خبيرة تكشف جذور الخلافات الجزائرية المغربية وتؤكد إمكانية تجاوز الأزمة
دبيشي: ما بين سطور التصريحات يشير لإمكانية العودة للحوار
الدكتورة عقيلة دبيشي، أستاذ الفلسفة ومدير المركز الفرنسي للدراسات
في الوقت الذي أبدى فيه الكثيرون اندهاشهم من القرار الذي اتخذته الجزائر، بقطع العلاقات مع المغرب، كشفت الدكتورة عقيلة دبيشي، أستاذ الفلسفة، مدير المركز الفرنسي للدراسات، عن جذور التوتر في العلاقات الجزائراية المغربية، مشيرة في الوقت نفسه إلى وجود إمكانية تجاوز الأزمة والعودة للحوار والعلاقات.
طبيعة العلاقات المتوترة
وقالت الدكتورة عقيلة دبيشي، في تصريحات خاصة لـ«الوطن»، إنه لا يمكن اعتبار قطع العلاقات بين الجزائر والمغرب وليد لحظة معينة جديدة، فهي علاقات متوترة قديمة منذ أزمة النزاع بين البلدين على الصحراء الغربية والمشكلات الحدودية، ناهيك عن التطورات السياسية الأخيرة وسياقات متعددة تراكمت أيضًا وفاقمت من هذه الصعوبات، منها الملفات الخلافية كالأزمة الليبية، حيث كان هناك اختلاف رؤى بين الدولتين لتسوية الأزمة الليبية، الجزائر كانت تريد تعديل اتفاق تعديل اتفاق الصخيرات الذي تم برعاية مغربية، ودعم قدرات حكومة الوفاق الوطني حينها، الأمر الذي أثار حفيظة المغرب، الذي طالب حينها برفع حظر السلاح المفروض على الجيش الليبي بقيادة حفتر، حيث أصبحت ليبيا بمثابة الحديقة الخلفية للصراع المغربي الجزائري.
وأشارت دبيشي إلى أن تطبيع علاقات المغرب مع إسرائيل يُعتبر أيضًا من الملفات التي باعدت بين البلدين، لا سيما أن الجزائر تُعتبر من أكثر الدول الداعمة للقضية الفلسطينية، ليس على المستوى السياسي، بل على المستوى الشعبي.
الاتهامات لمنظمة الماك
وبالاضافة لذلك، تأتي اتهامات الجزائر لمنظمة الماك بأنها خلف الحرائق الأخيرة: إذ تعتبر الجزائر أن هذه المنظمة غير قانونية وهي مصنفة لديها بأنها منظمة إرهابية مدعومة من المغرب، وأنها تقف وراء الحرائق الأخيرة في الجزائر والتي خلقت أزمات بيئية خطير جدًا.
ولفتت مدير المركز الفرنسي للدراسات إلى أن كلتا الدولتين تسعيان للعب دور تنافسي إقليمي تجاه الأزمات التي تشهدها منطقة شمال أفريقيا، وكذلك الدول الأفريقية جنوب الصحراء.
إمكانية لتجاوز الأزمة
إلا أنه وفقًا لتأكيد الخبيرة الفرنسية ذات الأصول الجزائرية، فإن هذا كله لا يعني أن تصل الأمور الى حد الاقتتال، فما زالت أزمة قطع العلاقات تدار على المستويات السياسية العليا ولم تصل إلى حالة من العداء بين الشعبين، فالتصريحات السياسية رغم شدتها، إلا أن من يقرأ مؤشرات ما بين سطور التصريحات يجد أن هناك إمكانية لتجاوز الأزمة والعودة الحوار والعلاقات.
ولفتت دبيشي في هذا السياق إلى أن البيان المغربي الذي أعرب فيه رئيس الحكومة سعد الدين العثماني عن أسفه لقطع العلاقات، تضمّن أيضًا أمنيات رئيس الوزراء بعودة العلاقات بالقريب العاجل، وقال إن عودة العلاقات هذا هو قدر محتوم ضروري تمليه أولاً وقبل كل شيء المصالح المشتركة وبناء المستقبل المشترك.
القنصليات تباشر عملها
أما وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة الذي أعلن قطع العلاقات في المؤتمر الصحفي، أيضًا فجاء في خطابه أن قطع العلاقات مع المغرب لا يعني تضرر مواطني البلدين، موضحًا أن القنصليات تباشر عملها بصفة طبيعية.
واعتبرت مديرة المركز الفرنسي للدراسات أن هذه بحد ذاتها مؤشرات مهمة أن كل من البلدين يرسل رسائل سياسية بأن الأمور لن تصل إلى العنف أو التطورات التي لا يمكن العدول عنها.
لكن، وفقًا لدبيشي، فإن عودة العلاقات لن تحدث بالوقت الراهن على الأغلب، فما زالت مؤشرات الحالة الراهنة ترجح استمرار نمط التوتر الغالب على العلاقات، لا سيما في حال إن تبنت المغرب سياسة توتير الأجواء بشكل أوسع.