سامح شكرى لـ«الوطن»: توافق دول مجلس التعاون يحفظ أمن الخليج ويساعد مصر على التفاعل معها
مفاوضات «غزة» أكدت أن مصر قادرة على التعامل مع الجميع بما فيهم «حماس».. والطرفان خسرا الكثير
بيان «الخارجية» عن أحداث «فيرجسون» جاء نتيجة حرصنا على وجود علاقات ندية قائمة على الاحترام المتبادل
نتمنى إعلان تنظيم الإخوان «إرهابياً» فى بريطانيا.. ولا أريد أن أستبق الأحداث لكننا قدمنا أدلة على جرائم تم ارتكابها
العلاقة مع قطر ليست هادئة ولا مضطربة
الحديث عن عودة السفير المصرى لتل أبيب سابق لأوانه
اجتماعات الخرطوم ناجحة ومفيدة للأطراف الثلاثة.. ولا يجب تضخيم الحذر أو التهاون مع ملف سد النهضة
أكد وزير الخارجية سامح شكرى حرص مصر على أن تكون سياسة كل الدول الخليجية، بما فيها قطر، متوافقة، وأن يراعى الجميع فكرة العمل المشترك ووحدة الرؤى والمستقبل والمصير لدعم أمن الخليج وتعزيز تعامل مصر مع دول مجلس التعاون، مشيراً إلى أن التوتر مع الولايات المتحدة بدأ يهدأ، وأن العلاقات بدأت تعود لما كانت عليه فى الماضى، وأوضح فى حواره مع «الوطن» أن مصر تدعم الحل السياسى فى ليبيا وتعاملها مع المؤسسات الشرعية لتحقيق الاستقرار وبناء مؤسسات الدولة، لافتاً إلى أن الدبلوماسية المصرية ترتكز على دعم الحل السلمى بين الفرقاء الليبيين، وأن أمريكا اعتذرت عن اتهامها مصر بالتدخل العسكرى.. وأشار إلى أنه سيعرض خطوات مشروع حفر قناة السويس الثانية على دول الاتحاد الأوروبى خلال جولته الأوروبية المقبلة وإلى نص الحوار..
■ ما رؤيتكم لأبعاد الأزمة بين دول الخليج «السعودية والبحرين والإمارات» وبين «قطر»؟
- العلاقات الخليجية - الخليجية يتم تناولها فى ضوء العلاقات الوثيقة التى تجمعنا بدول الخليج والتى يحرص قادتها على إحاطتنا علماً بأهم التطورات، ونأمل أن تكون هذه العلاقات وثيقة وأن يسود الوفاق وأن تكون كل الأطراف الخليجية راضية عن السياسة الموحدة التى تنتهجها، ونتمنى أن تسفر الاتصالات الأخيرة عن الوصول لتفهم كامل لكل القضايا المثارة، لأن ذلك سيدعم العمل العربى المشترك ويحفظ أمن الخليج وقدرة مصر على التفاعل مع مجلس التعاون الخليجى كوحدة متكاملة ونحن دائماً ندعم التضامن على المستويين الإقليمى والعربى.
■ هل تتوقع إمكانية حدوث تغيير فى السياسة القطرية تجاه مصر؟ وهل هناك مؤشرات على ذلك؟
- ما نطمح إليه أن تكون سياسة قطر وكل الدول العربية متوافقة وأن تراعى فكرة العمل المشترك ووحدة الرؤية والمصير، وهذا شىء ندعمه ونزكيه دائماً، ونتوقع من الدول العربية بحكم شعورها أنها دول شقيقة أن تكون رؤيتها للأمور متوازنة وتأخذ فى الاعتبار مصلحة الأشقاء بنفس القدر الذى يحكم مصالحها.
■ ولكن لا توجد بشائر لحدوث تغيرات فى هذا الملف؟
- نرصد ردود الفعل التى تنبئ بوجود مساحة للاتفاق، وعلينا أن نرصد ما إذا كان هناك تغيير فى السياسات يصب فى ما يتم الإعلان عنه وما ينقل إلينا من توجهات، ومصر بحكم اتصالاتها لديها الكثير من المعلومات، ومن جانبنا نسعى وأشقاؤنا الخليجيون للتشاور، وهناك حديث عن وجود توجه إيجابى لدى الجميع، وهناك أيضاً تقدير بأن هذه التوجهات تتطلب إجراءات، وهذه الإجراءات لا بد من الوثوق فى تنفيذها، والعبرة ليست بالتعبير عن الاستعداد لاتخاذ موقف فقط ولكن يجب أن يتم ذلك عبر خطوات عملية يمكن رصدها ويكون لها تأثير على أرض الواقع.
■ ولكن ما الملامح التى تم الاتفاق عليها مع الدوحة؟
- يُسأل فى ذلك من شارك فى اجتماع الدوحة وأصحاب الشأن هم أقدر.
■ هل مصر طرف فى الخلاف الخليجى - الخليجى؟
- لا أستطيع أن أقول «خلاف» بل مجرد إزالة للشوائب فى العلاقات الخليجية - الخليجية وذلك مرتبط بوضعية مصر والاستقرار فيها لأنها عنصر داعم للأمن القومى الخليجى العربى.
■ الرئيس عبدالفتاح السيسى تحدث بشكل مباشر عن قطر، هل يعتبر ذلك تصعيداً من قبل مصر؟
- ما قاله الرئيس إقرار لواقع يشهده الجميع ويعتبر مصارحة للشعب وأى مراقب يطلع على القناة الإعلامية التى تروج لهذه الافتراءات تجاه مصر سيخلص إلى هذه النتيجة.
■ هل فقدت القاهرة جزءاً كبيراً من ثقتها فى الدوحة فيما يخص التزام الأخيرة بتنفيذ قراراتها؟
- نتعامل مع ما يتناسب مع مصالحنا وتصورنا لطبيعة العلاقة مع الأشقاء ونتعامل بموضوعية، مع ملاحظة أن مصر لم تتخذ أى قرار معادٍ يؤثر بالسلب على أجهزة أى دولة، ذلك لأن مصر دولة كبيرة وحاضنة للجميع ومهتمة بالأمن القومى العربى وكيفية تعزيز التعاون مع الدول العربية ولديها استعداد دائماً للتفاعل بشكل إيجابى مع كل من يتخذ إجراءات تصب فى مصلحة مصر.
■ هل العلاقات المصرية - القطرية تشهد الآن تصعيداً أم تهدئة؟
- توجهاتنا دائماً متصلة بالمصلحة المصرية، وأى طرف يتعرض لهذه المصلحة لدينا القدرة على ردعه والتعامل معه بالشكل الذى يليق، ولا أصف العلاقات بأنها هادئة أو مضطربة، ونحن دائماً نضع الأمور فى نصابها الصحيح.[FirstQuote]
■ لكن هل هناك سحب غير معلن للسفراء بين البلدين خاصة مع بقاء السفير المصرى لدى الدوحة بالقاهرة؟
- العلاقات بين البلدين والمصلحة بينهما تقتضى أن يبقى الوضع كما هو الآن.
■ العاهل السعودى حذر من تفاقم أزمة الإرهاب فى المنطقة وقال إنه حان الوقت للتصدى له؟
- أعتقد أنه لا يمكن ربط ما يخص محور المحيط العربى بموضوع متصل بتهديد العالم ككل مثل الإرهاب، وموضوع الإرهاب له أبعاد إقليمية وليس وليد اليوم، ونتعامل معه فى مصر منذ السبعينات، وصعوده منذ 11 سبتمبر واتساع دائرته فى الآونة الأخيرة بشكل كبير جداً بسبب الأحداث فى المنطقة العربية وبزوغ أيديولوجية الإسلام السياسى وما حدث فى مصر من لفظ لهذا التوجه وإبعاده. وما حدث فى سوريا والفراغ السياسى فى العراق وسيولة الموقف فى ليبيا أدى إلى ظهور فكر متطرف وحقق على الأرض مكاسب مفاجئة لكثير من الأطراف وأيقظ الدول الأوروبية بعد أن اكتشفوا انخراط مواطنين غربيين فى هذا الفكر المتطرف، وأصبحت لديهم مخاوف من أن يعود هؤلاء لأوطانهم فيصبحوا مصدر عدم استقرار. كل هذه الأمور تدفع فى اتجاه أهمية مقاومة الإرهاب بناءً على خطة دولية لمقاومة هذا الفكر المتطرف، فهناك عناصر ودول تدعم الإرهاب ولكن الكل يتحمل مسئوليته فى التصدى لممولى هذا النشاط ومن يوظفه لمصالحه ونفوذه، ويجب أن تكون هناك منظومة متكاملة يتوافق حولها المجتمع الدولى، يكون لها الإطار القانونى وتمثيل فى مجلس الأمن وعقد مؤتمر دولى يرتب ذلك وهناك الكثير من الأفكار المطروحة لمواجهة هذا الخطر.
■ الولايات المتحدة تحشد لمواجهة الإرهاب كيف ترى العلاقات بين القاهرة وواشنطن فى هذا الإطار؟
- مصر تدعم التعاون الدولى لمواجهة الإرهاب لاقتناعها بأنه لا توجد دولة واحدة حتى الولايات المتحدة يمكنها أن تواجه هذه الظاهرة بمفردها وستصبح عاجزة عن مقاومتها، ولذلك على المجتمع الدولى أن يبحث عن الخطوات الحاسمة لمواجهة ذلك، ويأتى ذلك من خلال التشاور والتفاهم ودراسة الأطر المتاحة، لكن ذلك ليس الإطار الذى يجمعنا بالعلاقات مع الولايات المتحدة فقط، فلدينا الكثير من الملفات التى تجمعنا بها، وكلما ازدادت مجالات التعاون والنظر للقضايا الدولية برؤية موحدة فإن ذلك من شأنه أن يعزز العلاقات مع واشنطن ومع مختلف الأطراف التى تشاركنا فى القضاء على هذه الظاهرة.
وزير الخارجية خلال حواره مع «الوطن»
■ نفهم من ذلك أن التوتر بين البلدين بدأ يتراجع؟
- نأمل أن يتراجع التوتر وأن يكون فى طريقه لاستعادة عهده السابق ونحن منفتحون على هذا ونسعى دائماً لشرح وجهة نظرنا وطرح رؤيتنا فى هذا الإطار بإجراءات تسهل التفاهم المشترك للقضايا وإذا تمت مقابلة ذلك بانفتاح من الجانب الآخر فإن ذلك يحقق مصلحة مصر، وأتصور أن هناك مؤشرات لدى الإدارة الأمريكية باستعادة وتيرة العلاقات إلى سابق عهدها وإعادة التنسيق والتشاور، وظهر ذلك فى أزمة غزة، وهناك أمور تعزز أهمية مصر للولايات المتحدة منها قضية الصراع العربى الإسرائيلى.
■ وما تقديركم للأداء الأمريكى من خلال التطورات التى تشهدها المنطقة الآن وهل تتجه العلاقات الثنائية بين البلدين اتجاهاً إيجابياً؟
- أتصور أن هناك مؤشرات لدى الإدارة الأمريكية باستعادة وتيرة العلاقات إلى سابق عهدها وإعادة التنسيق والتشاور وظهر ذلك فى الأزمة الأخيرة التى أعقبتها المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية فى القاهرة والتى تمخضت عن وقف لإطلاق النار بين الجانبين، كما أن هناك أموراً أخرى تعزز أهمية مصر للولايات المتحدة، أبرزها كما قلت قضية الصراع العربى الإسرائيلى.
■ وماذا عن بيان الخارجية تجاه أحداث «فيرجسون» الذى طالب أمريكا بضبط النفس؟
- مصر تهتم مثل العالم أجمع بهذه الأحداث، وموقفها متسق مع الموقف الدولى ومع موقف الأمين العام للأمم المتحدة بان كى مون الذى شجب القمع الأمريكى بشدة ولأول مرة وتضمن حديثه شجباً حاداً لهذا القمع، لذلك لم يكن الموقف المصرى وحيداً عندما تعرض بيان الخارجية لهذه الأحداث، بل كان هناك اهتمام دولى بهذه التظاهرات، ومصر علقت على شأن له اهتمام دولى، والرسالة كانت «بقدر اهتمام الآخرين بنا فعلينا أن نهتم أيضاً بهم».
■ وماذا عن رد فعل الخارجية الأمريكية وهل هذا يعد تطوراً على أداء الخارجية المصرية؟
- ربما كان رد الفعل انفعالياً بسبب سوء الفهم من الجانب الأمريكى، وكان يجب أن يؤخذ البيان بنفس المعنى الذى طرحته مصر، وأى موقف له هدف محدد وثمار يلاحظها الجميع، ومن الصعب أن أحكم على ما تفعله وزارة الخارجية، والأفضل أن تحكم عليه الأوساط التى تتابع أداء الخارجية.
■ هل الغضب الأمريكى من بيان الخارجية يؤكد أن الموقف المصرى تحول من التبعية للندية؟
- من أهداف السياسة المصرية بعد 30 يونيو التعبير عن الإرادة الشعبية وأن نتعامل مع كافة الدول بنوع من الندية وبالتساوى فى الحقوق والواجبات والسعى باتجاه تحقيق المصلحة المشتركة.
■ ولكن إذا تكرر الأمر هل نتوقع صدور بيان جديد من الخارجية؟
- لكل حادث حديث، ولا أتكهن بما سيحدث.
■ ما أهم ملامح الأجندة الأساسية التى تتضمنها جولتكم إلى أوروبا؟
- الهدف الأساسى للجولة هو دعم الرسائل التى أتى بها الوزراء الثلاثة الإيطالى والألمانى والفرنسى بالرغبة فى التفاعل مع مصر بوتيرة أعلى، وأن هناك مصالح مشتركة بين الجانبين يجب تنميتها وضرورة التأكيد على استكمال خارطة الطريق وتحقيق الإنجاز الثالث وعرض السياسات التى تنتهجها مصر والقدرات التى تستطيع مصر توفيرها فى تحقيق المصلحة المشتركة، وأن هناك مجالات يمكن الاستفادة منها. والهدف من الزيارة البحث عن مجالات التعاون واستمرار التشاور بالنسبة للمستجدات التى ظهرت على الساحة الإقليمية، ونطمح أن نروج للمشروعات الاقتصادية خاصة الاستفادة من مشروع قناة السويس والتوجه نحو مؤتمر شركاء مصر الاستثمارى الذى سيعقد بداية العام المقبل، وسنعمل على تزكية رفع أى قيود على السياحة إلى مصر والتى تم رفعها بالفعل، ولكننا نحتاج أيضاً أن تتفهم هذه الدول الأوضاع فى مصر من حيث الاستقرار وعدم وجود تهديدات حقيقية بما يشجع السائح الأوروبى على زيارة البلاد، وهو الأمر الذى يوحى باستقرار الأوضاع.
سامح شكرى
■ بصراحة هل ما زالت كلمة «انقلاب» سائدة بشكل واضح فى دوائر صنع القرار فى أوروبا؟
- بالطبع لا، فعلى المستوى الرسمى أشعر بأن التصور السائد هو الإذعان لإرادة الشعب المصرى، وأن النظام الحالى يتمتع بالشرعية الكاملة الممثلة فى رئيس الدولة، ولم أرصد هذه الكلمة لأى من الشركاء الذين نتفاعل معهم، وهناك إقرار للواقع واعتراف بإرادة المصريين الذين عبّروا عنها من خلال الاستفتاء والانتخابات الرئاسية، وحضور المسئولين الأوروبيين لمقابلة الرئيس عبدالفتاح السيسى والاعتراف الكامل بالتطورات التى تحدث فى مصر، والتأكيد على دعمها سياسياً واقتصادياً، وهذه أمور مطمئنة.
■ وهل تملك مصر أدوات فاعلة تُمكّنها من خوض معركة مع اللوبى الإخوانى المتغلغل فى أوروبا؟
- لا أريد أن أبالغ وأصفها بالمعركة، ولا أتصور أن هذا التنظيم يقدر أن يخوض حرباً مع مصر، ولكن لديهم دائرة من الدعم لزعزعة استقرار مصر والتأثير المباشر على حياة المواطن المصرى وهذه الهجمة الشرسة يتم صدها بمعلومات مناسبة نتدخل بها فى التوقيت المناسب وبشرح متصل مع الشركاء ودعوة للاقتناع بشواهد لا يمكن أن يغفلها إلا من يكون راغباً فى عدم المعرفة، وتقوم وزارة الخارجية بصد هذه الحملة ومقاومتها فى مواضع كثيرة وستظل هذه المهمة جوهرية فى هذه المرحلة، والثقة فى نجاحها أكيدة.
■ هل تتوقع إعلان بريطانيا الإخوان منظمة إرهابية؟
- لا أريد أن أستبق الأحداث، لكن نأمل أن يتحقق ذلك، لأننا قدمنا دلائل مرتبطة بالوضع فى مصر وأفسحنا المجال لوجود اتصالات وتشاور وتبادل للمعلومات فى هذا الملف، وكذلك أفعال وجرائم تم ارتكابها، وهناك محاكمة للمتهمين فى هذه الجرائم، وأفسحنا المجال لوجود اتصالات وتشاور بيننا وبين البريطانيين، ولكن لا يمكن التكهن بأمور كثيرة مرتبطة بالتركيبة الداخلية فى بريطانيا، ووجود عناصر من الإخوان متغلغلة فى بريطانيا وفى دول أوروبية أخرى تخرج عن التوجه المرتبط بقضايا مصر.
■ بعد إقرار وقف إطلاق النار فى غزة برأيك من الخاسر ومن الرابح فى تلك الأزمة التى انتهت برعاية مصرية؟
- بدون شك قضية غزة أثرت على الجميع لما نتج عنها من تضحية ضخمة من الشعب الفلسطينى واستشهاد أكثر من 2000، فضلاً عن التدمير الذى حدث فى قطاع غزة، ما يستغرق جهداً كبيراً جداً، فالضرر كان بالغاً، وفى رأيى أن فقدان الحياة خسارة كبيرة لا يمكن قياسها بأى شىء آخر، وعلينا أن ننظر للمستقبل ببحث آليات عدم تكرار هذا الأمر، ونسعى أن ننهى الاحتلال ونعمل على ضرورة استئناف مفاوضات السلام لإنهاء النزاع على أساس قيام الدولتين فى أسرع وقت.
■ لكن الإعلام الإسرائيلى اعتبر أن حماس خسرت المعركة وحماس تعتبر إسرائيل هى الخاسرة؟
- طبيعى أن يدعى كل طرف النصر، ولكن المحصلة النهائية أن تقيّم الشعوب ما فى مصلحتها وما فى غير مصلحتها، وأن تتخذ من الإجراءات ما يتناسب مع تقييمها. وأعتقد أن الطرفين خسرا وتعرضا لتضحيات كبيرة ولفقدان كثير من الأرواح، وهذا لم يكن مقبولاً على الإطلاق، على الأقل من المنظور الإنسانى.
■ هل أخطأت حماس حين لم تقبل المبادرة المصرية فى البداية؟
- لا أضع الأمور فى إطار الصواب أو الخطأ، لكن عندما طرحنا المبادرة فى وقت مبكر كان الهدف حماية الشعب الفلسطينى واحتواء الأزمة ووقف ارتفاع عدد الضحايا من الجانب الفلسطينى، وحينما تم قبول المبادرة كانت أعداد الضحايا قد تضاعفت بشكل كبير جداً.
■ ما التطور بين المشروع الأول الذى لم يتم الاتفاق عليه والذى رفضته حماس والاتفاق الأخير الذى قبلته الحركة؟
- الظروف كانت مختلفة، وفى لغة التفاوض فإن الاتفاق الأول لم يحظ بالقبول كأنه لم يكن، ولكن العناصر التى تم التوصل إليها وصلت إلى درجة عالية من تحقيق المطالب الفلسطينية، والمفاوض المصرى كان يريد مصلحة الشعب الفلسطينى وكسر الحصار المفروض على قطاع غزة، والأمور المعلقة كانت محدودة، والآن نتحدث عن فتح المعابر والتهدئة واستئناف المفاوضات السابقة ولكن ستحتاج جهداً وستتم تحت ظروف أخرى.[SecondQuote]
■ هل هذه المفاوضات فى قضية غزة قربت المسافة بين مصر وحماس؟
- أتصور أن هذه المفاوضات أكدت أن مصر تستطيع استيعاب كل الأطراف، وعلى استعداد للتعامل مع الجميع طالما كان الهدف حماية الشعب الفلسطينى، وأثبتنا أننا قادرون على احتواء أى نوع من الاختلاف والتوجهات، والأمر يتوقف على الرؤى التى تملكها حماس كفصيل فلسطينى تجاه مصر؛ هل تتبنى سياسة غير ضارة بالمصلحة المصرية، عندها ستكون هناك رغبة للتعامل مع كافة الفصائل لحماية الشعب الفلسطينى.
■ ماذا عن عودة سفير مصر لدى تل أبيب؟
- هذا مرتبط بظروف وأمور سياسية من السابق أن يتم تناولها فى الوقت الراهن.
■ خالد مشعل طالب مجدداً بفتح معبر رفح؟
- معبر رفح مفتوح فكيف نفتح ما هو مفتوح ولم يغلق فى أى وقت إلا فى اعتبارات استثنائية متعلقة بالأمور الأمنية فى سيناء والأمور المتعلقة بالتصعيد المرتبط بقطاع غزة، والمعبر مفتوح بشكل استثنائى فى هذه الأزمة لتوفير الرعاية الصحية وإدخال المساعدات، وهو معبر أشخاص وليس معبراً تجارياً ومصمم لغرض محدد والمطالبة بفتح المعبر لها هدف آخر لا نرى أنه فى مصلحة الشعب الفلسطينى، وفتح المعابر الإسرائيلية الستة الأخرى وإنهاء الحصار هو المصلحة الحقيقية للشعب الفلسطينى.
■ هل ترى أن هناك جهات أسهمت فى تأخير الهدنة واستهداف مصر فى هذه الحرب؟
- القرار تم اتخاذه من قبل الفصائل الفلسطينية بعد تشاور مستمر، وبعض هذه الفصائل لها مصالح مع جهات أخرى، وهذا وارد، وفى النهاية ننظر للسلطة الفلسطينية والفصائل الأخرى من منطلق خدمة الشعب الفلسطينى.
■ ننتقل إلى سد النهضة.. ما تقدير الخارجية المصرية للاجتماعات الأخيرة التى جرت فى الخرطوم، وهل هى بداية لمرحلة جديدة فى هذه القضية؟
- صعب أن نصف الاجتماعات بأنها «انتصار مظفر»، كذلك لا يمكن وصفها بأنها لم تحقق النتائج المرجوة، ولكن وصفها الموضوعى هو أنها «تحول» فى الرؤية، وأصبحت هناك رغبة مشتركة فى التوصل إلى تفاهم وإلى بناء الثقة بين البلدان الثلاثة (مصر والسودان وإثيوبيا)، وتم التوصل خلال الاجتماع إلى عدد من التفاهمات يتم صياغتها فى اجتماعات مقبلة، لكن ما زال هناك احتياج لصياغة الثقة من خلال منظورين؛ الأول حقوق إثيوبيا فى التنمية، والمنظور الثانى هو الإقرار الإثيوبى بعدم الإضرار بمصالح مصر المائية، ولابد أن يصل الأمر إلى نقطة اتفاق قاطع بين الأطراف الثلاثة يحقق مصالحهم، وعلينا أن نستمر فى هذا العمل بتلك الروح وإزالة أى خلافات فى الرؤية وتحديد المصلحة، ولكن الاجتماع كان «ناجحاً» ومفيداً للأطراف الثلاثة وأطلق عملية لإعداد دراسات ضرورية ومطلوبة وهناك ارتياح للجهات الثلاث بعد الاجتماع الأخير.
■ هناك تخوفات من استمرار المفاوضات بالتزامن مع بناء السد ويتم وضع مصر أمام الأمر الواقع.
- يجب أن نقدر مراحل بناء السد وما وصل إليه من حيث الإنجاز، فالحيز الزمنى الآن يتعلق بالدراسة وهناك اتصالات جارية لتحديد النواحى الفنية واستخلاص تفهم أكبر للآثار المترتبة على بناء السد، وما زلنا نعمل بشكل يؤدى إلى تحقيق المصلحة المشتركة ولا يجب أن يكون هناك حذر مبالغ فيه، كذلك لا يمكن التهوين من الأمر، والمؤسسات المصرية تقدر أبعاد الأزمة وتدرسها وتضع البدائل والحلول وتعلم تماماً ما هى المصلحة المصرية التى لا يمكن تجاوزها وأن نحافظ وندافع عنها.
■ ننتقل إلى ملف ليبيا.. هل الملف يدار دبلوماسياً أم عسكرياً؟
- الملف يدار دبلوماسياً فى هذه الآونة، وكان آخرها توصيات اجتماع دول الجوار بأن تحل الأزمة فى الإطار السياسى ودعم البرلمان المنتخب من الشعب والذى استطاع أن ينعقد فى طبرق ويتخذ قرارات يمكن أن تبنى عليها المؤسسات الشرعية وإعادة ليبيا إلى وضع الاستقرار والوحدة، ورفض كل أساليب الجماعات المسلحة ويتم على الفور جمع السلاح لإتاحة أُطر للحل والتوافق الوطنى بين الأشقاء الليبيين وسوف نستمر فى دعم الشرعية الليبية، وهناك اهتمام من دول المتوسط الأوروبية أن تساعد ليبيا للوصول إلى حل.[ThirdQuote]
■ من المسئول عن انتشار السلاح فى ليبيا بهذا الشكل وكيف يحصلون عليه؟
- العناصر الإرهابية فى العالم مورد ضخم جداً للسلاح إلى ليبيا، ويجب أن يتعامل معها المجتمع الدولى بحسم لاحتواء هذه الأزمة من خلال إطار سياسى لأن المتضرر سيكون الشعب الليبى وحده.
■ هل ترى مصر أن الحل السلمى هو الحل الأمثل للأزمة الليبية؟
- نحن أقرب دائماً للحلول السلمية طالما تم نبذ العنف والبعد عن قوة السلاح، والشعب الليبى قادر على أن يصل لحلول فى إطار الوحدة الوطنية والحفاظ على وحدة الأراضى الليبية.
■ بعض التسريبات تتحدث عن وجود استراتيجية ضرورية للتعامل مع الإرهاب فى المنطقة وهناك احتمالات للتدخل العسكرى الدولى لحل الأزمة فى ليبيا.
- الأمر معقد جداً والعمل الدولى المشترك يجب أن ينصب دائماً فى مجال حفظ السلام، وطبيعة قوات حفظ السلام غير قتالية ولا تكون طرفاً فى المعادلة العسكرية ولا يوجد ما يعبر عن التدخل الأممى إذا نظرنا للوضع مثلاً فى العراق.
■ ما رأيك فى الاتهامات التى وجهتها أمريكا لمصر بالقيام بعمل عسكرى فى ليبيا، وهل هى اتهامات مقصودة؟
- سنأخذ الأمور بما عبرت عنه الولايات المتحدة وعلى لسان أرفع مسئوليها بأن هناك خطأ مؤسسياً أدى لنقل صورة ليست دقيقة لهم، واعترفت أمريكا بذلك، ووضحنا خطورة هذا الاتهام وتداعياته على العلاقات بين مصر وليبيا فيما يخص الحدود المشتركة والعمالة المصرية الكثيفة مما يؤدى إلى مخاطر ضد مصر، وعلى أى الأحوال هذا التضارب تم إنهاؤه الآن.
■ وهل هناك تنسيق مع كل الأطراف الليبية بما فيها قوات حفتر؟
- مصر تتواصل مع كل الأطراف التى تحظى بالشرعية، مع البرلمان ومع رئيس الأركان المعين ورئيس الوزراء المكلف ونتواصل مع الكيانات التى تحظى بالشرعية فقط، وإذا حظى اللواء حفتر بالشرعية سنتعامل معه.
■ ما القضية التى أثارت اهتمام الخارجية وأبدت رد فعل قوياً عليها؟
- نتابع كل شىء مرتبط باستقرار مصر بعد 30 يونيو، وما نتج عنها من هجمة إخوانية فى الداخل والخارج، وكل القضايا يتم تناولها بنفس الدرجة من الأهمية لأنها مؤثرة فى بلورة نظام جديد لمصر يأمل أن يحقق طموحات الشعب ويحقق الإرادة، لأن الشعب المصرى يشعر أنه استعاد دولته ويأمل أن يرى مصر فى وضع أفضل ويجعلنا نتناول كل القضايا بنفس الاهتمام.
■ ما الموقف الذى تلقاه وزير الخارجية وشعر بالقلق حياله؟
- لا أستطيع أن أحدد قضية معينة، ولكن أى قضية تتعلق بالاستقرار الداخلى والخارجى للبلاد ولها تأثير على الرأى الخارجى تستدعى أن نتعامل معها ونوضح ملابساتها ونتفاعل سريعاً معها على اعتبار أنها خبرات تصقل جهودنا وهو ما يحقق مصلحة الشعب المصرى.
■ يؤخذ على وزير الخارجية أنه سكرتير للرئيس وأن دوره تنفيذى وهناك ملفات تتبع جهات سيادية؟
- أرى أن الجميع يعملون فى سلة واحدة وبتنسيق عالٍ جداً، وهناك تعاون وبلورة لكل السياسات ورسمها لأن هناك شعوراً تضامنياً ووحدة هدف ورؤية ثاقبة بأن مصر تمر بفترة تاريخية مهمة وتنتقل من دولة متعثرة إلى دولة ناهضة، وهناك تراكمات وتحديات من الماضى لا بد أن نواجهها، وأن نطور أداءنا فى الدبلوماسية المصرية واستخلاص التجارب، وأثق أننا فى النهاية سنصل للغاية التى نريدها.