«العتبة».. قصة السوق الباريسي الذي تحول إلى عشوائي في غفلة من الزمن
سوق العتبة
في عام 1869، اتخذ الخديوي إسماعيل قرارًا بردم مقابر «المناصرة»، ومقرها الآن عند شارع عبد العزيز، وشق شارع محمد علي، وذلك لبناء سوق عصرية مثل تلك التي رآها في باريس، بهدف جمع أنشطة بيع الأغذية في مكان واحد بدلًا من السويقات التي كانت منتشرة في أحياء القاهرة، حتى يسهل مراقبتها.
ومنذ ذلك التاريخ، أصبح هناك سوق يسمى «العتبة الخضراء» يضم تجار الخضر والفاكهة واللحوم والأسماك والطيور والبقول والخبز في آن واحد، وكان مفخرة للمصريين عند إنشائه.
واستعان الخديوي إسماعيل في بناء العتبة الخضراء بأحد الخبراء المتميزين فى هذا النوع من الإبداع المعماري، وهو المهندس الفرنسي كودريه بيك، والذى حول مقابر المناصرة إلى سوق تجاري عصري توافرت فيه كافة المرافق، وشهد خلال فتراته الاهتمام بأعمال النظافة المستمرة حرصًا على سلامة الأغذية.
غير أن الجمال تحول مع مرور السنوات إلى قبح وإهمال شديدين، ومرتع للباعة الجائلين، بعدما غابت معالم الحضارة لصالح العشوائية.
ورغم أن سوق العتبة هو سوق للخضر والفاكهة بالأساس، إلا انه لا يمت لذلك بأي صلة، حيث لا يوجد سوى محل واحد لبيع الخضر لورثة عبد السميع حنفي.
ويقول عبد المنعم علي، تاجر لحوم بالسوق، لـ«الوطن»، إن ارتفاع تكلفة الاستيراد أثرّت بشكل كبير على الأسعار، لكنها تظل أرخص في العتبة مقارنة بأسعار المحال الأخرى، لافتًا إلى أنهم كأصحاب محال يعانون من التجارة العشوائية.
من جهته، يقول ممدوح سعد، تاجر لحوم، إن سوق العتبة دائمًا ما يتميز بالأسعار المنخفضة بفارق جنيهين فى الكيلو مقارنة بالمحال الأخرى، لافتًا إلى أن انتعاشة كبيرة شهدتها مبيعات اللحوم المستوردة والدواجن الحية والمستوردة في أول يومين لشهر رمضان.
وأصبح سوق العتبة كغيره من الأسواق التاريخية بؤرة من بؤر تجارة الرصيف، والتى تعد المصدر الوحيد لدخل كثيرين، بحسب جمال عبدالوهاب، والذي يقوم ببيع الملابس الجاهزة، ويتعامل في أي سلعة يجدها متوفرة، مثل «الطرح الحريمي» والمفروشات، مشيرًا إلى انتعاش المبيعات في أواخر شهر شعبان والنصف الأخير من شهر رمضان من كل عام.
وأشار إلى أن أسعار الملابس والطُرح الحريمي المستوردة ارتفعت بسبب تكلفة الغزول الشحن، مشيرًا إلى أن 70% من المنتجات المباعة في السوق تستورد من الصين.