البهتيمي والصيفي وزاهر وبدار.. أصوات من السماء من أبناء القليوبية
بينهم قارئ الزعيم سعد زغلول
الشيخ عبد العظيم زاهر ابن القليوبية
ذخرت القليوبية بأسماء مئات من حملة القرآن الكريم من مشاهير القراء الذين علا قدرهم بحفظهم وتلاوتهم لكتاب الله، فتبوأوا مكانة كبيرة وذاع صيتهم في سماء القرآن، خاصة في إحياء ليالي رمضان في مصر والخارج.
ومن أبرز إعلام قراء القرآن بالقليوبية الشيخ محمد الصيفي، والذي ولد عام 1885م، بقرية البرادعة بالقليوبية، وحفظ القرآن مبكرا وتعلم بالأزهر وأتقن القراءات فحصل على شهادة فى العالمية من الأزهر 1911م، التحق بالإذاعة منذ افتتاحها عام 1934م، وقرأ بالتناوب مع الشيخ رفعت، كان رئيسا لرابطة القراء وكان قارئا لمسجد فاطمة النبوية فى الأربعينيات والحسين منذ عام 1949م توفى عام 1955م.
والشيخ محمد سلامة ولد عام 1899م بمسطرد بالقليوبية قرأ بالإذاعة وسنه كبير جدا، ولمرات قليلة، حتى توفى عام 1982م.
والشيخ عبدالعظيم زاهر، ولد عام 1904م بقرية مجول مركز بنها، قرأ بالإذاعة عام 1936م، ولقب بالشيخ المجيز، وتوفى عام 1969م.
وهناك أيضا الشيخ كامل يوسف البهتيمي، واسمه الحقيقي محمد زكى يوسف، والذي لد عام 1922م، ببهتيم بشبرا الخيمة، وكان قارئا ومبتهلا عملاقا، وانضم للإذاعة عام 1953م، وكان قارئا بمسجد عمر مكرم، وقيل إن الشيخ توفى وهو يصلى.
ومنهم أيضا الشيخ هاشم محمود هيبه، والذي ولد عام 1917م، ببنها، وقرأ بالإذاعة عام 1953م، وشارك فى لجان تحكيم مسابقات القرآن الكريم موفدا من المجلس الأعلى للشئون الإسلامية بدول منها ماليزيا، وقيل إن الشيخ بعد فترة من وفاته، وبعد أن فتحت مقبرته لنقل رفاته إلى مقبرة جديدة وجد جسده كامل وسليم وتوفى 1985م.
والشيخ عبدالحميد الباسوسي، ولد عام 1915م، بباسوس مركز القناطر الخيرية التحق بالإذاعة فى فترة الستينات.
وهناك أيضا الشيخ منصور بدار، من أبناء قرية مجول مركز بنها وكان قارىء للسلطان عبدالحميد قبل ثورة 1919، وكان صديقا لسعد زغلول، ولقب بقارىء الثورة، واعتزل التلاوة عام 1937م، وقيل إن الشيخين عبدالباسط ومصطفى إسماعيل يتبعان طريقته فى التلاوة.
ويعتبر الشيخ بدار هو مؤسس الدولة التعبيرية، حيث تتميز قراءته بتعبير عن حال المتكلم، فإن كان فى حالة غضب استخدم رست/جواب، وإن كان حالة حزن استخدم البياتى/جواب، وإن كان حالة يأس استخدم البياتى/قرار.
هو ثالث الكبار الذين أنجبتهم أرض الكنانة فى دولة التلاوة، قال فيه الشيخ محمد متولى الشعراوى رحمه الله، «كنا ونحن صغار نتفقد أخبار قراء القرآن الكريم الذين اشتهروا بين الناس بجمال الصوت حين يجودون القرآن.. فإنهم في واقع الأمر كانوا نجوم المجتمعات الريفية، وكانت رؤيتنا لهم أثناء زيارتهم لإحدى القرى، لإحياء الليالي لدى الأثرياء، تسبب لنا سعادة غامرة ونظل نتحدث عن هذه المناسبة طويلا».
ويكمل الإمام «في عهد تكويني كانت الأخبار تصلنا عن واحد من أهم مشاهير القراء الذين طار صيتهم في كل مكان وهو الشيخ منصور بدار الذي اشتهر باسم قارئ الخلافة العثمانية وهو صاحب الصوت الذهبي الذي سافر إلى تركيا في فترة الخلافة العثمانية أي قبل الحرب العالمية الأولي، وكان يتميز بارتدائه للطربوش والبنطلون، وقد صيغت الكثير من الأساطير التي لاحقت هذه الشخصية، ومنها كان ذات مرة يقرأ في أحد مساجد العاصمة التركية وتصادف أن واحدا من أكبر المسئولين عن الحكم قد حضر إلى المسجد، ودخل ثم جلس والناس ذاهلون عنه بصوت الشيخ بدار فلم يحس أحد بدخوله، وقيل إنه كان ينظر إلى جمهور السامعين ليعرف عددهم فيرفع صوته أو يخفضه طبقا لعدد الحاضرين وقيل إن الأمراء كانوا يخصونه بالاستماع دون غيره من القراء».
وقيل عن الشيخ بدار، إن السلطان عبدالحميد كان يؤثره على غيره، وكان مقربا منه ولما سقطت الخلافة العثمانية بسقوط السلطان عبدالحميد، عاد الشيخ بدار إلى مصر بعد الحرب العالمية الأولى حيث أشترى عزبة قريبة من قريته «شبلنجه» مركز بنها، وأصبح الشيخ «منصور بدار» صديقا للزعيم سعد زغلول الذي أحب صوته فقربه إليه في مجالسه ومؤتمراته حتى إنه سمي بـ «قارئ سعد زغلول» والذي كان يصر دائما على أن يفتتح الشيخ «بدار» مؤتمراته السياسية بالقرآن الكريم.
وحينما حاصرت السلطات بيت الأمة «بيت سعد زغلول»، وكان يغص بالزعماء السياسيين وبينهم الشيخ منصور بدار، استطاع الشيخ الخروج والدخول إلى البيت دون أن يترك في نفس الحراس أدنى شك أو ريبة لظنهم أنه مجرد قارئ للقرآن الكريم فتركوا له حرية الحركة كيفما شاء.
ولم يدر بخلد أحد من الحراس أنه كان يخفي تحت جبته المنشورات السعدية التي كانت تتسرب من خلاله إلي جموع الشعب خارج بيت الأمة فتثير حماسهم الوطني ضد الاستعمار.
الشيخ بدار رحمه الله كان يرفض مبدأ التسجيل أساسا، وهذا سبب أساسي لندرة تسجيلاته بل يقال إنه أوصى بعدم نشر تسجيلاته.
حفيد الشيخ بدار قال إن أحد الناس حاول وسجل للشيخ دون أن يعلم ذات مرة وعثر الشيخ على آلة التسجيل وحطمها، وكان هذا في مسجد من المساجد.
الشيخ بدار انقطع عن القراءة في المحافل العامة في الأربعينيات تقريبا إلى جانب أنه لم ينضم أساسا للإذاعة.
واعتزل الشيخ التلاوة عام 1937م، حتى توفي عام 1967م، بعد عمر قضاه فى خدمة كتاب الله.