تستفز مَشاهد العنف ضد النساء التى يعرضها أكثر من مسلسل فى دراما رمضان 2021، المشاهدين، فالبعض يرى أن تقديمها على الشاشة يسىء أكثر للمرأة، وآخرون متحمسون لهذه النوعية من المشاهد لأنها ببساطة تلقى الضوء على تلك الظاهرة التى يعانى منها المجتمع المصرى، ولا يستطيع أحد إنكارها، فهل مكتوب علينا أن ندفن رؤوسنا ونتجاهل الأمر ليتفاقم أكثر؟ خصوصاً أن -بحسب دراسة للجهاز المركزى للإحصاء، والمجلس القومى للمرأة- النساء المتزوجات يتعرضن لعنف الزوج بنسب عالية، فقد انتهت نتائج مسح التكلفة الاقتصادية للعنف القائم على النوع الاجتماعى، إلى أن هناك 5 ملايين و600 ألف امرأة يعانين من عنف على يد الزوج أو الخطيب سنوياً، وهناك مليونان و400 ألف امرأة أصبن بنوع واحد أو أكثر من الإصابات نتيجة لعنف على يد الزوج أو الخطيب، وأن مليون امرأة يتركن منزل الزوجية نتيجة العنف على يد الزوج، وتصل تكلفة السكن البديل أو المأوى عندما تترك النساء منازلهن بسبب العنف على يد الزوج 585 مليون جنيه سنوياً، وتتعرض نحو 200 ألف امرأة سنوياً لمضاعفات فى الحمل نتيجة العنف على يد الزوج، ولم يتعد عدد النساء اللائى يبلغن الشرطة بحوادث العنف 75 ألف امرأة.
لذلك وطبقاً لتلك الأرقام أنتصر لعرض تلك المشاهد لأن تجاهلها ليس فى صالح النساء، بل تكتمل الإساءة بتجاهل تلك النوعية من المشكلات وإغفالها، والأهم هو كيف تأتى تلك المشكلات فى السياق الدرامى للأعمال المتنافسة.
ومن المسلسلات التى لفتت الانتباه لتلك الظاهرة سواء العنف الجسدى من ضرب واغتصاب، أو التحرش اللفظى، رغم عدم تميز المسلسل على المستوى الفنى هو مسلسل «اللى مالوش كبير» للنجمين ياسمين عبدالعزيز وأحمد العوضى وتأليف عمرو محمود ياسين وإخراج مصطفى فكرى، العلاقة بين غزل (ياسمين عبدالعزيز) وزوجها عابد (خالد الصاوى)، الذى يقدم واحداً من أفضل أدواره. أداء منضبط دون مغالاة فى الانفعال (راجع مشاهد ياسمين مع الصاوى ستجد أنها أفضل بكثير من مشاهدها أمام العوضى التى يغلب عليها المبالغة) وفى هذا العمل يجسد الصاوى دور رجل الأعمال وتاجر السلاح ولا يعرف فى حياته سوى حب التملك: يراقب زوجته ويتجسس على هاتفها ولا يملك طريقة فى التفاهم معها سوى ضربها وبعنف شديد لدرجة الأذى الجسدى.
وهناك أيضاً مسلسل «ضل راجل» للنجم ياسر جلال ونرمين الفقى ونور ونجوم آخرين، حيث نشاهد نوعين من العنف: الحدث الدرامى المتعلق بمحاولة إجهاض ابنة ياسر جلال «شهد» تجسدها «رنا رئيس»، التى توجد ملقاة فى الشارع، وهناك الدكتورة «ملك» تجسدها «نور» التى نكتشف من خلال مشاهد الفلاش باك ما تعرضت له من عنف جسدى على يد زوجها، ولذلك طلبت الطلاق حتى لا تعيد قصة ومأساة والدتها التى عانت من عنف الأب من ضرب وإهانات مستمرة.
وفى «نسل الأغراب» المشهد الذى قام فيه غفران (أمير كرارة) بصفع زوجته جليلة (مى عمر)، وهناك أيضاً العنف الذى تمارسه المرأة ضد المرأة بنفس العمل، حيث قامت جليلة بصفع زوجة شقيقها وسبها فى أكثر من مشهد، والمسلسل من تأليف وإخراج محمد سامى.
أما مسلسل «موسى» للنجم محمد رمضان وتأليف ناصر عبدالرحمن وإخراج محمد سلامة، وتدور حلقاته فى عام 1942 أثناء الحرب العالمية الثانية والاحتلال الإنجليزى لمصر فى واحدة من قرى سوهاج، فشهدت حلقاته الأولى وتحديداً الخط الدرامى المتعلق بشقيقته شفيقة «هبة مجدى» وعلاقتها بزوجها حمدى الوزير الذى يكبرها فى العمر، ويومياً يعود إلى المنزل فى حالة سُكْر، ولشعوره بالعجز أمامها فى أغلب الأوقات لا يفعل شيئاً سوى التعدى عليها بالضرب والسباب طوال الوقت لدرجة أنها عندما تخبره بحملها يشكك فى نسب الطفل، ويلقى بها فى الشارع أمام أهل القرية، واصفاً إياها بـ«الفاجرة»، ووصمها أمام القرية بأكملها رغم براءتها.
لا يختلف الأمر كثيراً فى مسلسل «لحم غزال» للنجمة غادة عبدالرازق من تأليف إياد إبراهيم وإخراج محمد أسامة، فهو أيضاً ملىء بالمشهيات الدرامية والمبالغات، إلا أنه لفت النظر أيضاً لقضية العنف ضد المرأة من خلال ما تشهده البطلة من تحرش لفظى وجسدى، ومحاولة التعدى عليها جسدياً.
تلك المشاهد وغيرها فى دراما رمضان تعكس حال المجتمع المصرى بعيداً عن أن الدراما تكرس لما هو سلبى، ولكن فى ظل ارتفاع نسبة العنف ضد المرأة ليس بحسب الدراما فقط، ولكن الواقع ذاته، تستحق أن نتوقف ونتساءل: كيف يمكن أن نواجه تلك الظاهرة؟