أين البرلمان؟!.. أو كما قال بسلامته!
- كم عدد الأحزاب الموجودة فى مصر الآن؟
سألنى صديقى هذا السؤال السخيف، وهو يرتشف من كوب الشاى الذى أمامه.. ثم لاحت على وجهه ابتسامة خبيثة.. حين لمح فى عينى حيرة الرافض إعلان جهله بالإجابة..
- وما علاقة هذا السؤال بما نناقشه الآن؟ بل لماذا تفترض أننى أعرف الإجابة؟!
- بل إننى أتحداك أن تعرفها..
البعض يُصر على استحضار الكراهية نحوهم!!
كان النقاش حول عزوف شريحة كبيرة من الشباب عن المشاركة فى الانتخابات الرئاسية التى جرت منذ شهور قليلة.. وكنت أرى أن سوء أداء الحملات الرئاسية كان سبباً أساسياً.. بالإضافة إلى شعور الشباب بالعجز عن إحداث أى تغيير بأصواتهم.. إن قاموا بالمشاركة فى هذه الانتخابات..
والواقع أننى ازددت اقتناعاً برأيى هذا حين بحثت عن إجابة هذا السؤال العويص.. فقد اكتشفت أن بلادنا الجميلة تمتلك عدداً من الأحزاب يفوق عدد الأحزاب الموجودة فى كل دول أوروبا مجتمعة!!
المشكلة الأكبر الآن هى أن هذه الأحزاب -وعلى اختلاف توجهاتها- ليس لها وجود حقيقى على أرض الواقع.. بل إن كثيراً منها لا يمتلك سوى مقر صغير لجريدة لم تصدر بعد.. وإذا صدرت.. لن يقرأها أحد!
لقد اقتربت انتخابات البرلمان.. الذى أرى أنه أهم بكثير من الانتخابات الرئاسية.. ولم يستطع أحد حتى الآن أن يقترب من مشكلات هذا الوطن الحقيقية.. أو يحاول إيجاد حلول لها!
إن الشباب الذين رفضوا التصويت لمرشح رئاسى.. لن يجدوا أيضاً مرشحاً برلمانياً يمثلهم.. وسينتهى بهم الأمر إلى العزوف عن المشاركة أيضاً فى الانتخابات البرلمانية.. مفسحين الساحة لتيارات معينة.. أن تجد لها مكاناً فى حكم هذا الوطن مرة ثانية!!
فالمتأمل فى القوى الموجودة على الساحة السياسية الآن لن يجد سوى قوتين وحيدتين.. إما الحزب السلفى الأشهر.. الذى يحمل قاعدة شعبية ريفية كبيرة بالفعل.. وإما الحزب الوطنى القديم.. حتى إن تنكر فى أسماء جديدة لأحزاب أخرى!!
أى أنه ببساطة.. السلطة الأقوى فى مصر -حسب الدستور الجديد- سوف تتأرجح بين من يحمل لحيته رمزاً للدين.. ومن يحمل ماله.. رمزاً لفساد قديم!!
يبدو أننا سنعصر أطناناً جديدة من الليمون.. اللعنة على الحموضة!
لم تقدم التيارات المدنية التى ملأت الدنيا صراخاً، مرشحاً واحداً لا غبار عليه.. أو حتى قليل الغبار.. يمكن أن يكون بديلاً مقنعاً لجموع الشباب المقاطعين!
لم تقنعهم يا عزيزى!! بل لم تحاول حتى إقناعهم.
إن محاولة فرض إرادتك فى المناداة بالحرية والعدالة الاجتماعية والديمقراطية.. والحفاظ على مدنية الدولة -التى لم تكن مدنية منذ عهد محمد على- دون أن تقترب من شرائح مجتمعك المتعددة لهى عبث..
عزيزى الحزبى المثقف.. لقد عاش الشعب جائعاً فى ظل حكم سابق ظالم.. لكنه حين استمع إليك.. كاد يموت من الجوع!
إن محاولة فرض إرادتك على هذا الشعب بحجة أنك تعرف أكثر منه لأنك مثقف.. لم تؤدِ إلا إلى أنه كرهك وكره ثورتك..
حتى الفئة التى كانت ترى فيكم الأمل.. كفرت بكم وبمبادئكم التى لم تطبقوا منها شيئاً.
أعلم أن كلامى قاسٍ حتى على نفسى.. ولكنها -للأسف- الحقيقة مجردة..
عزيزى الحزبى المثقف.. إذا كنت لم تفعل شيئاً سوى التنظير.. ولن تحاول أن تقترب من الشارع.. فأرجوك، نقّطنا بسكاتك!