اتخذ الرئيس التونسى قيس سعيد (وهو أستاذ قانون دستورى) قرارات بتجميد مجلس النواب ذى الأغلبية الإخوانية، وحل حكومة الإخوان، ثم تحرك إلى ساحة بورقيبة وقال: «إن القرارات هدفها إنقاذ تونس والحيلولة دون العبث بالأرواح ومقدرات الدولة».
اختلف التونسيون حول القرارات، ما بين مؤيد لها، خاصة بعد عشر سنوات من حكم الإخوان زاد فيها الانهيار الاقتصادى فى تونس، مع فوضى مستمرة لم تنتهِ، وبين الإخوان ومن معهم الذين اعتبروها انقلاباً على الشرعية، وعلى أثر هذا ذهب راشد الغنوشى إلى ساحة البرلمان التونسى، لرفض القرارات، ووصفها بأنها «انقلاب»، وحرّض المواطنين على رفضها، والوجود فى الميادين، مع أنه صاحب مقولة: (الفرق بيننا وبين إخواننا فى مصر أننا فى تونس نقدّم مصلحة الوطن على مصلحة التنظيم، فلو تم رفضنا سنكون أول المستجيبين، وسنعود نشارك فى البناء بعيداً عن الحكم).
ومن المواقف المغايرة موقف هشام المشيشى، رئيس الحكومة المقال، حيث وضع سريعاً مقارنة بين الاستجابة للقرارات، حفاظاً على الوطن، وبين التمسك بأن ما حدث انقلاب يجب مقاومته، فاختار الأول، قائلاً: «إنه سيُسلم المسئولية إلى الشخصية التى سيكلّفها رئيس الجمهورية لرئاسة الحكومة الجديدة، عملاً بسُنة التداول، وأنه لا يمكن أن يكون جزءاً من إشكال يزيد وضعية تونس تعقيداً وأنه حريص على تجنيب البلاد مزيداً من الاحتقان». الذى نريد قوله للتونسيين أن ينتبهوا إلى الحفرة التى يُعدّها لهم قيادات الإخوان، فلا يكرروا خطأ الإخوان فى مصر. من حق الشباب التونسى أن يؤيّد القرارات أو يعارضها، إلا أن معارضتها عن طريق تعطيل المؤسسات أو الاعتصامات التى تغلق الطرق، أو التحريض على الدولة سيكون ورطة يقع فيها الشباب، ولن يرجع الرئيس فى قراراته، وفى المقابل فإن كبار المحرّضين سوف يفرون من المعركة، ويرتبون مستقبلهم ومستقبل أولادهم، ثم يكون الضحية الشباب المستغل من الخطاب الثورى التحريضى.
وليعلم التونسيون عن حكومة النهضة الإخوانية أموراً:
الأول: أن قيادات «النهضة» سوف يسيرون على خُطى قيادات إخوان مصر من أنهم سيفرون ويتركونكم وقوداً لمعارك وهمية لا نتيجة من ورائها إلا الدماء، ويبيعون القضية، وأن حزب النهضة عينه على مصلحته لا على الوطن أو الدين بطبيعة كل حزب إسلامى تنظيمى، وأنه يوالى ويعادى لمصلحته، وليس أدل على ذلك من أنه كان يعلن انحيازه للعلمانية، ويشارك بعض قياداته فى حفلات الرقص إذا اقتضى الأمر.
الثانى: أنه حكم عشر سنوات فشل فيها تماماً، بما يعنى أنه لا يستحق القتال من أجل عودته.
الثالث: أن هناك مغالطة يروجون لها مفادها أن سقوط الإسلاميين فى بلد ما يعنى على الفور ظهور العلمانيين وسيطرتهم على المجتمع، وهى كذبة مفضوحة غرضها تقبل وجودهم حفاظاً على دين المجتمع من الضياع! وقد كتب الدكتور مختار الأزهرى الباحث بدار الإفتاء المصرية مقالاً حول هذه الجزئية.
الرابع: القول بأن الأمر مرتبط بالديمقراطية وليس بحركة النهضة قول يُقدّره المواطن التونسى حسبما يرى فيه استقرار وطنه والحفاظ على مؤسساته، لا حسب ما تمليه عليه توجهات قيادات النهضة.
حفظ الله تونس من الفتن.