تولى الرئيس عبدالفتاح السيسى مسئولية الحكم وهو يدرك تماماً أن التأثير الأقوى والأهم لمصر فى محيطها الإقليمى ينطلق بصورة واضحة من خلال قوتها الناعمة بمفهومها الشامل، الذى يتخذ من الثقافة والفنون والرياضة والدبلوماسية كمنطلقات أساسية، وذلك دون إغفال المؤشرات الضرورية للحفاظ على مكانة الدولة فى هذا العالم، سواء كانت مؤشرات اقتصادية أو عسكرية.
وفى إفطار العائلة المصرية الأخير فى شهر رمضان عام ٢٠١٩ دعا الرئيس السيسى المفكرين والمثقفين والفنانين المصريين، لبحث كيفية تعزيز مكانة مصر، وفى العام نفسه خرج إلى النور فيلم «الممر» الذى جسد بطولة الجيش المصرى فى حرب الاستنزاف، وخلال أحد المؤتمرات أشاد الرئيس بالتأثير المعنوى الإيجابى الهائل الذى تركه الفيلم فى نفوس المصريين، وطالب صراحة بإنتاج أعمال مماثلة خاصة أن مصر لديها المقومات اللازمة التى تكاد تنفرد بها فى المنطقة من فنانين وكتاب ومخرجين وفنيين فى مختلف التخصصات.
تجاوباً مع دعوة الرئيس تصدى كيان ولد عملاقاً تحت مسمى «الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية» لاستعادة مكانة الدراما المصرية التى «تكلست» بعد توهجها اللافت خلال السنوات الأخيرة من القرن العشرين.
بوعى تام قدمت لنا «الشركة المتحدة» فى رمضان الماضى مسلسل «الاختيار» الذى، ووفقاً للمصطلح الدارج فى الوسط الفنى، «كسّر الدنيا»، واستعاد معه المصريون ثقتهم الكاملة فى قواتهم المسلحة وأبطالها الأفذاذ كالشهيد «منسى»، وتضحياتهم فى الحرب على الإرهاب المتستر بالدين والمدعوم مالياً ولوجيستياً من دول عظمى ودول تافهة أيضاً، وفى رمضان هذا العام لم تكتف الشركة بتقديم مسلسل «الاختيار٢» الذى أبدع القائمون عليه فى إبراز بطولات الشرطة المصرية ورجالها ممن يطلبون من الله أن يرزقهم الشهادة دفاعاً عن الوطن، وقدمت أيضاً مسلسل «هجمة مرتدة» الذى تجاوز ما اعتدنا عليه من التركيز على البطولات الفردية لرجال المخابرات المصرية إلى تسليط الضوء على قدرة وكفاءة الجهاز الأمنى كمؤسسة فى رصد وتتبع كل المؤامرات متعددة الأطراف فى الخارج والداخل التى تستهدف ليس مصر فقط، بل المنطقة العربية بكاملها، وكذلك مسلسل «القاهرة كابول» الذى يأتى فى ذات الإطار الكاشف لأكاذيب المتأسلمين أسرى وهْم الخلافة.
تستحق «الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية» بلا شك كل التقدير لإنتاجها كل تلك الأعمال الفنية المتميزة، لكنه سيظل تقديراً منقوصاً ما لم ننتبه إلى الدور السياسى لما تقدمه من أعمال.. الدور الذى تواجه به جريمة تزييف الوعى الجمعى للمصريين، تلك الجريمة يرتكبها مراراً وتكراراً على مدار الساعة بعض ممن نحسبهم ضمن النخبة السياسية أو الإعلامية أو الحقوقية، وترتكبها فى مواجهتنا أجهزة إعلام غربية وعربية مرئية ومقروءة ومسموعة كلها موجهة لتزييف الوعى، وتقديم الكيانات الإرهابية كفصائل سياسية، والإرهابيون من عينة «طنط سامية شنن» كضحايا للعنف المتبادل مع السلطة.
على الأرض فإن الدراما المصرية كإحدى أهم قوى مصر الناعمة استعادت عافيتها وتألقها مع الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية، ويبقى على بقية أطراف تلك القوة استلهام التجربة، نتمنى «نوبة صحيان» لتأكيد ريادة مصر فى كثير من المجالات بنفس القوة والحماس والوعى.