المرأة مع الرجل يساويان واحداً. فلا انقسام بين من ربط الله بينهما. الله تعالى خلق المرأة من نفس الرجل.. يقول الله فى كتابه العزيز: «ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا». وفى الكتاب المقدس «ما جمعه الله لا يفرقه إنسان».
والملاحظ خلال الفترة الأخيرة أن ثمة رغبة وسعياً محموماً من جانب البعض لدق «إسفين» بين الرجل والمرأة، ويكاد يكون الشغل الشاغل حالياً للمحتوى الإعلامى هو تحقيق هذا الهدف، عبر التركيز على فرضية «أن هناك ظلماً واقعاً على المرأة»، من مظاهره على سبيل المثال التعرض للاغتصاب، ويقتضى وجود تشريع يحبس الزوج الذى يفعل ذلك، وضياع حقوقها عند الطلاق ويفرض إيجاد تشريع تحصل المرأة بمقتضاه على نصف ثروة الرجل إذا طلقها، ومؤخراً خرج أحدهم يتحدث عن أن خدمة الزوجة لأهل زوجها هدم للبيوت.
لست أدرى عن أى مرأة يتحدث عرائس وعرسان المولد المنصوب فى مصر حالياً حول هذا الموضوع؟. هل نزل هؤلاء على سبيل المثال إلى الريف المصرى واستطلعوا رأى سيداته الفضليات حول هذه الأمور، وهل تجوّل أى منهم فى الأحياء الشعبية وسأل الزوجات المكافحات هناك عن موقفهن من هذه القضايا؟.
الرغبة فى الانخراط فى المولد بأى صورة من الصور، والتنقيط فى فرح «الدفاع عن المرأة المصرية» بات دافعاً قوياً يؤدى بهؤلاء المتاعيس إلى المزايدة على بعضهم البعض، وتوقع خلال الأيام القادمة أن تسمع منهم ما لا يتصوره خيالك من أفكار داعمة للمرأة من أجل الوجود فى الصورة.
حقيقة الأمر أن الزوجة المصرية العادية ليست بحاجة إلى نصيحة من هؤلاء، فهى تعرف جيداً كيف تروض رجلها وكيف تحصل على حقوقها كاملة منه، وهى أذكى من أن تصل الأمور بينها وبين زوجها إلى السقوط فى البئر التى ينزح منها هؤلاء أفكارهم.
كما أن الزوج المصرى ليس بالبشاعة التى يقدمه بها هؤلاء فى صورة «المغتصب» مرة، و«المنتقم» مرة، و«آكل الحقوق مرة»، و«المفترى على زوجته» مرة، بل هو فى الأغلب الأعم إنسان «شقيان» يسعى على مدار اليوم من أجل توفير ما يسد حاجات زوجته وأولاده.
وكل الأسر فى مصر تتفهم أن المولد المنصوب حالياً ليس جديداً، فمع مطلع الألفية الجديدة تم نصب مولد شبيه شعاره «تمكين المرأة» وسمعنا وقتها بكائيات على أوضاع المرأة تشبه البكائية التى نسمعها حالياً.
المشكلة هذه المرة أن البكائية تأتى فى إطار اتجاه عام يستهدف دق الأسافين بين ثنائيات المجتمع المصرى بصورة جنونية، وذلك بالاعتماد على أسلوب البكاء على طرف وشيطنة طرف آخر، كما يحدث حالياً من شيطنة للرجل وبكاء على المرأة الضعيفة المغصوبة على أمرها.
المجتمع المصرى - مثله مثل كل المجتمعات - فيه الغنى والفقير، والرجل والمرأة، والمتدين وغير المتدين، والمتزمت والمنفتح، والصعيدى والبحيرى والقاهرى، والمؤيد والمعارض، والمهذب وقليل الأدب، إنه التنوع الطبيعى الذى يمتاز به المجتمع المصرى ويشكل معلماً من معالم ثرائه، ولا يصح أن يركز البعض على النماذج الاستثنائية المريضة داخل هذه الفئة أو تلك من أجل تغذية الصراع بينهما.
المطمئن فى الأمر أن هذه المحاولات «القديمة/المتجددة» غالباً ما تتكسر على الحائط الصلب لقيم الشخصية المصرية الأصيلة.