أهالى الضحايا: «إكرام الميت دفنه.. وإحنا مش عارفين ندفن ولادنا»
فى فناء مستشفى الطور العام، احتشد العشرات من أهالى ضحايا حادث اصطدام أوتوبيسى شرم الشيخ، فى انتظار تسلم جثامين ذويهم بعد الحصول على تصاريح الدفن، وعلى بعد أمتار قليلة من بوابة المستشفى الخلفى تراصت سيارات الإسعاف التى تجاوز عددها أعداد القتلى من أجل نقل جثامينهم إلى بلداتهم، بعد انتهاء إجراءات الطب الشرعى والنيابة العامة. بين الحين والآخر تدخل سيارة ميكروباص وخلفها سيارة أخرى لنقل الموتى، تهبط من الأولى نسوة متشحات بالسواد لا يتوقفن عن البكاء والعويل الذى يدوى فى أرجاء المكان، بينما لجمت الصدمة ألسنة الرجال، فصمتوا تماماً تاركين الدموع تنسال من عيونهم.
«ما تذيعش عن الدفنة دلوقتى غير لما نستلم الجثمان الأول» بهذه الكلمات يتحدث رجل خمسينى العمر فى هاتفه المحمول، رداً على أحد أقربائه بقرية السنطة بمحافظة الغربية، الذى اتصال به مستعلماً عن موعد وصول جثمان أحد الضحايا إلى القرية، لكى يتم تجهيز المقبرة، وإخبار أهالى القرية بموعد دفن المتوفى من خلال مكبرات الصوت كما هو معتاد فى حالات الوفاة بين أهالى القرية.
وبينما يعلو العويل ويزداد البكاء ويصاب آخرون بحالات إغماء داخل غرفتى المشرحة التى تمتلئ أدراجها بالجثامين والأشلاء مجهولة الهوية، أثناء محاولة الأهالى تفقد بعض هذه الجثامين من أجل الوصول إلى جثث أبنائهم، وبمجرد العثور أو التعرف على جثة فقيدهم، ينتظرون الانتهاء من الإجراءات التى تتجاوز 8 ساعات كما حدث مع محمد على وفقاً لرواية عمه محمود «إحنا هنا من الساعة عشرة الصبح، والعصر أذن ولسه ما استلمناش جثة ابن أخويا»، مضيفاً «إكرام الميت دفنه.. وإحنا مش عارفين ندفن أولادنا».
غرفتا المشرحة اللتان تقعان فى الدور الأرضى بالمستشفى، شهدتا بعض المناوشات بين أهالى الضحايا والعاملين بالمستشفى بسبب تأخر الإجراءات، ومحاولات بعض الأهالى تسلم جثث ذويهم دون انتظار انتهاء الإجراءات.
أمام آخر درجين داخل المشرحة، حيث تقبع أشلاء مجهولة الهوية، يتردد من فقدوا أبناءهم ولا يستطيعون الوصول إليهم سواء فى مستشفى شرم الشيخ الدولى أو مستشفى الطور العام، حيث يحاول عامل المشرحة، أربعينى العمر يدعى «محمد» كما ينادونه، مساعدة الأهالى من خلال قوله «هو عنده بنطلون زى ده، فيه أى تعاوير أو علامات بارزة أو واضحة فى جسمه»، يقلب عامل المشرحة بيديه التى يرتدى فيها قفازين «ده جزء من وشه حاول تركز فيه شوية»، ينهار من يشاهد الأشلاء من هول المنظر، وعدم قدرته على تحديد هوية المتوفى، لتظل الأشلاء كما هى، بعد أن يعجز الجميع عن التعرف على أصحابها.
«محمد» عامل المشرحة يؤكد لأهالى الضحايا أن عدد الجثث الموجودة فى المشرحة يقترب من 22 جثماناً، منهم الأشلاء التى يرجح أنها لشخصين أو أكثر، بينما باقى الجثامين التى أكد أنها ارتفعت إلى 35 جثماناً وبعد وفاة اثنين آخرين، تم نقلهما إلى ثلاجة الموتى بمستشفى أبورديس والمستشفى العسكرى، وهو ما يعطى الأهالى آمالاً جديدة فى الوصول إلى جثامين ذويهم، فبمجرد سماع ما يقوله عامل المشرحة يتحرك الأهالى قاصدين ثلاجات الموتى بأبو رديس والمستشفى العسكرى.
ومع غروب الشمس يبدأ الأهالى فى استلام جثامين ذويهم والخروج بها من باب المستشفى سواء فى سيارات الإسعاف أو سيارات نقل الموتى الخاصة التى جاءت مع أهالى المتوفى.