منة شلبى: «بعد الموقعة» وجه آخر لـ«موقعة الجمل».. ومستحيل أن تُرضى الدراما كل الأطراف
أجمل ما فى أداء منة شلبى أنك لا تشعر أنها تمثل؛ حيث تبدو فى حالة دائمة من التلقائية فى كل أدوارها.[Image_2]
وفى فيلمها الأخير «بعد الموقعة» نجح المخرج يسرى نصر الله فى توظيف هذه الحالة الطبيعية، فبدا وكأنه يعيد اكتشافها فنيا.
وقد جسدت «منة» فى الفيلم دور ناشطة سياسية وحقوقية، تعجب بأحد الخيالة المتهمين فى قضية «موقعة الجمل»، وتدور الأحداث بين إعجابها بهذا الرجل من ناحية، وتعاطفها مع زوجته وأولاده من ناحية أخرى.
حول هذا الفيلم المثير للجدل، الذى يشرح الشخصية الإنسانية ويعريها، يدور هذا الحوار الصريح والحميم مع منة شلبى..[Image_3]
* الفيلم قدم الوجه الآخر لـ«موقعة الجمل» وأظهر المتهم فى صورة ضحية حتى إنك كناشطة حقوقية تعاطفت معه.. فما ردك؟
- الفيلم ليس عن الثورة إطلاقا وإن كان تناول حدثا من أحداثها، وهو «موقعة الجمل» لكنه تناوله بشكل إنسانى درامى تشريحى وليس بشكل وثائقى أو تأريخى، ونستطيع أن نقول إن الفيلم عن «البنى آدمين»، وليس عن الثورة، ويمكن أن يكون هؤلاء الناس الذين تم تناولهم فى الفيلم فى ثورة أخرى غير يناير، لكنها نفس الحالات الإنسانية بغض النظر عن العصر أو الزمن، ولم يظهر الفيلم حالة تعاطف مع شخصية «محمود البيطار» الذى أدى دوره «باسم سمرة».. هذا الخيال الذى شارك ضد المتظاهرين فى «موقعة الجمل»، بل أراد توضيح نقطة مهمة، هى أننا نحكم على الناس دون أن نعرف ظروفهم ودوافعهم، أو حتى نحاول فهم الوجه الآخر، وكم أعشق الأغنية الشهيرة «عشان لازم نكون مع بعض عشان شايلانا نفس الأرض»؛ لأنها نفس رسالة الفيلم بالضبط، يجب أن نعيش معاً ونفهم بعضنا لأننا مشتركون فى البلد والمكان، ويجب ألا نحكم بشكل قاطع على «البنى آدمين» لأنه لا يوجد أحد يصل لدرجة المثالية.
* «ريم» و«محمود» ورغم فارق المستوى الثقافى والاجتماعى والمهنى كانت بينهما قبلة فى أول أحداث الفيلم وهذا أثار تساؤل الناس وتعجبهم!
- لأن الأحاسيس لا تحتاج إلى أى مقدمات أو تبريرات ويمكن لأى شخص أن يحب دون أن يعرف تبريرا لهذا، وهذا ما حدث بين «محمود» و«ريم»؛ حيث «باسها» منذ أول أو ثانى لقاء لنتجاوز بذلك أى تساؤل عن علاقتهما.
* لكن الدراما تحتاج لتبريرات منطقية!
- لا توجد قواعد جازمة لتبرير كل تصرف، ثم إن التبريرات تختلف من شخص لآخر؛ فقد يقتنع شخص ما بتبرير ولا يقتنع الآخر به، وليست مهمة الدراما أن تقدم تبريرات وافية ترضى الجميع، لكن للأسف الطبيعة البشرية دائما تتطلع إلى المثالية، ولا تستطيع تحقيقها فتضطر إلى التبرير ولا يستطيع أحد أن يرضى كل الناس بنفس النسبة.
* لكن التبرير كان مهماً جداً فى علاقتك بمحمود وأسرته.
- هذا التساؤل طُرح أكثر من مرة فى الفيلم، «اشمعنى محمود وعيلته؟»، ولم يكن هناك سبب واضح، وأجابت ريم أكثر من مرة: «هى جات كده من غير أسباب»، وفعلا هناك تصرفات كثيرة نقوم بها بدافع تعاطف أو مشاعر أو حب، دون أن نجد لها مبررا عقلانيا.
* الفيلم رغم أهميته فإنه قد لا يحقق النجاح الجماهيرى المتوقع، فهل يقلقك هذا الأمر؟
- الفيلم بكل ما يحمله من أفكار وقضايا ومعان أعتبره يخص المخرج يسرى نصر الله، ويمثل لغته السينمائية التى أحترمها وأقدرها، وأتمنى طبعا أن يحبه الناس، خاصة أنه يقدم نماذج بشرية بسيطة، ولكن لا تقلقنى الإيرادات، لأنى قدمت تجربة مقتنعة بها.
* تم تصوير الفيلم فى مدة طويلة، فهل أثر هذا على إيقاع العمل أو التركيز فى الشخصيات؟
- تعاملنا مع كل مشهد على أنه وليد اللحظة، فلم يكن هناك سيناريو محدد مكتوب منذ اللحظة الأولى، لكن يسرى نصر الله كان يكتب عدة مشاهد ونصورها بناء على فهمه واستيعابه للأحداث والشخصيات، ولهذا فإن الفيلم كان «طازجا» فى كل مشهد، وكنت سعيدة به وبكل المشاركين فيه، خاصة أنهم قدموا أدوارا رائعة وبذلوا فيه مجهودا كبيرا.
* شاركتِ مع يوسف شاهين فى فيلم «هى فوضى» ويبدو أنك كنت مصممة على العمل مع يسرى نصر الله، أحد أبناء مدرسة شاهين، فبعد تأجيل فيلم «برج التجارة العالمى» قمت ببطولة هذا الفيلم.
- طبعا، صممت وقررت وتمنيت أن أتعاون مع يسرى نصر الله؛ حيث كان هذا حلما بالنسبة لى، لأنى أراه مخرجا عبقريا وفنانا من طراز نادر له مدرسته الخاصة وأدواته المتميزة، ورغم أنه من مدرسة «شاهين» فإنه لا يشبهه على الإطلاق، وخرج من عباءته تماما منذ أن بدأ العمل منفردا، ربما تعلم منه ثم عمل وفقا لموهبته وقدراته المميزة والمختلفة، وأجمل ما فيه فنيا وإنسانيا أنه يصدق ما يفعله ويتوحد معه؛ لذلك يخرج العمل بحالة من الصدق والتعايش اللذين يطغيان على الجميع، وعندما عملت معه اكتسبت متعة التعلم أثناء العمل، فكل يوم هناك شىء أكتسبه منه.
* أفلام «نصر الله» يقال إنها أفلام مهرجانات وليست أفلاما للجمهور نظرا للغة السينمائية التى يستخدمها.
- كلاسيكية سينما «نصر الله»، أو كون أفلامه تصلح للمهرجانات، هى ميزة إضافية أضعها أمامى وأنا أتعامل معه، وليست عيبا أخاف منه، فأنا كممثلة أحلم أن يكون لى تاريخ فنى شامل، يشمل أفلاما كلاسيكية، وأفلام مهرجانات، وأفلاما خفيفة، وأخرى شبابية، فالاختلاف هو ما يصنع تاريخ الممثل، وليس الإصرار على نوعيات معينة من الأفلام، وإذا كان فيلمى مع يسرى نصر الله سيمنحنى شرف تمثيل مصر فى المهرجانات الدولية، فهذا فخر لى.
* وما جديدك فى السينما والتليفزيون؟ وهل صحيح أن فيلم «خيال الظل» مع أحمد عز تم تأجيله؟
- حاليا لم أستقر على أى سيناريو، سواء للسينما أو التليفزيون؛ فأنا فى مرحلة قراءة بعض الأعمال، وفعلا تم تأجيل فيلم «خيال الظل»، وسيصور «عز» فيلما آخر حتى يتم الانتهاء من كتابة فيلمنا.
* أنت من النجمات القلائل اللاتى يقبلن أفلاما لا ترتبط باسم نجم سوبر وتقبلين أفلاما مع فنانين أقل منك نجومية مثل «بيبو وبشير» مع آسر ياسين و«إذاعة حب» مع شريف سلامة.. فهل تفضلين أن تتصدرى البطولة معتمدة على نجوميتك؟
- مبدئيا أنا لست نجمة، بل مجرد ممثلة لا أكثر ولا أقل، ولا أسير وفق خطط منظمة ولا جداول ولا أفكر وأحسب وأخطط لذلك، فقد أختار أحيانا بشكل خاطئ، وأحيانا أختار بشكل صحيح، وفى الحالتين لا أحزن، فعندما أخطئ أتعلم وأعتبرها تجربة فى تاريخى، وعندما أصيب أشعر بسعادة، وعموما أنا لا أتوقف على نجاحى أو فشلى فى أى عمل، بل أنظر للأمام، ولا أسير وفق نظريات النجوم، أو أضع شرط تصدر الأفيش والأسماء أمام قبولى لأى عمل، بل بالعكس لا يحكمنى إلا شىء واحد فقط وهو أن يعجبنى السيناريو وأشعر أنه يحمل جديدا ويرضى إحساسى كممثلة.
* وكيف ترين الآن حال السينما ومستواها وصناعتها فى ظل الظروف السياسية الحالية بعد الثورة؟
- السينما بعد الثورة انقسم صناعها إلى فريقين، أحدهما لديه إحساس ورغبة فى تغيير الفكر السينمائى والموضوعات إلى نوعية أخرى أفضل وأثقل، والآخر يرغب فى عمل أفلام ترفيهية لإمتاع الناس والتخفيف عنهم، بسبب سخونة الأحداث السياسية، وعموما نحن نحتاج إلى كل أنواع الأفلام، والمهم أن تظل الصناعة قائمة ولا تتوقف؛ لأن هناك مئات الآلاف من العمال والفنيين الذين يعيشون على هذه الصناعة، كما أن مصر رائدة فى صناعة السينما، ولا يمكن أن تبتعد عن هذه الريادة.