فجر سمو الأمير «محمد بن سلمان»، ولى عهد السعودية، ثورة دينية وفكرية واجتماعية، فى حوار بمناسبة مرور 5 سنوات على رؤية السعودية 2030.. وبالمناسبة ليست المرة الأولى التى يتنكر فيها سمو الأمير لما يسمى بـ«الفكر الوهابى» الذى أفرز لنا فى النهاية «بن لادن» وتنظيم القاعدة.. وليست المرة الأولى التى تتصدى فيها السعودية لتدقيق الأحاديث النبوية بقرار من الملك «سلمان بن عبدالعزيز آل سعود» بإنشاء هيئة للتدقيق فى استخدامات الأحاديث النبوية، بهدف القضاء على النصوص الكاذبة والمتطرّفة، وأى نصوص تتعارض مع تعاليم الإسلام، وتبرر ارتكاب الجرائم والقتل وأعمال الإرهاب.
وبالتزامن مع هذا القرار، قاد «بن سلمان» عملية تحجيم هيئة «الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر»، إثر إلغاء السلطة الممنوحة لها بمطاردة وإلقاء القبض على الأشخاص، وكان هذا القرار هو الأهم والأكثر تأثيراً.. خصوصاً فى ما يتعلق بأوضاع المرأة السعودية.. وتمت مراجعة «المناهج الدراسية» لاستبعاد ما يروج منها للتعصب والإرهاب، وبالتالى تم استبعاد وتوقيف عدد كبير من المدرسين (يشتبه فى انتمائهم للإخوان)، كان بينهم عدد كبير من المدرسين المصريين!. ثم جاء قرار السماح للمرأة السعودية بقيادة السيارات.. فقدمت السعودية نموذجاً لتفكيك «الدولة الدينية» وتحويلها إلى «دولة مدنية»، رغم وجود المقدّسات الإسلامية فيها، واعتماد اقتصادها على «السياحة الدينية»!.
ومع أولى خطوات التحول كتبت هنا فى «الوطن» مقالاً بعنوان: «السعودية تبدل الحرام إلى حلال».. وقلت فيه إن «السلطة» هى الوحيدة القادرة على تغيير الفكر الدينى وتجديده، مهما كان مدججاً بفتاوى شاذة ومتخلفة.
https://www.elwatannews.com/news/details/2579019.
فلم يكن غريباً بالنسبة لى أن يؤكد الأمير «محمد» مجدداً، على عدم تأليه الأشخاص «محمد بن عبدالوهاب»، وعلى الاحتكام للقرآن وحده، (لاحظ أنها تهمة فى مصر)، والالتزام بتطبيق نصوص الأحاديث المتواترة، والنظر إلى «أحاديث الآحاد» كل حسب صحته وظروفه ووضعه، وعدم النظر فى حديث الخبر إلأ إذا كنت تستند إليه فى رأى لأن فيه «مصلحة للإنسان»، مؤكداً فى الوقت ذاته أنه لا عقوبة على شأن دينى إلا بنص قرآنى واضح أو حديث.
نعم أطاح سمو الأمير بكل فتاوى «ابن باز»، ومن رأى -مثلى- بعينه ضحايا تطبيق ما يسمى بالحدود الشرعية، من بشر يعيشون على الأراضى السعودية بأيادٍ مبتورة «حد السرقة» يعرف مغزى إشارة الأمير: «مصلحة الإنسان».
لن أسهب فى الثناء على ما يجرى فى السعودية من إصلاح فكرى ودينى واجتماعى، سأنتقل للسؤال الأهم: هل ما قاله الأمير «محمد» ملزم للعالم العربى والإسلامى؟
هل مصر التى رفضت المرجعية الدينية فيها «الأزهر» كل ما قدمته «تونس» فى تشريعات الأحوال الشخصية، (مثل زواج المسلمة بكتابى والمساواة فى الميراث)، هل مصر مهيأة للأخذ بمنهج السعودية، باعتبارها بوصلة توجهاتنا وقبلة المسلمين؟.. أنا شخصياً لا أعتقد!.
نحن تحكمنا المادة الثانية من الدستور (الأزهر الشريف هيئة إسلامية علمية مستقلة، يختص دون غيره بالقيام على جميع شئونه، وهو المرجع الأساسى فى العلوم الدينية والشئون الإسلامية.. إلخ).. ومن يتصور أن تمويل السعودية لترميم الأزهر هو عنوان التبعية واهم، فالدولة ملتزمة بـ«توفير الاعتمادات المالية الكافية لتحقيق الأزهر لأغراضه»، وفقاً لنفس المادة الدستورية!.
هل نحن على مشارف صراع حول «الزعامة الدينية» للمسلمين السنة.. أم أننا على وشك إصلاح من الجذور يقضى على التطرف والإرهاب ويسقط أصنام الكهنة ويعلى قيمة الإنسان؟!.
الإجابة فى المقال القادم: شيخ الأزهر يدعو للتجديد.