عمال النظافة هم أكثر الفئات عرضة للإصابة بـ«كورونا»، لأنهم يمثلون خط المواجهة الأول مع الفيروس، كما أن هناك العديد من المصابين لا يعلمون مدى خطورة إلقاء الكمامات على الأرض، دون اتخاذ جميع الإجراءات الوقائية التى يمكن من خلالها الحد من انتشار الفيروس، وهنا يتعرض عمال النظافة فى الشوارع إلى خطورة بالغة، لأنهم يتعاملون مباشرة مع أشياء قد تكون مصابة، وتنقل لهم العدوى، كما حدث مع سيد دسوقى، الذى يعمل منذ ثلاثين عاماً فى مجال النظافة، تعرض خلال تلك المدة إلى العديد من المواقف والأزمات الصعبة، وأصيب 3 مرات بالفيروس، بسبب عدم وعى المصابين بضرورة التخلُّص الآمن من المتعلقات الشخصية حتى لا يكونوا سبباً فى إصابة غيرهم بالعدوى.
عم «سيد» كما يحب أن يلقبه زملاؤه من بين الفئات التى حُرِمت من إجازة العيد بسبب ظروف العمل، إلا أنه على يقين تام بأنه يقدم تضحيات جليلة وأنه مثل الجندى فى المعركة، لا بد أن يكمل حتى نهاية لا يعلمها إلا الله.
مع بداية ظهور «كورونا»، شعر الخمسينى أن العدوى باتت قريبة منه، خاصة أن هناك العديد من المصابين لا تظهر عليهم أعراض، ولكن يمكنهم نقل العدوى من خلال الرذاذ، وهنا تيقن الرجل أنه سيأتى عليه ذلك اليوم الذى يكون من بين هؤلاء المصابين: «شغلانتى صعبة، لازم أكون قدها، أنا بشيل مخلَّفات كل الناس سواء مرضى أو غيرهم، وفى بعض الأوقات بكون مش عارف الحاجات دى ملوثة بالفيروس ولا لأ، ولحد دلوقتى جالى الفيروس 3 مرات».
طوال سنوات خدمته حُرم «سيد» من قضاء إجازة العيد مع ذويه، ولكنه لم يشعر يوماً أنه مستاء من هذا الأمر، وأسرته هى الأخرى تدرك جيداً أن واجبه يقتضى عليه أن يعمل دون النظر إلى المناسبات.
أما فاطمة عياد، فتعمل منذ 26 عاماً عاملة نظافة فى وحدات الغسيل الكلوى، حتى جاء فيروس كورونا، وهنا تم إخلاء مستشفى العجمى وتوزيع المرضى على المستشفيات تمهيداً لتحويل المستشفى إلى حجر صحى: «أنا شغالة فى المغسلة من سنين، ولما جه الفيروس والمرضى اتوزعوا فضلت أنا مكملة زى ما أنا فى المغسلة، باخد الملايات ومتعلقات المرضى وأغسلها».
إجازة العيد لا تمثل سوى يوم تقليدى فى حياتها، لأن ذلك اليوم يتطلب وجودها فى المستشفى الذى دوماً ما يكون فى حالة طوارئ فى المناسبات العامة تحسباً للأزمات: «بقالى شهور مش عارفة أشوف أحفادى بخاف أقرب منهم، ده غير إن العيد بقضيه فى المغسلة، علشان ماينفعش الهدوم تتراكم، لكن أنا مبسوطة بشغلى لأنى بعمل حاجة مشرفة، علشان ده دورنا فى وقت الأزمات».
يمسك بطرف الحديث المهندس أشرف حداد، رئيس مجلس إدارة إحدى الشركات العاملة فى مجال نظافة المستشفيات، ويقول إن العمال فى الأزمات يُظهرون كفاءة كبيرة فى التعامل، إلى جانب أن الأعياد بالنسبة لهم ليست سوى يوم عمل تقليدى، وذلك لأنهم يعلمون جيداً أن الأعياد ترفع خلالها درجة الاستعداد، تحسباً للطوارئ: «بنكثف العمال فى اليوم ده، ومفيش مرة لاقيت عامل مش عايز ينزل، بالعكس كلهم عارفين وحاسين بأهمية دورهم فى المرحلة دى، اللى تعتبر صعبة ولازم الكل يتكاتف علشان نعديها على خير، وطبعاً بنوفَّر لهم جميع الاحتياجات ولو فيهم حد أصيب بكورونا فوراً بيتم توفير العلاج المناسب له، وإجازته بتكون مدفوعة الأجر».
تعليقات الفيسبوك