«حليم» الإعلام الكنسي يغادر (بروفايل)
القس بولس حليم
لكل شخص نصيب من اسمه، ومن هؤلاء القس بولس حليم، الذي يغادر منصبه كمتحدث باسم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية بعد 90 شهرا قضاها متحدثا باسم الكاتدرائية المرقسية بالعباسية، فهو «حليم» الخلق، اختار والده اسمه تشبها بـ«بولس» رسول المسيح، صاحب لسان العطر وفيلسوف المسيحية.
فالكاهن القبطي، صاحب الصوت الرخيم، وديع الطلة بنظارته الطبية التي تعلو ذقنا كسى اللون الأبيض شعرها، ولم يجد اللون الأسود مكانا إلا في ملابسه الكهنوتية، يتدلى من عنقه صليبا خشبيا يحمل في قلبه إيقونة للعذراء ووليدها «المسيح» الذي كرس «بولس» حياته لخدمته قبل أن يختار ليرسم كاهنا في 3 يونيو 2001م بكنيسة مارجرجس بمنطقة القللي بوسط القاهرة.
90 شهرا تولى «حليم» خلالها منصب المتحدث باسم الكنيسة
الكاهن الذي يحتفل هذا العام بمرور عشرين عاما على كهنوته، اختاره البابا تواضروس الثاني، البطريرك الـ118 على سدة كرسي «مارمرقس» الرسول، في 20 سبتمبر 2013م، ليكون أول متحدث رسمي للكنيسة العتيقة، فلم تكن الكنيسة التي يعود تاريخها لألفي عام، تعرف هذا المنصب من قبل، فالبابا الراحل شنودة الثالث، كان صاحب كاريزما، متمرس مع فنون الإعلام والصحافة اللتان امتهنهما في حياته، فضلا عن أن سكرتاريته من الأساقفة أنبروا ليشغلوا فراغ المنصب.
وكان «المركز الإعلامي» للكنيسة، أحد محاور المنظومة الإدارية الجديدة التي أراد البطريرك الـ118 إدخالها للكنيسة، في عهده الذي بدأ في 18 نوفمبر 2012م، تحقيقا لحلم المؤسستيه وترك كنيسة عصرية لمن يخلفه على كرسي البابوية، وكانت المهمة شاقة على «حليم»، فلم يكن للمركز مقرًا، ولا يوجد مكتبًا، حتى وجد مكاتب مهجورة داخل الكاتدرائية، أخذها ركنا ومنها انطلق، لتصير المكاتب المهجورة بعد سبع سنوات ونصف تضم مركزا إعلاميا حصل على شهادة الأيزو، وقاعات للتدريب والمؤتمرات، وبجوارهم مقرا لأول منصة كنسية رقمية على مواقع التواصل الاجتماعي.
إعادة تشكيل المركز الإعلامي للكنيسة
90 شهرًا، جرت في نهر الوطن والكنيسة مياه كثيرة، فكان "حليم" عليه تصدر المشهد والصورة، بالمعلومة والخبر، نجح كثيرا واخفق كذلك بسبب القيود وتململ الدوائر الكهنوتية من أضواء الإعلام التي لم تعتادها أعين أغلب القادمين من الصحراء.
حاول الرجل قدر المستطاع أن يسهل مهمة الإعلاميين الذين لم يغفل شكرهم في بيان وداعه الأخير للمنصب الذي يغادره كسنة الحياة وكنهج للبابا تواضروس بضخ دماء جديدة في الشرايين الإدارية للكنيسة، ليترك لمن خلفه في المنصب، صرحا كبيرا، لعل القادم الجديد من إيبارشية سوهاج «القمص موسى إبراهيم يعقوب»، يتخذه منطلقا قويا لعمله خلال المرحلة المقبلة التي يسعى البابا خلالها لتغيير دوائر الإعلام الكنسي وإنشاء مظلة كبرى كهيئة موحدة لتنظيم عمل المنظومة في تناغم وانسجام.
القرار البابوي رقم 4 لسنة 2021م، الذي أصدره البابا وسيبدأ تنفيذه اعتبارا من أول مارس، خفف المسؤوليات عن كاهل «حليم»، جعله مختصا عن التدريب والمؤتمرات وهو الذي كان دينامو المشروع البابوي «ألف معلم كنسي»، ووزع مهامه التي كان يقوم بها طوال السنوات السبع الماضية على 5 أفراد، وبرره الكاهن في بيان مغادرته بالقول: «منذ اختار الله البابا تواضروس الثاني على الكرسي المرقسي، كان العمل المؤسسي أحد أهم أدواته في رعاية شعب الكنيسة. ومن منطلق مبدأ التغيير الذي ينتهجه البابا ومن أجل مزيد من التخصص، قام بإعادة تشكيل العمل في المركز الإعلامي»، مطالبا من الإعلاميين التعاون مع من سيخلفه في المركز، مشيرا إلى أن كلاهما من فريق المركز الإعلامي الأساسي ومشهود لهما بالكفاءة والحرفية والتميز، متمنيا لهم التوفيق والنجاح قبل أن يغلق باب منصبه القديم ويغادر.