تقود جريدة «الوطن» حملة إعلامية واسعة تشارك فيها كل الصحف والقنوات التليفزيونية والإذاعات ومواقع التواصل الاجتماعى ذات الصلة لتفعيل مبادرة «الوطن» (٢ بس)، وتشمل توعية المدارس الثانوية والكليات الجامعية بخطورة القضية السكانية، وأن تكون هناك مادة علمية تدرس بامتحانات عن مفاهيم تنظيم الأسرة ودورها فى التنمية المستدامة، وأن يدرس الطلاب الـ١٧ هدفاً للتنمية المستدامة التى اتفقت عليها جميع الدول مع الأمم المتحدة لتنفذها، بعضها قرر أن تتم فى ٢٠٣٠، مثل مصر، وأخرى قررت ٢٠٥٢، وثالثة قررت ٢٠٦٣، وهكذا حسب قدرة كل دولة، وربط عدد السكان بتحقيق هذه الأهداف سوف يلفت النظر تلقائياً إلى خطورة المشكلة السكانية، فمثلاً الهدفان الأولان عن الأمن الغذائى والقضاء على الجوع، فكيف يتم هذا مع قلة الأراضى وقلة موارد المياه وكثرة الإنجاب؟! إنها معادلة عكسية، كلما زاد السكان زاد الالتهام لمزيد من الموارد الغذائية، ويتطلب ذلك «كهرباء ومياه وسكن ونقل وتعليم وصحة وطرق ومدن»، وكلما توسعنا هروباً من الزحام تراكم فى المناطق الجديدة مزيد من الزحام، وبنظرة على المدن الجديدة التى كانت تسكنها منذ سنوات قليلة أعداد تعد على الأصابع نجدها قد أصبحت الآن مكتظة ومتورمة بمزيد من الأعداد السكنية، وإذا استمر الوضع الحالى فإن مصر ستسير فى مسار دول مثل بنجلاديش من حيث الاكتظاظ السكانى والفقر فى الموارد وسائر الخدمات والمرافق.
والحقيقة أن مصر نفسها قد حققت سابقاً عدة نجاحات وطرحت كل وسائل تنظيم الأسرة مجاناً، وانتشرت رسائل التوعية فى كل وسائل الإعلام، وكان أشهرها إعلان «حسانين ومحمدين» ومشروع تحسين خدمات تنظيم الأسرة ومشروع الدكتور، ولا بد أن نعترف بأن د. ماهر مهران نجح نجاحاً باهراً فى هذا المجال، وصل نجاحه إلى أن تستضيف مصر المؤتمر الدولى للسكان بحضور كل دول العالم، ولعل من المهم أن يدعو الرئيس السيسى الصندوق الدولى للسكان لعقد المؤتمر الدولى للسكان هنا فى القاهرة، ويعرض قصص النجاح فى كل دول العالم فى مجال الحد من الزيادة السكانية.
وتملك مصر شبكة واسعة من منافذ تقديم الخدمة الصحية ينبغى أن تتحول كلها لمنافذ تقديم خدمات تنظيم الأسرة، وأن تعود الممرضات والطبيبات المتخصصات للتعاون مع الرائدات الريفيات لحملات التوعية المحلية مع مشاركة عربات متحركة لخدمات تنظيم الأسرة فى القرى والنجوع التى لا تتوافر فيها وحدات صحية، وتقريباً مصر تقترب من ٥٠٠٠ منفذ صحى فى جميع المدن والقرى تشكل شبكة واسعة من خدمات تنظيم الأسرة.
وقد كان أحد أسباب نجاح الحملات السابقة تحويل كل عيادات الأطباء خاصة أطباء النساء وكذلك الصيدليات إلى منافذ تقديم خدمة تنظيم الأسرة وكذلك تطبيق برامج المشورة «counseling» التى كانت سر نجاح وحدات تنظيم الأسرة فى عدة دول، منها إندونيسيا، ومن المهم أن تستدعى وزيرة الصحة والسكان أو رئيس المجلس القومى للسكان جميع الخبرات السابقة ومديرى المشروعات السابقة لتنظيم الأسرة، للاستماع إلى قصص نجاحهم وخبراتهم، دون الاكتفاء باجتماعات مغلقة تعيد تدوير أفكار نفس المجموعة التى تلتقى معاً فى كل مجال، والحرص على دعوة أساتذة الجامعات الذين تفوقوا فى هذا المجال، فمن المهم الاستفادة من الخبرات المحلية والإقليمية والدولية ثم طرح السياسة السكانية أمام المجتمع فى مناقشة مفتوحة.
إن أبعاد المشكلة السكانية ثلاثة: عدد السكان، ونوعية السكان، وتوزيع السكان، وإذا استمرت مصر فى الاهتمام فقط بمشكلة العدد السكانى لن تنجح، ولا بد أن تسير الأمور بالتوازى بين عدد ونوعية السكان، ثم موقع هؤلاء السكان أين يعيشون، هنا يكون دور مبادرة الرئيس بتطوير القرى المصرية لوقف الهجرة من الريف إلى الحضر، وهذا مدخل مهم يتبناه الرئيس.
وختاماً فإن مبادرة جريدة الوطن «٢ بس» كصحيفة هى الخطوة الأولى فى طريق طويل يتكاتف فيه الإعلام المصرى ليصبح إعلام التنوير بالفعل!