حصلت «ندى صبرى عبدالمحسن» على الثانوية العامة هذا العام بمجموع 90%، تقدمت بأوراقها إلى مكتب التنسيق واختارت الالتحاق بكلية الآداب جامعة القاهرة. كانت فرحتها غامرة عندما وصلت إليها بطاقة الترشيح لتعلن عن قبولها بالكلية، فأخيراً سوف تحقق حلمها فى الدراسة بقسم «علم النفس».
ذهبت إلى الكلية وسجلت رغبتها فى الالتحاق بالقسم فى أوراق التنسيق الداخلى، فوجئت برفض قبولها وتوزيعها على قسم آخر.. أتدرون لماذا؟.. لأنها تعانى من إعاقة حركية!. حكت لى إحدى قريبات «ندى» الواقعة، استفزنى الأمر للغاية، فذهبت إلى قسم علم النفس بكلية الآداب لأقابل رئيس القسم، فلم يتيسر لى ذلك، فالتقيت بأحد أساتذة القسم من أصدقائى القدامى فأفادنى بأن القسم لا يقبل ذوى الاحتياجات الخاصة بين طلابه، ولم يؤكد لى هل هذا الرفض يتم طبقاً لنصوص لائحة أم أن الأمر يتعلق بمجرد «عرف»!.
تصوروا.. يحدث هذا فى كلية الآداب جامعة القاهرة التى كان الدكتور طه حسين «الكفيف» عميدها. وفى قسم علم النفس الذى يعلّم خريجيه كيف يقرأون ويحللون أخاديد النفس الإنسانية، ويفهم أساتذته جيداً معنى أن تحطّم نفسية فتاة ابتلاها الله بإعاقة، ثم أعانها على التفوق الدراسى حتى التحقت بالجامعة، ولا تريد شيئاً أكثر من أن تحصل على حقها فى الدراسة بالقسم الذى تفضله. والأدهى والأمر أن ذلك يحدث بعد قيام ثورة تدافع عن «المهمشين» فوق أرض المحروسة، وعلى رأسهم المعاقون الذين يصل عددهم فى مصر إلى 10 ملايين معاق. نادت الثورة بتمكين المعاقين من حقوقهم المهدرة فى التعليم والعمل، وتمثيلهم فى كافة المجالس التشريعية، وبالطبع فقد تعامل الواقع المصرى مع هذه المطالب بنفس الطريقة التى تعاملت بها كلية الآداب مع «ندى»!.
إننى أضع هذه الحالة بين يدى الدكتور «حسام كامل» رئيس جامعة القاهرة وأنا أعلم أنه سيتعامل معها بما تستحق من اهتمام. فقد سبق والتقيت به خلال أزمة كلية الإعلام التى أعقبت ثورة 25 من يناير، ولمست ما يتمتع به من تفتح عقلى، وقدرة على الاستماع، وتفهم للمشكلات، وقدرة على إيجاد حلول لها. إنه من الظلم أن نحرم المجتمع من عطاء أى إنسان يمكن أن ينفع الناس لمجرد أنه معاق. وأدعو إخوانى وأخواتى وأبنائى من ذوى الاحتياجات الخاصة لأن يرسلوا على بريدى الإلكترونى المرفق بهذا المقال كل ما يشتكون منه وتصوراتهم لكيفية نيل حقوقهم. لأنه قد آن الأوان كى نقاوم أية رؤى عنصرية ترتكز على التمييز السلبى فى النظر إلى هذا القطاع العريض من المصريين.. فما ضاع حق وراءه مطالب به.. وفى انتظار رد الدكتور حسام كامل على «ندى».