قلبى المنهك لم يعد يتحمّل الألم، خاصة إذا كان الوجع «إنساناً» والسبب «فتاوى رجعية».. فمع جائحة كورونا طرحت التساؤلات حول زراعة الرئة وتعريف «الموت الشرعى والموت الإكلينيكى» نفسها من جديد.. بينما قد يبحث الإنسان عن أنفاس تنجده من قسوة «تليف الرئة»!
مريض التليف الرئوى محكوم عليه بالإعدام من «تيار التحريم» الذى يحدد «الموت الشرعى» بأنه (انخساف الصدغين وتوقف القلب وتدلى الخصيتين).. وهو كلام سخيف جعلنا فى ذيل قائمة الدول المتقدمة علمياً وطبياً!
فى المملكة العربية السعودية يتم نقل الأعضاء من «الموتى حديثاً» ولديها قانون يبيح ذلك، وبتاريخ 7 مايو 2017 نشر موقع «العربية نت» على لسان مدير عام «المركز السعودى»، الدكتور فيصل شاهين، أنه «تم إجراء 339 عملية زراعة قلب، كما تم إجراء 213 عملية زراعة رئة حتى تاريخه، أما أندر العمليات فهى عمليات زراعة البنكرياس بواقع 46 عملية».
فيما دخلت مصر مرحلة «التحنيط العلمى» منذ 1400 سنة، حين قررت «هيئة كبار العلماء» رفض الموت الإكلينيكى، وفى مايو 2017 اختطفت «دار الإفتاء المصرية» دور الأطباء، لتبيح جواز نقل الأعضاء، فوضعت شروطاً تعسفية لتعريف الموت، رغم أن علماءها درسوا الفقه والشريعة ولم يدرسوا الطب.. فاشترطت دار الإفتاء «أن يكون المنقول منه العضو قد تحقق موته موتاً شرعياً وذلك بالمفارقة التامة للحياة، أى موتاً كلياً، وهو الذى تتوقف جميع أجهزة الجسم فيه عن العمل توقفاً تاماً تستحيل معه العودة للحياة مرة أخرى، بحيث يُسمح بدفنه، ولا عبرة بالموت الإكلينيكى أو ما يُعرف بموت جذع المخ أو الدماغ، لأنه لا يُعد موتاً شرعاً، لبقاء بعض أجهزة الجسم حية».. السؤال الملح هنا: إذا كان علماء المؤسسة الدينية -بكل فروعها- فى مصر لا يعترفون بـ«فتاوى السعودية».. فكيف يطوفون بالبيت الحرام يتضرعون إلى الله طالبين «الصحة»، وقد تركوا خلفهم ملايين الأرواح المعلقة بمشانق الفتوى؟!
وفى الخبر المنشور تفصيلاً بجريدة «الوطن» بتاريخ 14 يونيو 2021، تشترط دار الإفتاء شروطاً غريبة تدعو للتعجب، مثلاً «أن تكون روحه قد فارقت جسده مفارقة تامة تستحيل بعدها عودته للحياة» فهل عرف رجال الدين ماهية الروح؟.. أم أنهم لم يقرأوا قول المولى عز وجل فى سورة «الإسراء»: (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّى وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً)!
الأغرب من ذلك تشديد دار الإفتاء على «ألا يكون العضو المنقول من الميت إلى الحى مؤدياً إلى اختلاط الأنساب بأى حال من الأحوال، كالأعضاء التناسلية وغيرها».. ويبدو أن السادة «العلماء» لا يعرفون أن العلم لم يتوصل بعدُ إلى هذه الفكرة العبقرية.
بحسب الدكتور «يسرى عقل»، أستاذ أمراض الصدر بطب القاهرة، فإنه يلتقى «يومياً» بنحو أربع حالات تحتاج لزراعة رئة(!!).. والمعروف علمياً أن القلب والرئة من الأعضاء التى يتم نقلها من المتوفى «إكينيكياً».
أما الدكتور «حسام موافى»، أستاذ طب الحالات الحرجة بقصر العينى فيروى، على قناة «صدى البلد»، مقابلته فى اجتماع منذ 15 عاماً مع شيخ الأزهر حينها.. وجَّه له شيخ الأزهر سؤالاً: حال أن الشخص الموجود على أجهزة التنفس الصناعى متزوج فكيف يتم تحديد العدة الخاصة بزوجته، هل من وقت وضعه على أجهزة التنفس أم بعد دفنه، وحينها لم يستطع الرد عليه، وأجابه فبُهت الذى كفر، وانتهى على ذلك الاجتماع!
احسبوا العدة.. ودعونا نلطم فى صمت.