الدنيا قامت وقعدت خلال 81 سنة مضت، حروب وثورات واحتلال وتحرير، حكومات ذهبت وحكومات جاءت، وألف موضة ظهرت وألف موضة اختفت، إلا موضة «الزعيم» التي خرجت للنور في الستينيات مع دسوقي في «أنا وهو وهي» وأبوالمجد في «مراتي مدير عام» وإسماعيل في «لصوص لكن ظرفاء»، ثم بدأت الموضة في الانتشار خلال السبعينيات مع بهجت الأباصيرى في «مدرسة المشاغبين» ومجدي في «البحث عن فضيحة» وسرحان عبدالبصير في «شاهد ماشفش حاجة» وإبراهيم الطاير في «أحلام الفتى الطاير» ورجب عبدالبر في «رجب فوق صفيح ساخن» وجابر في «إحنا بتوع الأتوبيس».. وصولاً إلى نجومية الثمانينيات مع جمعة الشوان في «دموع في عيون وقحة» وماهر «المشبوه» وكمال «على باب الوزير» وعادل في «الغول» وحسنين «المتسول» وحسن سبانخ «الأفوكاتو» وصلاح في «الحب في الزنزانة» وفهمي في «حتى لا يطير الدخان» وعرفة «الهلفوت» وفارس «الحريف» والمهندس شريف صاحب «كراكون في الشارع» ومرزوق في «سلام يا صاحبي»، ثم الانتقال إلى زعامة التسعينيات مع حنفي «الأبهة» وشمس «الزناتي» ويوسف «المنسي» وزينهم «الزعيم» وأحمد فتح الله في «الإرهاب والكباب» وفتحي نوفل في «طيور الظلام» ومحروس مطاوع في «الواد محروس بتاع الوزير».
انتهى القرن العشرين بالكامل، والفن «غيّر جِلده»، وأعلن الجيل القديم - دون استثناء - الاعتزال عن البطولة طوعاً أو كرهاً، إلا هو وحده، استطاع أن يستمر مع قدري المنياوي صاحب «التجربة الدنماركية» وخطاب في «عريس من جهة أمنية» وشريف خيري في «السفارة في العمارة» وزكي الدسوقي في «عمارة يعقوبيان» ومرجان «أحمد مرجان» وحسن العطار صديق «بولس» وناجي مؤسس «فرقة ناجي عطا الله» وبهجت «صاحب السعادة» والدكتور فوزي «أستاذ ورئيس قسم» ومأمون مباشر «وشركاه» وعدلي علام صاحب الـ«عفاريت» وهلال كامل في «عوالم خفية» وصولاً إلى محطة نور محمد أحمد «فلانتينو» التي لا نتمناها أن تكون الأخيرة.
السؤال المهم لا يزال مطروحاً: لماذا وقعنا في حب عادل إمام؟.. لماذا لفت انتباهنا من أول نظرة؟ ولماذا استمر الحب طيلة هذه الرحلة من «دسوقي» إلى «فلانتينو»؟
1- شبهنا الخالق الناطق
عادل إمام يشبهنا كثيراً، عيونه مش ملونة وشعره من سايح وماعندهوش عضلات، لكنه ابن بلد وجدع ودمه خفيف وروحه حلوة ولسانه ينقط سكر، لا يمكن أن تراه على الشاشة كنموذج لـ«موديل» غريب عنك، ولا «سوبر مان» من عالم آخر، هو «واحد مننا» بجد، تشعر أنك ترى شقيقك على الشاشة، أو صاحبك، أو ترى نفسك أحياناً!
2- لا يتغير أبدًا
عادل إمام يتجدد في كل مرحلة، لكنه لا يتغير أبداً، من «دسوقي» إلى «فلانتينو» هو هو، عنده نفس «الخلطة» التي أحببناها، خفة ظل طبيعية لا تحتاج إلى «حزق»، وملامح صادقة دون «تجميل» صالحة في زمن «الأبيض وأسود» وزمن الـ«سوشيال ميديا».
3- إيفهاته من القلب
إيفيهات عادل إمام من القلب، لحم ودم «مش بلاستيك»، الإيفيه يقال مرة لكنه يعيش لزمن طويل، إلى الآن لا ينسى أحد منّا العبارة الشهيرة لبهجت الأباصيري وهو يقول: «بعد أربعتاشر سنة خدمة في ثانوي بتقولي أقف».
4 - ناظر مدرسة «الضحك بالإشارة»
تعبيرات وجهه تحتاج إلى دراسة، عليه رفعة حاجب تساوي فيلم كوميدي كامل، حفظنا جميعا هذه الإشارات، وأحياناً نقوم بتقليدها في موقف عابر دون أن نشعر أننا نقلد عادل إمام، بل يقع بعض الممثلين في نفس الفخ الذي نقع فيه، فيحاولون سرقة «وش عادل إمام» في بعض المشاهد.
5- كبر معنا
رأينا عادل إمام كومبارسا وسنيدا وبطلا ثانياً للعمل وبطلاً رئيساً، رأيناه ابن وأب وجد، رأيناه «بينضرب لحد ما اتعدم العافية»، ورأيناه وهو «بيضرب» لينتقم لصاحبه ويحرر الواحة ويخدع الموساد الإسرائيلي.
6- الجاكيت الجينز!
ربما كان هذا سبباً غير منطقي من أسباب حبنا لعادل إمام، هذا «الجاكت الجينز» الذي ظهر به في أغلب أعماله، ونشأت بيننا وبينه «كيميا» حتى دخل كل بيت مصري، وارتداه الأب والابن وربما الحفيد، والبعض أطلق عليه «جاكيت عادل إمام» الذي لازال جديراً بجذب الجمهور!
7- متنوع لأقصى درجة
استطاع عادل إمام أن يقدم كل الأدوار التي نحبها، وبرع في كل دور دون استثناء، من الحرامي والضابط والطبيب والمحامي والصحفي والمتسول والوزير والزعيم.. «عمل كل الشخصيات إللي بنحبها، وكل الشخصيات إللي مابنحبهاش بس من جوانا بنحبها، وكل الشخصيات إللي مابنحبهاش ومن جوانا مابنحبهاش بس واقف جمبنا واحد بيحبها».