تتعمد بعض الحكومات العربية وصف الجيش النظامى السورى بـ«الجيش العلوى»، وربما كان ذلك واحداً من أسباب إخفاق الثورة السورية فى تحقيق هدفها حتى الآن. فثورة سوريا جاءت ضد نظام حكم مستبد، مثلما هو الحال فى ثورات تونس ومصر وليبيا واليمن، ولم تقم كثورة «سنة» ضد «شيعة». وقد أدى تركيز الأنظمة العربية على هذا البعد إلى تدفق التأييد الشيعى على نظام الأسد، من جانب إيران وحزب الله اللبنانى، وكانت النتيجة أن تمتع «بشار» بنَفس أطول فى القتل الممنهج لأفراد شعبه دون تمييز بين سنى وشيعى!
ويبدو أن طين المسألة السورية سوف يزداد «بلولة»، خصوصاً فى ظل التصريحات التى بدأت تتناثر على ألسنة مسئولين مصريين حول دراسة مسألة التدخل العسكرى العربى فى سوريا، استجابة للاقتراح الذى تقدم به أمير قطر للأمم المتحدة منذ أيام. ودخول جيش عربى إلى سوريا لا يعنى شيئاً أكثر من دخول الجيش المصرى، فى مشهد يتشابه كثيراً مع تدفق القوات المصرية إلى اليمن بداية الستينات لدعم ثورة الجيش اليمنى الثائر ضد نظام الأئمة المدعوم من المملكة. فالدول العربية الأخرى لا تملك جيوشاً حقيقية، تتماثل تعدادها وقدراتها وآلياتها مع الجيش المصرى.
وإذا كانت العديد من الدول الخليجية، خصوصاً قطر والسعودية، تدعم التدخل العسكرى العربى (المصرى) لإسقاط نظام بشار، فإن ذلك يتم بتوجيهات من جانب الولايات المتحدة الأمريكية. ودخول مصر كطرف فى الصراع الدائر حالياً فى سوريا يعنى ببساطة أن أمريكا تريد أن توقع نظام الحكم لدينا فى ورطة لن يكون من السهل الخروج منها؛ لأن هناك أطرافاً عديدة سوف تلقى بثقلها من أجل دعم نظام «بشار»، من أبرزها إيران وبعض القوى الدولية الأخرى كروسيا والصين، ولن تكون سوريا فى هذه الحالة مجرد ساحة معركة، بل ستتحول بالبلدى إلى «معجنة»، وسوف تنطلق منها شرارة الصراع ما بين السنة والشيعة، حيث سيدخل كل طرف منها فى حرب مقدسة ضد الآخر.
لقد نشب جدل كبير منذ ساعات بسبب قيام الجمعية التأسيسية للدستور بصياغة مادة تمنح رئيس الدولة حق إعلان الحرب بعد موافقة مجلس الشعب، على أن يكون رأى مجلس الدفاع الوطنى استشارياً! الأمر الذى يعنى أن قرار الحرب سوف يكون بيد الرئيس «محمد مرسى»، فى حالة تمرير الدستور الذى يعد حالياً بتلك الصورة. وهو أمر يثير القلق، ليس بسبب شخص الرئيس ذاته، ولكن من فكرة أن يوضع مثل هذا القرار الخطير فى يد شخص واحد! أتصور أن مجرد التفكير فى التورط فى سوريا يعد حماقة كبرى لن يقدم عليها عاقل، إلا لو اجنن!