مجمع الإصدارات المؤمَّنة يُنهي عصر التزوير ويختصر مدة خدمات المواطنين إلى 6 دقائق
الرئيس السيسى خلال افتتاح مجمع الإصدارات المؤمَّنة والذكية
افتتح الرئيس عبدالفتاح السيسى، أمس ، مجمع الإصدارات المؤمَّنة والذكية باعتباره أحدث مجمع صناعى تكنولوجى متكامل للإصدارات المؤمنة والذكية فى الشرق الأوسط وأفريقيا، ويعد خطوة فارقة للقضاء على ظاهرة تزوير المستندات والعقود، خاصة المتعلقة بـ«الأراضى، الوحدات السكنية، الشهادات التعليمية»، وكذلك التصدى للسلع المغشوشة والمضروبة سواء كانت أدوية أو سلعاً استهلاكية أو منزلية. ويخطط المجمع الجديد لمشروعات جديدة تابعة له، وكشفت مصادر حكومية، لـ«الوطن»، أنه سيتم تنفيذ مشروع فى وقت لاحق يتم بموجبه تسجيل البيانات «البيومترية»، وتشمل كل أنواع البيانات الخاصة بالمواطن، ليتم بعدها التأكد من بياناته عن بعد، بما يمكنه من طلب الخدمة أياً كانت من المنزل، مع توصيل تلك المنتجات له، سواء كانت بطاقة شخصية أو رخص سيارات أو غيرها من الإصدارات الحكومية الذكية والمؤمنة.
«الشهر العقاري»: تقليد المحرر المؤمَّن مستحيل
وتعنى البيانات البيومترية، التعرف الآلى على الأفراد استناداً إلى سماتهم البيولوجية والسلوكية، وتشمل بصمات الأصابع ومسح قزحية العين أو طريقة الفرد فى فعل شىء ما «مثل الطريقة التى يسير أو يكتب بها ونقاط القوة والضعف فى الشخصية»، وهى إحدى أكثر الوسائل الموثوقة لإثبات الهوية المتاحة فى حوزتنا، فمن الصعب للغاية تزييفها. وعلى مستوى الخدمات المقدمة للمواطنين، قالت المصادر إن «المجمع الجديد سيختصر الوقت اللازم لتقديم الخدمة، فبعد أن كان يصل فى بعض الخدمات لأسبوعين أو 21 يوماً، ستختصر هذه المدة لـ24 ساعة فقط كحد أقصى لتقديم الخدمة، أو من 6 دقائق إلى 12 دقيقة حال اعتماد نشر مجمعات لتلقى الخدمات فى الأماكن التى يتردد عليها المواطنون». وفيما يتعلق بظاهرة الاستيلاء على الأراضى والشقق السكنية سواء المملوكة للمواطنين أو الدولة، قال سامى إمام، رئيس الشهر العقارى الأسبق، إن «هذا المجمع سيحد بشكل كبير من عمليات التزوير والنصب والاحتيال التى تتم عبر تزوير المحررات الرسمية الورقية التى تصدر من الشهر العقارى أو التى تقدم إلى المحاكم خلال مراحل التقاضى المختلفة وأمام المحاكم المختلفة»، مؤكداً أن المحررات الجديدة ستحمل علامة مائية مثل شهادات الميلاد التى تستخرج من السجل المدنى وبطاقات الرقم القومى بهدف عدم تزويرها مرة أخرى.
وأكدت مصادر بالشهر العقارى أن هذه المستندات الجديدة وصلت بالفعل لعدد كبير من المحافظات، حيث يتم العمل بها الآن وفقاً للأسعار الجديدة التى حددتها وزارة العدل، التى تتراوح ما بين 5 و50 جنيهاً للمستند، وتابعت: «يوجد 10 علامات تأمينية فى كل محرر بعضها مرئى والآخر غير مرئى، ما يجعل تقليد أو تصوير صورة طبق الأصل من المحرر المؤمَّن عملية شبه مستحيلة، خاصة أن العلامات غير المرئية تحتاج لأجهزة وأدوات معينة لرؤيتها»، مشيرة إلى أن المحررات المؤمنة ستسهم بشكل كبير فى الحد من عمليات التزوير والنصب والاحتيال بمختلف أنواعها، مؤكداً أنها ستسهم فى تخفيض نسبة التزوير بشكل كبير للغاية لكنها ستظل موجودة فى حالة إذا قام الموظف نفسه بعملية التزوير عن طريق النظام الإلكترونى الموجود لكنه سيتم اكتشافه بسهولة أيضاً ومعاقبته وفقاً للقانون.
أما ظاهرة الشهادات التعليمية المزورة، قال الدكتور ماجد نجم، رئيس جامعة حلوان، إن «الجامعات سيكون لها نصيب كبير من المشروع الخاص بالإصدارات المؤمنة، خاصة فيما يتعلق بمحررات ومستندات التخرج لشهادات البكالوريوس والليسانس والدراسات العليا، لأنها ستقضى على ظاهرة تزويرها والتلاعب بها من المحتالين والنصابين».
«التعليم العالي»: يسهم في بتر الكيانات التعليمية الوهمية
وقال السيد عطا، رئيس قطاع التعليم بوزارة التعليم العالى والبحث العلمى، إن «الوزارة ولجان الضبطية القضائية وبتوجيهات من الدكتور خالد عبدالغفار وزير التعليم العالى، تعمل على قدم وساق لبتر أى كيان وهمى تعليمى يعمل على الإضرار بمصالح الطلاب، ويهدد مستقبلهم التعليمى، ويعمل على منح شهادات مزورة وغير مرخصة». وأضاف «عطا»، فى تصريحات لـ«الوطن»، أن «إصدار الشهادات المؤمنة سيقضى على ظاهرة التزوير وبيع الشهادات والتلاعب بها، وسيتم بتر الكيانات المتورطة فى إصدار شهادات مزورة خاصة بالعملية التعليمية». أما مواجهة الأدوية المضروبة ومنتهية الصلاحية، قال النائب محمود أبوالخير إن «اعتماد الباركود من جانب المجمع الجديد، سيسهم فى القضاء على الأدوية المغشوشة وبير السلم، ومنتهية الصلاحية، خصوصاً أنه سيتم تتبعها جيداً، والتعرف من خلالها على الأدوية غير المعتمدة والمصرح بتداولها».
وقال الدكتور محمد الشيخ، نقيب صيادلة القاهرة، وعضو مجلس الشيوخ، إن «الإعلان عن منظومة لتطبيق الروشتة الإلكترونية صحى وممتاز، لأنها ستقلل الكثير من الأخطاء فى كتابة الأطباء، وتقليل نشر العدوى». وأضاف «الشيخ»، لـ«الوطن»، أن «تطبيقها فى الوضع الحالى أمر صعب»، لافتاً إلى أننا كنا بحاجة لأن يكون هناك نظام إلكترونى وسيستم للربط بين كل طبيب والصيادلة، وهو أمر ليس متوافراً فى الوقت الحالى، مشيراً إلى أنه يمكن تطبيقها فى نظام التأمين الصحى، وأن كل مريض يكون له ملف ورقمه التأمينى، يستطيع كل صيدلى أن يتعامل من خلاله، موضحاً أن هذا النظام سيعمل على ضبط المنظومة بأكملها.
«المجمّع» خطوة لمواجهة التهرب الضريبي والحد من نزيف الموازنة العامة
جاء افتتاح «مجمّع إصدار الوثائق المؤمَّنة» كخطوة مهمة لمواجهة نزيف الموازنة العامة نتيجة التهرب الضريبى، حسب خبراء فى القطاع الضريبى، حيث يصل حجم التهرب إلى مليارات الجنيهات سنوياً، وتبلغ حصة السجائر والتبغ منه فقط 10 مليارات جنيه، لذلك تدخلت الدولة بإجراء جديد من خلال «الوثائق المؤمَّنة» لتعقُّب السلع وضمان تحصيل الضرائب المستحقة عليها لتمويل الموارد الخاصة برفع الخدمات المقدمة للمواطنين.
«مطر»: الإيرادات الضريبية تصل إلى 14% من الناتج المحلي
وقال عبدالمنعم مطر، رئيس مصلحة الضرائب الأسبق، إن حجم التهرب الضريبى فى مصر لا يمكن تحديده بدقة متناهية، مؤكداً لـ«الوطن» أنه لا يمكن حصر حجم التهرب لأنه من الأصل غير مراقب، وأشار إلى أن نسبة الإيرادات الضريبية المحصَّلة إلى الناتج المحلى الإجمالى فى مصر تعادل 14%، بينما النسبة العالمية للحصر الضريبى والإيرادات تصل 21%
نسبة التهرب بلغت 7% من إجمالي الحصيلة
وتابع «مطر» قائلاً إننا يمكن أن نقدّر نسبة التهرب الضريبى فى مصر بناء على ذلك بنحو 7% من إجمالى الحصيلة الضريبية بالنسبة للناتج المحلى الإجمالى.
وقال السيد عبدالجواد، رئيس قطاع مكافحة التهرب الضريبى السابق بمصلحة الضرائب، إن عمليات التهرب الضريبى فى مصر تفوق 900%، مؤكداً لـ«الوطن» أنه من غير المعقول أن يكون عدد سكان مصر أكثر من 100 مليون نسمة بينما عدد المسجلين ضريبياً لا يتجاوز 5 أو 6 ملايين فقط.وأوضحت مصادر مطلعة لـ«الوطن» أن المشروع سيسهم فى زيادة الحصيلة الضريبية للدولة بما لا يقل عن 25% بفضل نظام التحكم والتتبع الآلى (track and trace) لجميع المنتجات الخاضعة للضريبة، والذى يحتوى على نظام يراقب إلكترونياً البضائع الخاضعة للضريبة منذ بداية تصنيعها حتى تسليمها إلى المستخدم النهائى، وذلك من خلال البيانات المسجلة على كل ملصق مؤمَّن خاص بهذه البضائع، ما يُعد إحدى وسائل منع غش السلع وحماية المستهلك، كما يصدر المجمّع كارت مدفوعات لجميع الأنواع (ميزة، فيزا، ماستر كارد، وغيرها)، وكذلك يصدر كروتاً مختلفة منها (كارت هوية ذكى للطالب/للمعلم، كارت موحد لصالح عدادات المياه والكهرباء والغاز مسبقة الدفع، وغيرها). ولفت المصدر إلى أنه من أهم الأهداف بالنسبة لوزارة المالية محاولة تقليل الفاقد فى إيرادات الخزانة العامة للدولة من خلال الحد من عمليات التزوير والتهريب، وأيضاً الحفاظ على حقوق الدولة وحقوق المواطن فى نفس الوقت من خلال هذه المنظومة، إضافة إلى المساعدة فى عملية تيسير تتبع المنتجات فيما يتعلق بالضرائب والجمارك، وهو ما يخفض تكلفة مجال الاستيراد. وأشار المصدر إلى أن ذلك سيقلل من نفقات وزارة المالية لاستيراد طوابع بريدية بنحو 6 مليارات سنوياً. وتم الانتهاء من مشروع مجمع الإصدارات الذكية والمؤمّنة فى نهاية 2019، وبدأ التشغيل التجريبى فى فبراير 2020، واعتمد على نسبة عمالة مصرية 100% من خريجى الجامعات المصرية التى شاركت فى تنفيذ وإنتاج مخرجات المشروع، وحصل على 398 براءة اختراع وملكية فكرية و8 قدرات تصنيعية تشمل جميع تفاصيل المجمع، وتمت إقامته على مساحة 570 ألف متر.
«النواب» يطالب بتشريع لتغليظ العقوبات
من ناحية أخرى، طالب نواب الحكومة بسرعة إرسال تشريع ينفذ ما طالب به الرئيس عبدالفتاح السيسى بتغليظ عقوبة التقليد والتزييف للوثائق والكتب والمنتجات المقلدة، التى وصلت حتى إلى تزوير الشهادات الفخرية وشهادات الماجستير والدكتوراه، وشدد النواب على أن مجلس النواب مستعد لعمل تشريع ولكنه يحرص على مشاركة الحكومة، خاصة أن الرئيس السيسى طالب البرلمان بإجراء التعديلات وهو ما يساعد على سرعة إنهاء فوضى تقليد كل شىء، حتى الوثائق والكتب الدراسية، ما يعد انتهاكاً أيضاً للملكية الفكرية. وقال النائب محمد عبدالله زين الدين، إنه تقدم بطلب إحاطة موجه إلى رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولى، حول انتشار ظاهرة «بيزنس الشهادات المضروبة» المزعوم صدورها عن الجامعات المصرية المعروفة على مواقع التواصل الاجتماعى، وشملت مختلف الاختصاصات وصولاً إلى الحصول على الماجستير والدكتوراه، بالإضافة إلى تقليد الكتب الدراسية وضياع جهد الدولة وأصحاب المؤلفات، وهو ما لا يقل عن استغلال أو تزوير الماركات التجارية بل أكثر خطورة. وأضاف محمد عبدالله أنه أصبح هناك مافيا لتلك الشهادات تلجأ إلى التخفى بعيداً عن أعين أجهزة الأمن، مستغلة مواقع التواصل الاجتماعى للتواصل مع زبائنها، وأصبح هدفهم تكوين ثروة هائلة نظير نشاطهم، بحجة مساعدة الشباب فى إيجاد فرص عمل، وأشار إلى أنه لا بد من وجود تعديل تشريعى لمواجهة هذه الفوضى كما طالب الرئيس، حيث إن البعض يلجأ إلى إنشاء كيانات تعليمية وهمية للنصب على المواطنين باسم الشهادات المعتمدة، وكذلك الكتب الدراسية أيضاً ونسخها وعمل كتب دراسية مسروقة رغم حقوق الملكية الموجودة، ولكن البعض يستغل التكنولوجيا خاصة فى تقليد الوثائق وسرقتها أو تزويرها.