جاءتنى رسالة من المهندس «مجدى عبدالرؤوف محمد» يروى فيها قصة جديدة من قصص الظلم الذى قامت ثورة 25 يناير من أجل تطهير المجتمع منه، ومن عجب أنه استمر فى عصر حكومة الدكتور «قنديل»، رغم أن الظلم «ظلمات»!
يقول المهندس فى رسالته: «منذ عشر سنين وأنا أعمل فى معهد تكنولوجيا المعلومات التابع لوزارة الاتصالات، وتم تعيينى مديراً لشئون الطلبة والخريجين منذ عام 2005، ومكثت فى هذا الموقع سبع سنين متوالية، حتى أطلّ اليوم الأول من شهر أغسطس الذى توافق مع بدء نسمات شهر رمضان الماضى. ذهبت إلى عملى كالعادة، فإذا بى أفاجَأ بأن مكتبى مغلق، وأننى ممنوع من دخوله بأمر السيدة التى تشغل منصب القائم بأعمال مدير المعهد. تساءلت: أهكذا تتم صناعة القرار فى بلادنا بعد الثورة؟ فصل من العمل دون إبداء أسباب! رغم أننى أؤدى المطلوب منى بتفانٍ وإخلاص. والدليل على ذلك أننى كنت أصرف حافز إجادة حتى شهر يوليو 2012، أى قبل استبعادى من العمل مباشرة. وقد تقدمت بتظلم بتاريخ 5 أغسطس لوزير الاتصالات (المهندس هانى محمود)، لكنه لم يرد علىَّ، وتم إيقاف مرتبى لأجد نفسى وأولادى بلا مصدر دخل. لقد قامت الثورة من أجل حماية حقوق المواطنين. فهل يعقل أن تهدر هذه الحقوق بمجرد مجىء الحكومة الجديدة، لمجرد أن السيدة المسئولة عن المعهد تريد أن تتحكم فى رزق العباد؟!».
هذا السؤال أوجهه بالتبعية إلى وزير الاتصالات الذى يعمل فى ظل وزارة «قنديل» تحت إمرة الرئيس «مرسى» الذى تفتق ذهنه فى الأيام الأولى لحكمه عن إنشاء «ديوان المظالم»، ويبدو أن السيدة القائمة بأعمال مدير معهد تكنولوجيا المعلومات أرادت أن تنشّط العمل بهذا الديوان و«تنفّع» العاملين فيه، باتخاذ مثل هذه القرارات اللاإنسانية التى لا تعكس مجرد شكل من أشكال الاستبداد بالسلطة، بل تعبر عن حالة من الاستخفاف بمصائر البشر ومصادر دخلهم، رغم أن وزارة الاتصالات من أكثر الوزارات تحقيقاً للأرباح!
زمان كانت تحكم مصر سيدة اسمها «كليوباترا» -تحولت فيما بعد إلى ماركة من ماركات «السجائر»- وكتب عنها «وليم شكسبير» واحدة من أعظم قصصه «أنطونيو وكليوباترا» يحكى فيها كيف يؤدى الاستبداد بالسلطة إلى الدفع بالشخص نحو موارد الهلاك. فلا معنى لأن يُستبعد مواطن من وظيفته بلا مبرر، كما حدث لصاحب الرسالة، ولا مغزى لأن يشتكى للوزير المختص دون أن يأتيه رد، إلا أن تكون السلطة الحالية بصدد إعادة إنتاج الاستبداد القديم، وهو أمر لن يقبله أحد، بعد أن ولّى زمان السكوت. وإذا لم يرد الوزير على هذه الرسالة فمرحباً بوزارته فى «نادى الخرس»!