ينظر إلى الفراغ، جبينه يتصبب عرقا، يسرح بخياله بعيدا، يكاد لا يسمع ما يجري حوله، يعيش في عالم بمفرده، يتذكر ساعات عصيبة مرت عليه وانقضت منذ دقائق، يسيطر عقله على تفاصيلها، يسرح معها تلقائيا، يتذكر وقوفه بجانب سرير «أم» مريضة بفيروس كورونا، يحاول جاهدا أن يعيدها إلى الحياة، فنسبة الأكسجين في دمها وصلت إلى 35%، وأغلقت الرئة بالجلطات تماما وبدأت نسبة الأكسجين في الانخفاض، يضع يده على صدرها، ويستمر في الضغط، وينفخ في فمها، محاولا إبقائها حية.
ساعات مرت على قيامه بالتنفس الصناعي اليدوي المجهد، لم يتوقف ولو لحظة، رغم صعوبته، مما أفضى به الأمر إلى جلوسه متربعا منهكا، سارحا بهذه التفاصيل، واضعا يديه على قدميه، بعد أن أنقذ امرأة من أن يفضي الفيروس القاتل بحياتها، بعد أن قالت له جملة، حركت الطبيب ودبت النشاط في جسده، فبكلمات متقطعة تخرج ببطء، قالت «والنبي يا دكتور ماتيتمش عيالي».
بين جلسة وجلسة.. فرق كبير
فرق كبير بين جلسة الطبيب أحمد عنتر القرنشاوي، طبيب الرعاية المركزة بمستشفى المبرة بالإسكندرية، وبين جلسة الممرضة آية علي، بمستشفى الحسينية، فالأولى تعكس حالة من الراحة والانتصار بعد نجاح الطبيب في إنقاذ روح مريضة، والثانية تعكس حالة من العجز شعرت بها الممرضة بعد أحداث مستشفى الحسينية التي أفضت إلى وفاة العديد من الأشخاص بسبب نقص الأكسجين.
صورة «الطبيب» على مواقع التواصل
وتداول العديد من رواد مواقع التواصل الاجتماعي صورة الطبيب، وقالوا إنه يدعى الدكتور أحمد عنتر القرنشاوي، وعلقوا على الصور ناشرين حكايته، حيث كتب أحدهم: «حالة مصابة بكورونا وصل نسبه الأكسجين في دمها لـ35% ولا تستجيب عند وضعها على أجهزة الأكسجين لأن الرئة اتقفلت بالجلطات خلاص، وتبدأ نسبة الأكسجين تقل خلاص الحالة الأم الشابة بتموت وقبل متروح في الغيبوبة توصي الطبيب باللفظ والنبي يا دكتور متيتمش عيالي، ويكون رد فعل الطبيب إنه هو وطاقم التمريض المخلصين ولمدة خمس ساعات يقسموا إنهم لن يتركوها».
واقتصرت التعليقات على الصورة بالدعوات الكثيرة للطبيب، فعلق البعض: «لو فضلت اتكلم عن الجيش الأبيض، التمريض والدكاترة، مش هوفيكم حقكم، دومتم لنا سند وأمان، ألف تحية وتقدير للجيش الأبيض ويارب يحفظكم ويشفيكم ويعافيكم ويقويكم»، بينما كتب آخر: «من أحياها كأنما أحيا الناس جميعا ثبت الأجر إن شاء الله».
تعليقات الفيسبوك