حقوق الإنسان هى مجموعة من المبادئ والمعايير الاجتماعية والأخلاقية التى تعبر عن عدد من الحقوق الأساسية التى لا يجوز المساس بها، وهى مستحقة وأصيلة لكل إنسان أياً كان.. التقرير الأخير لمنظمة مراقبة حقوق الإنسان «هيومان رايتس ووتش» عن وضع حقوق الإنسان فى مصر هو عمل مغرض، ومثل هذه التقارير يعتمد أحياناً على أخطاء موجودة عندنا بالفعل وتضخّمها للغاية وتمنحها أوزاناً نسبية أكبر بكثير من حقيقتها وتقتطعها من سياقات إيجابية أخرى لا يتم ذكرها.
مصر جزء أصيل من نظام عالمى كبير، لا نعيش فيه وحدنا؛ لسنا منعزلين كإيران أو عماليق كالصين، أو قطباً عالمياً كروسيا، هؤلاء لا تعنيهم أى ضغوطات دولية، فهم يمثلون تحالفاً عالمياً موازياً له قوانينه الخاصة.
يجب علينا ألا نستغرق كثيراً فى محاولات الحصول على شهادات حُسن السير والسلوك، لأن بعض المنظمات الدولية موجّهة، وهؤلاء لن يرضوا عنك حتى تتبع ملتهم الإخوانية (لاحظ أن عمليات حرق تنظيم الإخوان الإرهابى للكنائس فى وضح النهار لم تُصدر عنه أى بيانات حتى الآن). هم لا يعنيهم لا حقوق الإنسان ولا حتى حقوق عين شمس.
حقوق الإنسان منها ما هو اجتماعى واقتصادى، وهذا حقّقت مصر فيه تقدماً كبيراً فى مجالات كالصحة والخدمات العامة، ولكنها أمور لن تكون فى بؤرة ضوء الجهات الخارجية، لأنها جهات مُغرضة لا تبحث عن الإنسان وحقوقه؛ الموضوع كله يتعلق بالضغط على الإدارة المصرية للحصول على مكاسب إقليمية.. وهناك كذلك الحقوق المدنية والسياسية، ومنها حرية التعبير والتعبد وغيرهما، ونحن لسنا وسط أوروبا مثلاً، وطبيعى أن تكون لدينا مشكلات، علينا فقط حلها بحسم وحزم، والإعلان عنها بشجاعة وشفافية.
تأمل سريع فى أسماء فريق الرئيس الأمريكى الحالى لن يسعدنا كثيراً، ويجعلنا نظن أن القادم أصعب، ولكن علينا أن نتذكر جيداً أمرين: أولهما أن أمريكا دولة شديدة البراجماتية، لا تحركها إلا مصالحها المباشرة (أو غير المباشرة عبر إسرائيل).. وثانيهما أن الإدارة الديمقراطية وقت أوباما لم تتمكن فى أوج عنفوانها، وفى ذروة ضعف الدولة المصرية ووقوفها على بوابة نقطة اللاعودة، من فعل أى شىء ضد إرادة المصريين.
فكرة أن تتطور الأمور ويتم فرض أى عقوبات على مصر على غرار ما يحدث مع دول مثل تركيا أو روسيا أو الصين هو أمر يجب ألا نستبعده تماماً، حتى لو كانت تلك العقوبات غير مؤثرة، وحتى لو كانت لدينا أوراق ضغط كثيرة للرد، لكنه يبقى فى النهاية أمراً غير مستبعد لا بد أن نستعد له.
أخيراً؛ من الجدير ملاحظة أن الكثير من المنظمات الدولية لا تعرف من الحقوق الإنسانية غير تلك الموجّهة إلى فئتين حصراً، الشواذ والمساجين! الفئة الأولى يمكن أن نعطى لهم حقوقهم بعد أن نستوفى الحقوق الكثيرة للأسوياء!! أما فى ما يتعلق بالسجون فسجوننا ليست حدائق هولندا، ولدينا مشكلات لكن تصاحبها إرادة لحلها، والأمر يحتاج إلى إمكانيات، وعلى الدول الغربية المانحة، إن أرادت، مساعدتنا على رفع كفاءة كل السجون.