مكاوى فى لقطة من المسحراتى
على صوت «المسحراتى» ودقات طبلته عاشت أجيال لحظات من السعادة والمتعة فى ليالى الشهر الكريم، وبألحان وكلمات أشعاره وأغنياته انتشت فخراً بعراقة الوطن وأمجاد أبنائه وخصوصية الحياة على أرضه، ليتربع «سيد مكاوى» على عرش القلوب، ويصبح دون غيره ممن قدموا «المسحراتى» الأكثر قرباً ومصداقية، على مدار أكثر من مائة حلقة فى الإذاعة والتليفزيون.
مشوار سيد مكاوى، الملحن والمطرب والملقب بشيخ الملحنين، ملىء بالمحطات الهامة والعلامات المضيئة، لكن برنامج «المسحراتى» له مذاق مختلف لدى الملايين ممن ارتبطوا به فى الإذاعة والتليفزيون، والسبب فى ذلك، كما ترى ابنته أميرة سيد مكاوى، هو البساطة والمصداقية، حيث حاول تقديمه بصورة أقرب للحقيقة، بجلبابه وطبلته، رافضاً اصطحاب فرقة موسيقية كما فعل سابقوه من الملحنين فى الإذاعة.
مدرسة سيد مكاوي
«مدرسة سيد مكاوى شرقية أصيلة، هو تلميذ نجيب لسيد درويش وزكريا أحمد، كان يعتمد على البساطة فى كل شىء، وحين عُرض عليه تقديم برنامج المسحراتى فى الإذاعة المصرية كان من المفترض أن يقدم بشكل مختلف، حيث تم تقسيم الـ30 يوماً على عدد من الملحنين والكُتّاب، وكان سيتعاون مع صلاح جاهين، لتقديم حلقات معدودة، وحين عُرض الأمر على جاهين قال: «فؤاد حداد أشطر منى وهو الأصلح للعمل».
تواصل «أميرة» سرد حكاية والدها مع «المسحراتي»: «سيد مكاوى قدّم المسحراتي بهيئته التى يجوب بها الشوارع، وحين سمع رئيس الإذاعة وقتها أول حلقتين من البرنامج أقرّ بأن يكون ذلك شكل المسحراتى فى الإذاعة المصرية»، ومن بعدها قدم أكثر من 100 حلقة، وتتساءل: «لماذا تذاع 30 حلقة فقط من البرنامج؟».
ابنة سيد مكاوي: عاش يتباهى بنشأته في عابدين
ظل سيد مكاوي حتى رحيله يتباهى بمولده ونشأته فى حى عابدين الملاصق لحى السيدة زينب، وما يحيط بهما من مناطق شعبية أصيلة مثل منطقة الناصرية التى وُلد بها وعاش صباه فيها، لذلك كان متمسكاً بمصريته رافضاً أى محاولات للتشبه بالغرب: «كان له نظرية فى الحياة أن الأجنبى حين يأتى لمصر يرغب فى رؤية المختلف، لذلك كان يحاول ترسيخ تراثنا، ومن بينه المسحراتى».
تقدم سيد مكاوى للإذاعة على أنه ملحن وليس مطرباً، لأنه كان يعى صعوبة ذلك لشخص فى مثل ظروفه، ورغم ذلك اعتُمد كمطرب، الأمر الذى كان مختلفاً وقتها، وفقاً لـ«أميرة».
أشعار فؤاد حداد أضافت جمالاً لأداء وصوت «مكاوى»، حيث اختار كلماتها وموضوعاتها شديدة المصرية بدقة، فكان يرى أن مهمة المسحراتى الرمضانية هى إيقاظ الناس، فقرر أن يلعب دوراً أعم وهو إيقاظ البشر فكرياً، فجاءت حلقات البرنامج تتحدث عن سيد درويش والشيخ محمد رفعت والعلم والطلبة والحرب وغيرها.
ولم يكن «مكاوي» يتدخل فى الكلمات التى يشدوها إلا فى حال وجود كلمة صعبة على التلحين فيطلب تغييرها، وترى «أميرة» أن الثنائى «مكاوي وحداد» قدّما عملين عظيمين بمثابة تأريخ لتاريخ مصر بالكامل، «المسحراتى» وبرنامج «من نور الخيال وصنع الأجيال فى تاريخ القاهرة».
انتقل من الإذاعة إلى التليفزيون
من الإذاعة إلى التليفزيون انتقل «المسحراتى»، الأمر الذى ساهم فى انتشار البرنامج، وزاد من شعبيته وارتباطه برمضان، فضلاً عن إضافة رؤية بصرية للكلام الفلسفى العميق الذى يكتبه فؤاد حداد، بحسب «أميرة».
ظهر «مكاوي» فى البرنامج بأكثر من جلباب، وجميعها من اختيار زوجته، وتحكي ابنته أنه فى حياته بشكل عام كان يفضّل ارتداء الجلباب: «سيد مكاوي ليس رجل البيجامة، فكان يجلس فى البيت بالجلباب، ويُفصل أكثر من جلباب للخروج بها، أما الطبلة التى ظهر بها فى الحلقات، والتى لا تزال تحتفظ بها أسرته، فهى طبلة مسحراتى حقيقية، حيث طلب من مسحراتى مقرّب منه تفصيلها له».
لحّن سيد مكاوى تترات عديد من المسلسلات الإذاعية الناجحة فى رمضان، كما عمل أغنية للشهر الكريم بعنوان «هلّ هلالك يا رمضان» ولا تعلم «أميرة» لماذا لا تذاع حالياً، متذكرة طقوس والدها فى رمضان: «كان حريصاً على إهداء ابنتيه وأحفاده الفانوس التقليدى أبوشمعة، وعلى السفرة طبق الطرشى البلدى أساسى، فضلاً عن ضرورة إفطار الأسرة معاً طوال الشهر، وتشغيل الراديو وقت الإفطار وكذلك السحور لسماع المسحراتى».
تعليقات الفيسبوك