أى مواطن صالح سواء كان طبيباً أو مريضاً أو حتى وزيراً للصحة.. ينبغى أن يتوقف طويلاً أمام منظومة الصحة المهترئة فى بلادنا الحبيبة.
فالصحة فى مصر لا تعتمد على نظام محدد.. والوزارة المسئولة عن الأطباء ومرضاهم.. لا تملك منظومة من الأساس.. لتوصيل تلك الرعاية إلى مرضاها.. ولا تملك ما تعطيه لأطبائها فى نفس الوقت.
الفكرة أن الجميع يغفلون القاعدة الأساسية لكل الهيئات الخدمية على اختلاف أشكالها فى كل مكان فى العالم.. وهى من يعمل يتلقى المقابل.. فالقاعدة الذهبية لوزارة الصحة فى مصر.. أن من يعمل «كتر خيره» لأنه سواء اجتهدت فى عملك أم لا.. فلن تحصل على مقابل فى كل الأحوال!!
المشكلة أن ميزانية الوزارة محدودة بالفعل.. فلا تملك ما يطالب به الأطباء من مقابل مادى يحفظ لهم الحد الأدنى من الاحترام.. وفى نفس الوقت يتم إنفاق تلك الميزانية المحدودة على رعاية صحية وهمية.. مشكوك فى جودتها للمواطنين.. فلا المواطن يستفيد.. ولا الطبيب يقدم ما يفترض أن يقدمه.
التساؤلات عن الحل الجذرى تتصاعد كل يوم.. خاصة حين تعرف عزيزى القارئ أن أكثر من ٤٨٪ من الرعاية الصحية المجانية يتم تقديمه من المستشفيات الجامعية -التى لا تتبع وزارة الصحة من الأساس- ولا تحصل على نصيب من ميزانية الصحة التى تقرها الموازنة العامة سنوياً.. بل تعتمد على ميزانية البحث العلمى لوزارة التعليم العالى!!
الحل بسيط للغاية.. ولكن لا أحد يلتفت له.. الحل أن تنضم كل الهيئات التى تقدم الخدمة الطبية فى مصر تحت مظلة واحدة.. ما بين مستشفيات عامة وجامعية وتأمين صحى وخاصة أيضاً.. ويتم حصرها ووضعها تحت سيطرة وزارة الصحة الرقابية بالكامل.. وتوزع ميزانية الوزارة على كل المستشفيات طبقاً لعدد المرضى الذين تم تقديم الخدمة إليهم سنوياً.. على أن يتم تعميم نظام التأمين الصحى لكل مواطن ببطاقة الرقم القومى نظير مبلغ شهرى يتحمله صاحب العمل أو وسيلة التأمين الصحى المقررة له.. ولا يقوم المواطن بدفع أى مبالغ مالية نظير الخدمات المقدمة إليه فى أى مكان يذهب إليه.. على أن تتكفل الوزارة بذلك عنه ولا يتم توزيع الميزانية المقررة للوزارة -التى ستزداد حتماً بعد إضافة المبالغ المحصلة تحت بند التأمين الصحى- إلا بعد إرسال إحصاء بعدد المرضى الذين استفادوا من الخدمة بالمستشفى أو المنشأة الطبية.. وبذلك سيحاول كل مستشفى من عام أو خاص أو جامعى جذب المريض إليه بأى شكل.. حتى يستطيع أن يحصل من ميزانية الوزارة ما يكفيه للوفاء بالتزاماته.
الفكرة السابقة ستحمى الدولة من الالتزام بعلاج المواطن فى مكان محدد.. وستجعل التنافس فى تقديم أفضل الخدمات الطبية يصب حتماً فى صالح المريض.. ولن تكلف الوزارة مليماً زائداً.. وستجعل المستشفيات العامة والخاصة والجامعية تتنافس فى تقديم الخدمات الأفضل والأعلى.. وستصبح الزيادة التى يطالب بها الأطباء نظير عمل يقومون به.. فضلاً بالطبع عن توفير ميزانية وزارة التعليم العالى للبحث العلمى كما هو مقرر لها.. الفكرة بسيطة للغاية.. والوقت مناسب لوزير الصحة ليثبت أنه يبحث عن الأفضل.
عزيزى وزير الصحة.. كلنا نعلم أن الوضع سيئ بالفعل.. ونعلم أيضاً أن سيادة الرئيس ووزراء الحكومة لن يستطيعوا أن يفعلوا شيئاً بمفردهم.. وأن الوقت قد حان لاستقدام أفكار من خارج الصندوق.. ولكن.. من يجرؤ؟!