كنت قد بدأت فى كتابة أول مقال فى هذه السلسلة الأسبوع الماضى ووجدت تفاعلاً واهتماماً كبيراً لأغلب الفاعلين فى المنظومة الرياضية، ، ذهب أغلب تساؤلاتهم حول أهمية أن يكون بين ثنايا هذه المقالات تحديد واضح لمشاكل الرياضة فى مصر ثم رؤية لتجاوز هذه المشكلات والتأسيس لنظام رياضى رشيد قائم على أسس سليمة، وعليه نضع فى هذا المقال بعض المشكلات التى نراها عائقاً أمام خريطة التطوير الحقيقى للمنظومة الرياضية.أولاً: فى الوقت الذى يتعامل العالم أجمع مع الرياضة على أنها صناعة واستثمار ما زلنا نضل الطريق فى تحقيق ذلك رغم أنه تم تعديل قانون الرياضة منذ أربع سنوات وتضمن القانون فصلاً كاملاً عن الاستثمار فى مجال الرياضة ولكن حتى تاريخه لم تتجاوز هذه القضية المهمة تلك الورقات التى تتضمن نصوصاً قانونياً لم تجد إطاراً تطبيقياً وإرادة حقيقية لتفعيل نصوص هذا القانون..ثانياً: ما زالت الرؤية تائهة بين نصوص فى القانون تعظم من دور الجمعيات العمومية وجهة إدارية تصطدم ممارساتها مع نصوص هذا القانون وضبابية الولاية هل هى لوزارة الشباب أم للجنة الأولمبية، فأحياناً تجد فى مشكلة واحدة خطابين متناقضين ونزاعاً على التبعية والولاية بين اللجنة الأولمبية ووزارة الشباب والرياضة وفى النهاية تتوه المشكلة بينهما بلا حل!!!ثالثاً: وجود بعض النصوص فى قانون الرياضة يتسم بالغرابة الشديدة، أبرزها هذا النص الذى يضع الولاية الإدارية لمركز التسوية والتحكيم الرياضى (المعنى بالفصل فى المنازعات والخلافات الرياضية) للجنة الأولمبية رغم كونها فى القانون ذاته هيئة رياضية شأنها شأن باقى الهيئات الأخرى كالاتحادات الرياضية والأندية، وهنا يطرح السؤال ماذا إذا اختصم إحدى هذه الهيئات اللجنة الأولمبية ورئيسها الذى يرأس فى ذات الوقت مجلس إدارة مركز التحكيم والتسوية، هل يستقيم أن يصبح خصماً وحكماً فى نفس الوقت!!!!رابعاً: رتابة وروتينية الجهة الإدارية المسئولة عن إدارة الرياضة ممثلة فى وزارة الشباب والرياضة ومديرياتها، حيث انغمست فى دوامة المشاكل الرياضية بمختلف الهيئات ما أفقدها الابتكار والقدرة على تنفيذ رؤية التطوير والانتقال بالرياضة من منطقة الاستهلاك إلى منطقة الإنتاج وتحقيق الاكتفاء المالى..خامساً: عدم وجود نظام رياضى حاكم وملزم للجميع بل أن المجاملات والخواطر تضيع أى إرادة لتطبيق هذه الإدارة العادلة التى يحترمها ويقدرها ويسعى إليها الجميع، فهذه المجاملات تعتبر أكبر وأبرز أسباب التعصب والتناحر الرياضى، لأنه حينما يشعر أى فرد أو هيئة رياضية أن القانون واللوائح يتم تطبيقهم (بمازورة) وفقاً لمقاس وحجم من يطبق عليه، نصبح هنا أمام حالة غياب للعدالة الرياضية التى تعتبر أهم مبادئ الإدارة الرشيدة..سادساً: عدم تطبيق قواعد الاحتراف الرياضى بمعناها الحقيقى المتبع فى أغلب دول العالم، ووجود تخبط لائحى فى إدارة المسابقات الرياضية وأبرزها كرة القدم، فهل يعقل أن لائحة المسابقات يتم تغييرها أكثر من مرة خلال أسابيع وحتى الآن لا توجد لائحة معلنة واضحة ملزمة للجميع، فكيف تطالب الأندية بالالتزام بمجهول!!!!سابعاً: ما زال كثيرٌ من الهيئات الرياضية (اتحادات وأندية) عاجزة عن تطبيق الاستثمار الرياضى بشكل إيجابى له مردود مالى يصل بها لمرحلة الاكتفاء المالى، حيث إننا إذا نظرنا نظرة سريعة على الميزانيات السنوية لأغلب هذه الهيئات سنجدها خاسرة، حيث إنها لا تمتلك القدرة على إدارة منشآتها ومواردها بشكل جيد، وكذلك عدم تطبيق التسويق الرياضى الذى أصبح علماً فى حد ذاته..ثامناً: عدم وجود ميثاق شرف رياضى كمظلة فوق جميع مَن ينتمى لتلك المنظومة ويمثل الخروج عنها خطأً يجب أن يعاقب عليه مقترفه (كبيراً كان أم صغيراً) سواءً أفراداً أو هيئات..هذه بعض، وليس كل، ما تواجهه الرياضة كمنظومة من مشاكل وفى مقالنا الثالث والأخير القادم بإذن الله سنخضع هذه المشاكل لخارطة طريق ورؤية أتمنى أن نضعها قيد التفكير المشترك بين كل من هو منتمٍ لهذه المنظومة.