فى ظل التركيز المتزايد على التكنولوجيا الرقمية، التى سرعت الاعتماد عليها جائحة كورونا لاحظنا اعتماد حزمة من السياسات المستندة إلى رؤية الاعتماد على التكنولوجيا الرقمية كان على رأسها التعليم، حيث تسعى المنظومة التعليمية فى هيكلها الجديد لترسيخ ثقافة البحث والاطلاع والمعرفة لدى الطلاب، التى تنعكس بدورها على رفع قدراتهم الابتكارية والإبداعية والتى بالضرورة ستشكل نواة ترسيخ مبادئ الاقتصاد المعرفى أو بالأحرى اقتصاد الملكية الفكرية. ونظراً لارتباط الملكية الفكرية الوثيق بالتكنولوجيا والابتكار والرقمنة ستكتسب الملكية الفكرية المزيد من الأهمية، خصوصاً فى ظل تنامى المعرفة بصناعة الذكاء الاصطناعى والطباعة ثلاثية الأبعاد وغيرها من مجالات الملكية الفكرية المختلفة.
والحقيقة أن المشرع الدستورى قد أصابه التوفيق حينما استشرف المستقبل فى المادة 69 من الدستور المصرى، التى تنص على «تلتزم الدولة بحماية حقوق الملكية الفكرية بشتى أنواعها فى كافة المجالات وتنشئ جهازاً مختصاً لرعاية تلك الحقوق وحمايتها قانوناً وينظم القانون ذلك». ووفقاً لما نص عليه الدستور فإن الجهاز منوط به الحماية والرعاية وليس الحماية فقط، ولو كان الأمر يقتصر على الحماية فقط فنحن لسنا بحاجة إلى إنشاء مثل هذا الجهاز ولكن الرعاية تقفز بنا من دور المشاهد لدور فاعل الحدث، وهذا ما يفعله الرئيس منذ توليه قيادة الدولة، فلديه فن صناعة الحدث. وفى ظل تباين الجهات والقوانين والرؤى ذات الصلة بالملكية الفكرية بما فى ذلك الابتكار والإبداع كان لا بد من ضم كافة الجهات والقوانين ذات الصلة بالملكية الفكرية تحت مظلة واحدة فقط وهى جهاز تنفيذى مختص بشئون الملكية الفكرية من نواحى الحماية والرعاية على حد سواء، منوط به وضع السياسات والرؤية المستقبلية الموحدة للملكية الفكرية للدولة المصرية، واضعاً فى عين الاعتبار ضرورة الاستفادة من البعد التنموى للملكية الفكرية وتطبيقاتها باعتبارها أحد أهم الروافد الاقتصادية، حيث إن لديها القدرة على تحصيل دخل سنوى يتخطى المليار دولار إذا تم تنظيم شئونها بشكل فعال من نواحى الحماية والرعاية، ومن هذا المنطلق أصبح إنشاء جهاز قومى للملكية الفكرية هدفاً قومياً اقتصادياً لاعتبارات عديدة لا تسع المساحة الراهنة ذكرها، وسنفرد لها على التوالى سلسلة من المقالات، ونشير هنا إلى كونه حلقة وصل بين المبدعين والمبتكرين وقادة الأعمال والمستثمرين المهتمين بضخ الاستثمارات فى المنتجات الإبداعية، فجهاز قومى للملكية الفكرية هو سبيل جديد للتشجيع على الإبداع والابتكار ونافذة مهمة للغاية للمبتكرين والمبدعين تعود بالنفع المالى المباشر على ثلاثية المنظومة، المبتكرين والمستثمرين والدولة.