "مرسي" محتجز بداخله، فجر 8 يوليو 2013، في شارعي صلاح سالم والطيران بمدينة نصر، وأدت الاشتباكات إلى سقوط أكثر من 50 قتيلًا، بالإضافة إلى عشرات المصابين في صفوف الطرفين الذين وصلوا إلى أكثر من 300، حسب تصريح هيئة الإسعاف المصرية، وكان نتاج اليوم أيضًا قرر المستشار مصطفى خاطر، المحامي العام الأول لنيابات شرق القاهرة، حبس 200 متهم في الأحداث، وإخلاء سبيل 452 آخرين، بكفالة 2000 جنيه.
ـ جبهة الإخوان: بيان حزب الحرية والعدالة
طالب حزب الحرية والعدالة، الذراع السياسي لجماعة الإخوان المسلمين، في بيان رسمي، المجتمع الدولي والمنظمات والهيئات الدولية وكل من أسماهم "أحرار العالم"، إلى التدخل لـ"إسقاط الغطاء عن ذلك الحكم العسكري كي لا تكون هناك سوريا جديدة في العالم العربي"، وأكدوا أنه أطلقت طلقات الرصاص الحي ضد آلاف المعتصمين السلميين أمام نادي الحرس الجمهوري، وهم يؤدون صلاة الفجر، وأشاروا إلى أن عدد الذين سقطوا حتى كتابة البيان 4 شهداء، وهم في تزايد نتيجة لخطورة الإصابات، ومئات المصابين معظمهم في حالات حرجة، ولم تستطع سيارات الإسعاف المتواجدة بالميدان وحدها نقل الشهداء والمصابين، وقام الأهالي والمعتصمون بنقلهم إلى المستشفى الميداني للاعتصام بسياراتهم الخاصة ودراجاتهم البخارية".
ـ جبهة الجيش والداخلية:
عقدت الجهتان مؤتمرًا صحفيًا مشتركًا، ظهر يوم الأحداث، بهيئة الاستعلامات العامة، لكشف حقائق أحداث الحرس الجمهوري، وأوضحا أن القوات تركت المعتصمين أمام دار الحرس الجمهوري، لكنهم فوجئوا في الرابعة صباحًا، بالبعض ضمن هذه التجمعات بإلقاء الحجارة على القوات، ثم تطور الأمر بإطلاق النار بكثافة تجاه القوات المكلفة بتأمين دار الحرس، خلّفت استشهاد ملازم ومجند من الشرطة وأصيب آخرون، وأكد المتحدث باسم وزارة الداخلية أنه تم التعامل وتمت السيطرة.
وأوضح المتحدث باسم القوات المسلحة، أن القوات أصدرت أكثر من تحذير والموقع الرسمي للمتحدث العسكري، أشاروا إلى تحذيرات بعدم الاقتراب من المؤسسات العسكرية أو المنشآت العسكرية أو الأفراد القائمين عن تأمينها، وأوضح أن هذا قانون في كل دول عالم.
وعمّا حدث، قال المتحدث العسكري، إن المشهد خرج عن السلمية في صباح الساعة الرابعة، حيث هاجمت مجموعة مسلحة المنطقة المحيطة بدار لحرس الجمهوري والأفراد القائمين على تأمينه من القوات المسلحة والشرطة المدنية، باستخدام ذخيرة حية وأعيرة خرطوش ومجموعة أخرى، تعتلي المباني الموجودة في مقدمة شارع الطيران وعلى امتداد الشارع، وقامت بقصف القوات بالأدوات الصحية كبيرة الحجم والذخائر والمولوتوف، أسفرت الأحداث عن استشهاد أحد ضباط القوات، وإصابة 42 آخرين إصابات مختلفة، وهناك عدد لا يقل عن 8 حالات حرجة.
وأوضح أن القوات من جيش وشرطة مدربون على استخدام قواعد الاشتباك طبقًا للموقف، من خلال استخدام ذخائر مطاطية، مسيل للدموع، طلقات في الهواء، ولكن عندما يُهاجموا بذخيرة حية فكل قوانين العالم تتيح للقوات التعامل، فهو يدافع عن حقه كجندي مصري وعن المنشأة وعن الأمن القومي المصري.
وأشار إلى أن الكثير من المعتصمين، روجوا أن الشرطة والقوات المسلحة قتلت أطفالًا، وعرضت إحدى الصفحات التابعة للتيار الديني هذه الصورة، متسائلًا: "كيف يتم الزج بأطفال في مواقع الحدث؟"، كاشفًا أن تلك الصور نشرت في شهر مارس الماضي لأعمال العنف في سوريا، وأعيد نشرها لتلفيق القتل للقوات المسلحة.
ولم تذكر الرواية تفاصيل عن كيفية التصدي للإخوان.
ـ ردود الأفعال السياسية:
محمد البرادعي، رئيس حزب الدستور حينها، أدان الاشتباكات التي وقعت في محيط الحرس الجمهوري، وطالب بفتح تحقيق فوري فيما حدث، وقال عبر حسابه الخاص على "تويتر": "العنف ليس السبيل أيا كان مصدره ويجب إدانته بكل قوة، أطالب بتحقيق فوري مستقل وشفاف. مصر الآن في أمس الحاجة إلى المصالحة مع نفسها".
حزب مصر القوية، أدان قتل المتظاهرين أمام دار الحرس الجمهوري، محملاً القوات المسلحة المسؤولية في عدم حفظ دماء المصريين، والتي تعهدت بحفظها، كما أدان الاستخدام المفرط للسلاح، والذي نتج عنه هذا الكم الكبير من القتلى، وطالب الحزب، في بيان له، بإجراء تحقيق فوري محايد في هذه الأحداث التي وقعت في بعض الميادين بالقاهرة والإسكندرية وخلافهم، كما دعا الحزب قيادات الإخوان المسلمين بوقف الحشد والتصعيد واستخدام العنف والزج بالشباب في مواجهة مع الجيش، وإعطاء فرصة للحل السياسي.
وأعلن أنه يعلق مشاوراته فيما يخص خارطة الطريق، ويسعى خلال الفترة المقبلة للتواصل مع كل اﻷطراف، للخروج من اﻷزمة ووقف نزيف الدماء.
جبهة الإنقاذ المصري، أدانت كل أعمال العنف وأي محاولة للاعتداء على القوات المسلحة المصرية بعد سقوط عشرات القتلى، وأضافت أنها تؤكد على "الإدانة القاطعة لكل أعمال العنف، وأي محاولة للاعتداء على المنشآت العسكرية ورجال القوات المسلحة"، وطالبت "بتحقيق عاجل وعادل في الأحداث المأساوية التي وقعت، أمام دار الحرس الجمهوري، على أن تطرح نتائج هذا التحقيق بشفافية أمام الرأي العام المصري والعالمي".
حزب النور، أكد في بيان له أنه حتى ولو كان رد فعل لمحاولة تسلق سور دار الحرس الجمهوري، فإنه رد فعل فوق المبالغ فيه، ونحن ننأى بالجيش المصري عن المواجهة بهذه الطريقة التي تشعل الأزمة، وتدخل البلاد في النفق المظلم للحرب الأهلية، التي طالما حذرنا منها، وكل ما حدث يؤكد صحة موقف الدعوة والحزب من هذه الفتنة وضرورة تجنبها وتجنب سفك الدماء من جميع أبناء هذا الشعب، فكل دماؤهم معصومة في الأصل.
فيما نقلت شبكة "سكاي نيوز" الإخبارية عن المتحدث الرسمي لحزب النور، قوله: "قررنا الانسحاب فورًا من كل مسارات التفاوض كرد فعل أولي على مذبحة الحرس الجمهوري".
الأزهر الشريف، طالب السلطات المصرية بالكشف عن حقيقة سقوط قتلى أمام دار الحرس الجمهوري بالقاهرة، وقال أحمد الطيب، شيخ الأزهر في بيان له، إنه يستنكر بألم شديد ما حدث من سقوط قتلى، كما أذاعت بعض وسائل الإعلام، وطالب سلطات الدولة بالكشف فورًا عن حقيقة ما حدث، وإطلاع الرأي العام والشعب المصري كافة، على كل تفاصيل هذا الحادث المؤلم لقلوب المصريين جميعًا، ويحذر من فتنة مظلمة.
وطالب بوقف أعمال العنف بكل أشكالها وتجنب دعاوى التكفير والتخوين، واحترام الدم المصري، واستعمال الأساليب السياسية وحدها في حل النزاعات السياسية؛ حتى لا تحدث أخطارًا لا يمكن تلافيها على المصالحة الوطنية، بحسب البيان.
ـ ردود الأفعال الدولية:
دعت وزارة الخارجية الأمريكية الجيش المصري، إلى ممارسة أقصى درجات ضبط النفس، في الرد على المحتجين بعد مقتل 51 شخصًا على الأقل، عندما أطلق الجنود الرصاص على محتجين من مؤيدي الرئيس المخلوع محمد مرسي، وقالت المتحدثة باسم الوزارة جين باسكي، للصحفيين في مؤتمر صحفي اعتيادي: "ندين بشدة أي عنف إضافة إلى أي تحريض على العنف".
وأضافت: "ندعو الجيش لممارسة أقصى درجات ضبط النفس في الرد على المحتجين كما نحث جميع المحتجين على التظاهر سلميًا".
واستنكرت النائب الأول لرئيس المفوضية الأوروبية كاثرين آشتون، الخسائر في الأرواح بسبب الاشتباكات التي وقعت أمام مقر الحرس الجمهوري في القاهرة.
وأكد رئيس البرلمان الأوروبي مارتن شولتز، أن "تزايد الاشتباكات الدامية في مصر مقلق وصادم"، وذكر في بيان له: "أدين بشدة استخدام العنف ضد المدنيين الذين يتظاهرون"، مضيفًا: "يجب على قوات الأمن وجميع الفاعلين السياسيين التحلي بروح المسؤولية ووقف سفك الدماء"، وأشار إلى أنه "في هذا الوقت الحرج يجب أن يظل الحفاظ على الوحدة الوطنية والمصالحة أولوية قصوى لجميع المصريين، من أجل ضمان العودة إلى عملية سياسية سلمية وديمقراطية في أقرب وقت ممكن".
وقالت آشتون، في بيان للاتحاد الأوروبي، إنه تم فتح تحقيق في الأحداث المأساوية، وتثق بأن هذا سيجري بسرعة بطريقة نزيهة، وكررت الدعوة لأقصى درجات ضبط النفس ووضع حد فوري لأعمال العنف، مؤكدة أن "الحوار والتوافق هما السبيل الوحيد للمضي قدمًا في استعادة إطار المدنية والديمقراطية بسرعة".
كما أدان البيت الأبيض، الدعوات الصريحة إلى العنف والتي أطلقتها جماعة الإخوان المسلمين في مصر، مشيرًا إلى أن الإدارة ستأخذ وقتها قبل أن تقرر ما إذا كان عزل الرئيس الإسلامي محمد مرسي جاء نتيجة انقلاب عسكري أم لا.
ـ موقف "الرئاسة":
أصدر المستشار عدلي منصور، الرئيس المؤقت للبلاد حينها، أمرًا بتشكيل لجنة قضائية للوقوف على ملابسات الأحداث التي وقعت أمام دار الحرس الجمهوري، فجر الاثنين، والتحقيق فيها وإعلان النتائج للرأي العام.
وأعربت رئاسة الجمهورية، في بيان لها، عن "أسفها الشديد" لوقوع ضحايا من المواطنين المصريين في أحداث الحرس الجمهوري.
ودعت الرئاسة، جميع المتظاهرين إلى عدم الاقتراب من المركز الحيوية والمنشآت العسكرية بالبلاد، كما ناشدت جميع الأطراف الاضطلاع بمسؤوليتها الوطنية في تنقية الأجواء وتحقيق المصالحة الوطنية، من أجل إنجاز المرحلة الانتقالية في أسرع وقت.
ـ على الجانبين:
أشارت المستشفى الميداني لاعتصام أنصار الرئيس المعزول محمد مرسي، أمام مسجد رابعة العدوية شرقي القاهرة، أنه سقط أكثر من 40 قتيلًا ونحو 1000 مصاب، بعضهم إصابته خطيرة، إثر تعرضهم لإطلاق نار من جانب الجيش، بحسب روايتهم.
فيما أعلنت القوات المسلحة المصرية، في بيان لها، أن ضابطًا قُتل وأصيب عدد آخر من المجندين في محاولة مجموعة إرهابية مسلحة، اقتحام دار الحرس الجمهوري، والاعتداء على قوات الأمن والقوات المسلحة والشرطة المدنية.
ـ تحقيقات:
مازالت التحقيقات تباشر مع المتهمين في الأحداث، ولكن أثناء التحقيق مع صفوت حجازي، الداعية الإسلامي، قال عن الأحداث: "عقب صلاة الفجر فوجئ بطلقات نارية كثيفة في المكان، ولم يكن يعرف مصدرها في بداية الأمر، وحدثت حالة من الذعر، وعرفت أن هناك اشتباكات بين المعتصمين وأفراد من الحرس الجمهوري، وفي الحقيقة الجيش لم يطلق النار على المعتصمين وقت الصلاة، إنما بدأ إطلاق النيران بعد الانتهاء من الصلاة".
وسألته النيابة عن مكان تواجده وقت تلك الاشتباكات، فرد: "بعد أن سمعت تلك الطلقات اختبأت داخل مسجد رابعة، بعدما شاهدت قتلى ومصابين يسقطون بجواري".